|
| مقـالات
حظيت شخصية الملك فيصل بن عبدالعزيز باهتمام المتابعين والباحثين لما تجلى فيها من صفات قيادية وانسانية، جعلت منه رحمه الله من ابرز شخصيات تاريخ العرب المعاصر الذين يشار اليهم ويشاد بأعمالهم ومواقفهم وتجربتهم.
ومن احدث الدراسات التاريخية التي كتبت عن الفيصل دراسة صدرت عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية تحمل عنوان )فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وجهوده في القضايا العربية والاسلامية )1324 1395ه/ 1906 1975م( للدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحصين، وجاءت الدراسة في 432 صفحة من القطع المتوسط، وقسمت الى خمسة فصول اضافة الى تمهيد وخاتمة وقائمة بالمصادر والملاحق.
في التمهيد ركز الباحث حديثه عن الفيصل كإنسان متطرقا الى نسبه ومولده ونشأته وصفاته ومجلسه وبرنامجه اليومي وكل ما له علاقة بجوانب سيرته وشخصيته، وقد حاول الباحث تغطية هذه الجوانب بذكر المعلومات المتوافرة في المصادر المتاحة، علاوة على اتصاله بأشخاص تعاملوا معه بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال يصف الباحث حنانه فينقل عن السفير أحمد عبدالجبار، الذي كان قد رافق الفيصل لحضور احد المؤتمرات الدولية، قوله: «كنت ساهرا )أي أحمد عبدالجبار( بمكتبي في اوتيل فيرمونت بعد الساعة الثانية والنصف صباحا على الاوراق، أذكر أنني شعرت بشخص يقف على الباب وكان مفتوحا فالتفت فوجدت أنه الملك فيصل فبادرني وأنا انهض احتراماً بالقول: «يا ولدي هل أنت مجنون؟» فصعقت من السائل وجرحت من السؤال وقلت بحشرجة: «نعم يا مولاي أنا مجنون لأنني أعمل والوقت للنوم وليس من يهتم أو يقدر» فأجاب بحنان أبوي: «عندما قلت إنك مجنون لم اقصد الا عدم اكتراثك بصحتك» وذهبت في اليوم التالي سائلاً: «هل أنت غاضب مني؟» فأجاب: «أنا زعلان لك لا منك».
وفي رأيي أن هذه الرواية مع ما تحمل من حنان ورأفة الفيصل الا أنها ايضا توضح سعة صدر الفيصل وحلمه فهو لم يغضب او ينفعل من رد عبدالجبار، بل بادر على الفور الى توضيح مقصده.
ومن الصور الأخرى التي يوردها الباحث بلاغته وإيجازه في الحديث، ويدلل هذه المرة برواية للشيخ محمد بن ناصر العبودي الامين العام المساعد لرابطة العالم الاسلامي سابقا الذي ذكر أنه ذهب الى مقابلة الفيصل لوداعه قبل سفره في مهمة اسلامية في افريقيا، وقال العبودي للفيصل إن من الصعوبات التي ستواجهه عدم وجود سفارات سعودية في معظم بلدان افريقيا التي سيقصدونها وهو يطلب نصحه فقال له الفيصل: «اسمع يا اخي أنا أقول لك جملة واحدة ما أزيد عليها، راقب الله بأفعالك وأقوالك تنجح، في أمان الله».
وسأتابع في الحلقتين القادمتين إن شاء الله عرض هذا الكتاب والتعليق على محتواه.
|
|
|
|
|
