| تحقيقات
ظهرت في الآونة الأخيرة ما تسمى بالعباءة «المخصَّرة» وهناك من يطلق عليها العباءة الفرنسية، والتي تحمل مواصفات دخيلة على العباءة الشرعية الساترة، هذه العباءة المخصرة او الدخيلة تفشّت بين نسائنا لأسباب سوف نناقشها في التحقيق
كما نتحدث عن مواصفات العباءة الشرعية والحكم فيها، وجهود بعض المؤسسات والجهات الحكومية من أجل الحد من انتشار هذه الظاهرة، والفتوى الصادرة من «إدارة البحوث العلمية والإفتاء» كما سنتطرق الى ما تجره العباءة المخصرة من سلبيات قد تقود الى مقاصد وأضرار ..
أسباب انتشارها
في البداية تحدثت الينا أم فهد مدرسة في إحدى الثانويات بالرياض» وتقول: بالفعل أصبحنا نلاحظ انتشار هذه العباءة على بناتنا بل انها ظاهرة استفحلت بينهن، ولا أعلم ما سبب انتشارها بهذا الشكل، لكن أعتقد ان بحث فتياتنا عن كل جديد دون النظر الى مضاره أدى الى انتشار مثل هذه العباءات بالشكل الملفت، وقالت: وبصفتي مدرسة وفي مرحلة مهمة جدا بالنسبة للفتيات لذلك أحاول نصحهن وإخبارهن بمضار لبس هذه العباءة لكن أغلب الفتيات لا يسمعن الى نصيحتي، كما ان الرئاسة العامة لتعليم البنات حاولت من خلال تعاميم تصدرها منع هذه العباءة ولكن لا حياة لمن تنادي.
وتقول منى الصالح: الحقيقة ان تفشي هذه الظاهرة يعود الى أمور عدة أهمها الدعاية لها في كل مكان، فأينما تدخل أي محل تجده مليئا بعرض مثل هذه العباءات، وكأن تواجدها شيء عادي جدا، لذلك فان بعض النساء بمجرد رؤيتهن لهذه المعروضات يعتقدن انها جائزة، كما ان بعض الفتيات اللاتي يتباهين بكل شيء جديد يرين ان لبس مثل هذه العباءات من الأشياء المتمشية مع العصر والموديلات الجديدة لذلك يحرصن على لبسها ثم يتأثر بهن بعض الفتيات ويقمن بتقليدهن.
ضعف الرقابة الأسرية
وتضيف فاتن العبد الله على هذه الأسباب ضعف الرقابة من قبل أولياء الأمور الذين يعتبرون الشيء الأهم في انتشار مثل هذه الظاهرة فلو ان كل ولي أمر دعا زوجته او أخته او ابنته الى عدم لبس هذه العباءة وأبدى غضبه من لبس او شراء مثل هذه العباءة لحد من انتشارها وكان المحور الأهم في عدم تفشيها بين النساء ولعلي أؤكد على نقطة مهمة جدا وهي عدم وعي بعض النساء والفتيات بالمخاطر التي تجرها مثل هذه العباءات حيث قد تؤدي الى أخطار كثيرة قد تصل الى أمور لا تحمد عقباها من خلال إبراز محاسن ومفاتن المراهقات والقاصرات التي تدفع بعض الفضوليين والفارغين من الشباب لملاحقتهن والايقاع بهن في حبائلهم فتكون الفتاة بذلك قد جنت على نفسها وعلى غيرها.
المخاطر المترتبة
وبعد أن ناقشنا سبب انتشار مثل هذه الظاهرة نأتي هنا لبحث أخطار هذه العباءة ومدى الويلات التي قد تجرها عندما تلبسها بعض النسوة، فعن هذا المحور تقول أم عبد العزيز: الكثير من النساء او الفتيات يعانين من المعاكسات في الأسواق خاصة من قبل الشباب، لكن أيضا الشباب لا يقومون بمعاكسة المرأة إلا في وجود بعض الدلائل التي تشير الى ذلك، فمثلا لبس العباءة المخصرة من أهم الأشياء التي تجذب الشباب وتجعلهم يلاحقون هذه المرأة، خاصة وان مثل هذه العباءة تبرز مفاتن المرأة أمام أنظار وأعين بعض المتعطشين لمثل هذه المشاهد المثيرة وبالتالي ينقاد لهوى المتابعة والملاحقة وقد تتطور الأمور من حيث لا يدري الجميع الى أمور تدخل في اطار الشبهات المنبوذة.
كما انه ومن خلال اختلاطي مع جميع الفئات كوني أعمل في أحد البنوك رأيت ان الفتيات انزلقن بشكل لافت للنظر في لبس مثل هذه الألبسة التي تزيد من فتنة المرأة، ولعل قلة الوازع الديني عند بعض فتياتنا وعدم التزامهن بتعاليم الشريعة من أهم أسباب الانزلاق في هذا الأمر، خاصة وانها أي التعاليم الشرعية تحثنا على ان تكون المرأة محتشمة في لبسها وان تتقي الله في كل ما تعمله، وتعلم ان لبس مثل هذه العباءات ونحوها يتنافى مع التزامها بتعاليم الشريعة والتقاليد الحميدة .
ويقول ناصر العجمي وهو قائد حافلة في إحدى مدارس البنات: من خلال عملي لاحظت ان الشباب الذي يقوم بملاحقة الحافلات دائما يكون حول الفتاة التي تكون مميزة في لبسها مثل لبس العباءة والنقاب لأن الشباب حينما يرون الفتاة متحشمة ولا تلبس مثل هذه الألبسة لايلتفتون اليها ولا يلقون لها بالا ولكنهم يضعون عيونهم على تلك الفتاة التي تلبس عباءة وملابس تبرز مفاتن الجسم.
جهود رجال الحسبة
ونحن في جولة في أحد الأسواق بادرنا أحد رجال الهيئة الذي كان متواجدا وسألناه عن هذا الموضوع فأجاب: ان ازدياد نسبة المعاكسات بسبب هذه الألبسة التي توحي للشباب بأن الفتاة قد تتقبل ما سيصدر منهم، لذلك هي سبب مباشر في فتنة البعض.
وعن جهود الهيئة في هذه الحالة أكد انها دائما تقوم بنصح الفتيات اللاتي يلبسن مثل هذه الألبسة وتزويدها ببعض الكتب والأشرطة الدينية التي توضح أخطار مثل هذا التصرف الذي قد يصل بها الى أمور لا تحمد عقباها.. كما ان الهيئة تقوم بمتابعة المحلات النسائية التي تبيع مثل هذه الألبسة ومحاولة ايضاح حرمة بيع العباءات المخالفة لتعاليم الشرع، ومحاولة إزالة أياً منها بمحاورة الشخص وتنبيهه الى الخطر الذي قد يسببه بيع مثل هذه الملبوسات على بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا والكثير منهم يقتنع بالموضوع ويبادر بإزالة وإبعاد ما عنده من هذه الملبوسات.
وأثناء الجولة دخلنا أحد المحلات التي تبيع طرحا وعباءات نسائية وقابلنا صاحبه ابراهيم الحمد الذي أكد لنا انه كان يقوم ببيع مثل هذه العباءات التي لا تحمل الشروط الشرعية، ولما قام رجال الهيئة بتوضيح الأمر وأنه لا يجوز نشر وبيع وصناعة مثل هذه العباءات المخالفة قمت بإزالتها وعدم بيعها، واقتنعت بكلامهم حيث سألوني.. هل ترضى ان تلبس أختك او ابنتك مثل هذه الألبسة فقلت: لا، قالوا اذا كيف ترضى للفتيات ان يلبسنها وأنت من يقوم ببيعها؟!
شروط العباءة الشرعية
عن جهود الجهات المسؤولة نتطرق هنا الى بعض الجهات الحكومية التي تصدت لمثل هذه العباءات حيث أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى هذا نصها: «ان العباءة الشرعية للمرأة وهي الجلباب هي ما تحقق فيها قصد الشارع من كمال الستر والبعد عن الفتنة وبناء على ذلك فلا بد لعباءة المرأة ان تتوافر فيها الأوصاف التالية .. ان تكون سميكة لا تظهر ما تحتها، ولا تكون لها خاصية الالتصاق، ان تكون ساترة لجميع الجسم واسعة لا تبدي تقاطيعه، ان تكون مفتوحة من الأمام فقط وتكون فتحة الأكمام ضيقة، ألا يكون فيها زينة تلفت اليها الأنظار وعليه فلا بد ان تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات، ألا تكون مشابهة للباس الكافرات او الرجال، ان توضع العباءة على هامة الرأس ابتداء.
وعلى ما تقدم فإن أي عباءة لا تتوافر فيها هذه الشروط ليست عباءة شرعية للمرأة ولا يجوز لبسها لعدم توافر الشروط الواجبة فيها ولا يجوز كذلك استيرادها ولا تصنيعها ولا بيعها او ترويجها بين فتيات المسلمين لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان والله جل وعلا يقول: «ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله ان الله شديد العقاب».
واللجنة إذ تبين ذلك فإنها توصي نساء المؤمنين بتقوى الله تعالى والتزام الستر الكامل للجسم بالجلباب والخمار عن الرجال والأجانب طاعة لله تعالى ولرسوله وبعدا عن أسباب الفتنة والافتتان وبالله التوفيق.
ولقد أيّد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ما نصت عليه اللجنة من شروط العباءة لما في ذلك من موافقة للشرع المطهر وتحقيق المصلحة العامة للمسلمين.
لجنة حكومية للمخصَّرة
كما أقرت اللجنة المشكلة من وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة التجارة ورئاسة ادارة البحوث العلمية والافتاء والهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس ووزارة الشؤون البلدية الشروط السابقة وان العباءة لا بد ان تتسم بها.
وهذه الجهات الحكومية كلها تكاتفت من أجل إزالة هذا المنكر، ولأن الدين الاسلامي يحرم لبس مثل هذه العباءات لذلك فانها لم تأل جهداً في صد وإزالة هذا المنكر حيث قامت وزارة التجارة مؤخرا بمصادرة ما يقارب «1000» عباءة نسائية في أحد أسواق مدينة الرياض، كما قام فرع وزارة التجارة في منطقة المدينة المنورة بمصادرة ما يقارب «50» ألف عباءة نسائية مخالفة.
|
|
|
|
|