| مقـالات
إن الشعوب تريد السلام، والبلدان التي ذاقت مر الحرب ليس في مقدورها حساب الخسارة. إن مئات المليارات تصبها الحكومة في الحروب، على حين ترفض صرفها في سبيل مشروعات إنمائية في البلاد وإن النفقات الحربية سواء اعترفت بها الدولة أم لم تعترف تفوق نصف ميزانية فرنسا ولو استخدمت هذه الأموال في السلم، لتحول العمال والعاطلون عن العمل إلى العمل المنتج، ولاكتملت حاجة فرنسا إلى ماتريده من مبان، ومدارس، ومستشفيات ومصحات.
كم من المصاريف مايمكن توجيهه إلى تحسين حال الفرنسيين في القرى والمدن!
ومع سباق التسلح، فإنه لا مستقبل لشعوب العالم دون سلام حقيقي. وإذا استتب السلم فسيمكن الوقوف على كثير من أسرار الكون، والسيطرة على المجاعة والمرض، وتأمين أسباب الرفاهية( إيرين كوري.
كم هو خافت ومثالي ومنفصل عن واقعه صوت السلام، هذه الكلمات الرقيقة المثالية التي كانت مدام كوري ترفعها في وجه العالم المهرول بجنون باتجاه الحرب على حين كان المرض يأكل جسدها ذلك المرض الذي أصيبت به اثر تعرضها الطويل لإشعاع عنصر )الراديوم( أحد العناصر المكونة للسلاح الذري.
والصوت الأخضر يضيع دوما وسط طوفان الحرب وقوانين القوة، هل هي أحد السنن والقوانين الكونية في البقاء للأقوى، أو لربما البقاء للأذكى والأكثر قدرة على التكيف مع الحياة وتغيراتها الدائمة المتصلة....؟! أيهم ولكن ليس من مكان لصوت العقل في لغات الحرب.
كم من مدرسة ومستشفى ومشروع ثقافي تنموي أغلقت أو أجلت إلى أجل غير مسمى في كل من الهند والباكستان في سباقهما المحموم نحو امتلاك السلاح النووي ذي الدمار الشامل؟
عدد المهجرين والمتشردين في أفغانستان )80ألفاً( يعيشون في أوضاع مرعبة من الفقر والعوز والحاجة إلى العلاج، على حين ان مافيا السلاح وتهريب المخدرات تجد أفضل مناخ لها بين الفصائل المتقاتلة في افغانستان وأرض الرافدين.. كبيرة كانت )تورتة( عيد ميلاد القائد المظفر كبيرة بحجم الحزن والوجع ومؤلمة بعدد أطفال العراق الذين يتقصفون تحت أقدام العوز والرعب وحروب لاتنقطع.
والسلام بالتأكيد ليس له علاقة ب )أوسلو( أو الذي يجري بين العرب وبين العدو الإسرائليي فالذي يجري هو حرب متبجحة ومختالة باختلال قوانين القوى والتي تمرر من تحت طاولة المفاوضات ماشاءت.. وماطاب لها ان تشاء.. وما تهمس به القنابل المرقدة تحت أرض العسل واللبن والمعدة لكل عاصمة عربية...!!!
الحروب هي التي تصنع التاريخ.. أم إن المؤرخين مغرمون بتتبع الحروب باعتبارها الوقود الذي يحرك التاريخ والحماس الذي يؤجج ملامحه، ومادون هذا هو هدنة صغيرة متناثرة هنا وهناك تلتقط فيها البشرية أنفاسها وعندما تبدأ الزهور في النمو فوق قبور الشهداء وتشرب الأرض دماءها ويهدأ الوغى ويشرع في بناء مدرسة وتأليف كتاب... لاتلبث ان تدق طبول الحرب من جديد نحو أحلام لم تندثر عبر التاريخ يصنعها الرجال من أجل المزيد من الهيمنة والقوة وصولجانات المجد والبطولة.
ردود: الأخت نبيلة: شكراً لكلماتك اللطيفة ومتابعتك، د. هويدا الحارثي من مواليد الطائف، ولربما نتناول ماطلبته في حلقة قادمة.
|
|
|
|
|