| عزيزتـي الجزيرة
في أحد المؤتمرات الصحفية.. شاهدت مراسلاً أجنبياً كان من بين وفد صحفي كبير صحب وفداً اقتصادياً زائراً للمملكة.. كان المراسل الصحفي وعمره يتجاوز الستين عاماً يخرج من حقيبة جلدية صغيرة كانت معه نوتة صغيرة وراح يسجل في اهتمام بالغ وقائع المؤتمر الصحفي الهام..
كان يدور بسرعة وكأنه صحفي مبتدئ لا يريد أن تفلت منه كلمة واحدة مما يقال..استرعى المنظر انتباهي فمكثت أتابعه حتى انتهاء المؤتمر الصحفي فاقتربت منه وسألته عما يفعل.. فابتسم وهو يقول لي.. عدد كبير من الصحفيين الذين تراهم كانوا يسجلون وقائع المؤتمر الصحفي بحذافيره.. أما أنا فأنني كنت أسجل أهم النقاط التي دار حولها الحوار والأسئلة..
وكنت أيضاً أسجل ردود الفعل لدى المسؤولين حول بعض القضايا التي أثارها الصحفيون وكيف كانت إجاباتهم عليها.. هل هي سريعة مقتضبة أم متأنية مسهبة.. كنت أسجل تعابير وجوه الحاضرين وهم يسألون أو يجيبون.. لأنقل للقارئ الجو الحقيقي الذي ساد المؤتمر الصحفي..
أما وقائع المؤتمر نفسه فإنني سأجده فور خروجي من هذه القاعة لأن جميع الوكالات نقلته مباشرة إلى أجهزتها حول العالم.. هل فهمت يا سيدي ماذا كنت أفعل..؟ وقبل أن يودعني عرفت أنه مسؤول كبير بإحدى وكالات الأنباء أدركته حرفة الصحافة وأمسكت بتلابيبه فغادر مكتبه المريح بحثاً عن تعبها اللذيد بعد أن تحول العمل عنده إلى هواية وعشق.. لا يعرفه إلا من مارس مهنة المتاعب.
* بعد .. الافتتاح
ذهبت في اليوم التالي لافتتاح أحد المعارض الفنية التشكيلية.. وخلال ساعة أو اكثر تجولت في أرجاء المعرض .. لم يدخل المعرض خلالها سواي .. أما في خارج صالة العرض.. فقد كان هناك -الحارس- أو المسؤول عنها- .. وقبل أن أنصرف سألت الحارس أو المسؤول - لافرق - .. أين الناس .. فاجابني وهو يضحك بملء حسه.. أي ناس.. قلت عشاق الفن التشكيلي.. قال لقد افرنقعوا بعد ساعة واحدة من افتتاح المعرض وانصراف راعي الافتتاح .. ومضى مواصلاً حديثه دون أن اطلب منه ذلك وكأنما أنا اتحت له فرصة الكلام بعد سكوت دام طويلاً..
بالأمس يا صديقي كانت الصالة مزدحمة بالناس أشكال وألوان الذين التفوا حول الشخصية الكبيرة التي افتتحت المعرض وتزاحم الصحفيون وكاميرات المصورين الصحفيين والتلفزيون ولم يكن تركيزهم على اللوحات الفنية وصاحبها بقدر تركيزهم على الشخصية التي افتتحت المعرض.. وخلال ساعة انفض السامر وانصرف معظم الحضور..
ماعدا بعض اصدقاء الفنان التشكيلي راحوا يتبادلون الأحاديث حول أمور بعيدة عن المعرض ومحتوياته قلت له يبدو أن هذا الأمر مقصور على هذا المعرض لأن صاحبه غير مشهور.. فضحك حارس الصالة أو المسؤول عنها ضحكة أكبر من الأولى وهو يقول يبدو انك غير متابع للمعارض الفنية التشكيلية.. انني اعمل هنا منذ خمس سنوات ..
ولم اجد أي اختلاف فيما بينها -إلا ما رحم ربك- وما رحم ربك هو معرض أو معرضين أو اثنين من كبار الفنانين المشهورين..أما عداهم .. فهذا مصير معارضهم.. قلت وما هو مصير هذه اللوحات الجميلة.. قال.. يجمعها صاحبها بعد نهاية موعد العرض .. ويعود بها من حيث أتى بها..وتصبح مشكلته هو البحث عن مكان يكوم فيه تلك الأعمال... وبعضهم يبقيها لدينا مقابل مبلغ معين .. يخصم من قيمة بيعها.
وقليل من يشتري هذه الأيام . وكنت أود أن استغل رغبة صاحبنا في الحديث وأسأله حول حلقات النقاش النقدية التي صاحبت أيام المعرض.. ولكنني تراجعت حتى لا يصدمني بكلام لا يسر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بسرعة ..بسرعة.. بسرعة
أحلم بمسلسل تلفزيوني عربي.. يصور حياة إنسان شريف يكسب رزقه من عرقه وجهده .. ويواجه كل الصعوبات والمشكلات .. ويقفز فوق العراقيل.. بفضل إيمانه بالله ثم بفضل مثابرته.
احلم بمسلسل تلفزيوني عربي ليس فيه خداع أو نصب واحتيال ولا رشوة ولا مخدرات.
احلم بمسلسل تلفزيوني عربي فيه انتصار للعمل المخلص.. والامل والتفاؤل والخير.
احلم بمسلسل تلفزيوني عربي خال من الحبكة الدرامية الجامعة لكل نكد الدنيا وسوءات الانسان وعوراته.
احلم بمسلسل تلفزيوني عربي يقتحم بحر الحياة الواقعية بجسارة لاستخلاص قصص تنتمي للإنسان العربي.. بعيداً عن الشخصيات العدمية من الراقصات وتجار المخدرات والمنحرفين الذين يعيشون على هامش مجتمع ضخم.
احلم بمسلسل تلفزيوني ينأى بنفسه عن الوقوع في مصيدة السوق وارضاء حاجة المنتج إلى الكسب السريع.. قولوا آمين.
عبدالعزيز التميمي
|
|
|
|
|