| الاخيــرة
يعد مستوى الجريمة في المملكة من أدنى معدلات الجريمة في العالم، وإذا أثير تساؤل عن تغير معدل الجريمة أو الاختلاف الذي طرأ على أسلوب أو نوع الجريمة وعلاقة ذلك بما طرأ من اختلاف في طريقة المعالجة الصحفية، فإنه يهمنا التأكيد على أن هذا التغير لا يعني التخلي عن المركز الأول في تدني مستوى الجريمة في العالم فدراسات المقارنة التي قمت بها وقام بها غيري بين معدل الجريمة في المملكة وإحدى المدن الأوروبية أو الأمريكية )لندن، باريس، سان فرانسيسكو، شيكاغو، أو لوس انجلوس( أثبتت أن مستوى الجريمة في المملكة لا يقارن بمستواه في أي من هذه المدن من حيث ارتفاع معدل الجريمة فيها، فالمعدل الزمني لوقوع الجريمة في مدينة مثل سان فرانسيسكو هو خمس دقائق، وكذلك الحال في المدن الأخرى ما بين الدقيقة والسبع دقائق، مع مراعاة الفارق في قائمة التجريم حيث ترتفع في النظام العقابي السعودي عنه في تلك الدول، فإذا كانت هذه المقارنة بين دولة هنا ومدينة هناك فهذا دليل قاطع على تدني مستوى الجريمة في المملكة.
إن من أهم الأركان المؤدية الى انخفاض مستوى الجريمة في المجتمع السعودي: قوة الوازع الديني لدى الفرد، تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي، تماسك الأسرة، والتكافل الاجتماعي، إن العدالة الجنائية في الإسلام بشكل عام تقوم على الربط بين المبادئ الدينية من ناحية والبشرى بالثواب في الآخرة مقابل امتثال هذه المبادئ أو الوعيد بالعقاب في حال مخالفتها من الناحية الأخرى. وتعتبر هذه المنهجية فريدة حيث إنها تخلق حافزا قويا للمجتمع كي يسلك الصراط المستقيم، ويقر الإسلام ضمنا استحالة إحاطة الدولة أو السلطة الحاكمة بجميع المخالفات القانونية التي تحدث في المجتمع، ولذلك فإن هذه السلطات لوحدها لن تكون قادرة على منع حدوث تلك المخالفات، فوجود الرادع الديني يجعل من كل فرد قاضيا على نفسه، يمنعه إيمانه من الاعتداء على حقوق الآخرين،
فإذا كان الرادع عن السرقة خوف الرقيب والعقوبة الدنيوية، فإن المسلم يمتنع عن السرقة لما يعرف عن عظم ذنب السارق، فهو يخشى العذاب الأخروي، والنفس اللوامة تمنعه من ارتكاب الجرم، وهذا يندر أن يكون في مجتمع غير إسلامي،
إن شمولية الدين الإسلامي لم تهمل الجانب التشريعي بل إنها أولت التشريع الجنائي أهمية قصوى حتى أصبح علما مستقلا بذاته، وكلما توغل الدارس في هذا العلم اتضح له عمق هذه الشريعة، والمملكة العربية السعودية في مقدمة الدول القلائل التي تطبق التشريع الجنائي الإسلامي منذ تأسيسها، ولأن هذا التشريع مبني على الكتاب والسنة، فقد كان فعالا في كبح جماح التيار الإجرامي، ولقد أثبت أنه النظام الوحيد القادر على مواجهة الجريمة في بدائيتها أو تطورها، نظرا لما فيه من قدرة ومرونة على معالجة الثابت ب)الحدود( والمتغير ب)التعزير(، ،
ومن الأصول الأساسية لاستتباب الأمن التماسك الأسري والاستقرار العائلي، فالأسرة نواة المجتمع، وهي اللبنة الأولى التي إن هيئت بشكل قوي ومحصن، كانت قادرة على التعامل مع المتغيرات، وإن كانت ضعيفة التحصين هشة التكوين توشك أن تسقط مع أول نسمة هواء، فإن كانت الأسرة متماسكة أخرجت أفرادا صالحين، لديهم من الاستقرار النفسي ما يمنعهم من الانخراط في شراك الإجرام وإن كانت الأسرة مفككة كان أفرادها أقرب الى الانحراف النفسي والقرب من الحظيرة الإجرامية،
وللتكافل الاجتماعي دوره المهم في تضييق دائرة الاجرام، ولقد تكفل النظام الإسلامي بمساعدة المحتاجين، واختصهم بنصيب مفروض في رأس مال الأغنياء، لإيجاد مجتمع يسوده العدل والإحسان والتكامل، وتشد أفراده روابط الأخوة وتشابك المصالح، ،
إن العمل بتعاليم الدين الإسلامي في كل أوجه الحياة، وتطبيق التشريع الجنائي الإسلامي في المملكة، له أثره المباشر والواضح في خفض معدل الجريمة رغم أنف منظمة العدل المنحازة وأنف الحاقدين على هذه البلاد،
ALJAZIRAH@hotmail، com
|
|
|
|
|