| مقـالات
في السابعة من مساء الأربعاء الماضي ذهبت إلى مركز توزيع الماء، الواقع شمال طريق الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ومن هناك أخذت رقماً أصفر اللون، مثل تلك التي توزع على راغبي الحجز في خطوط الطيران أو مراجعي الجوازات والاستقدام، الفرق أن رقم الماء يحل فيه دوري في السادسة من مساء الجمعة التالي، وضعت الرقم الثمين مع بطاقة الصراف الخاص بالمحالين إلى التقاعد من أمثالي، وخرجت من هناك إلى المنزل، حيث أعطيت تعليمات صارمة لمن في المنزل، ممنوع الاستحمام لأكثر من خمس دقائق، اغلاق أجهزة التكييف الصحراوية، عدم غسل حوش المنزل، عدم ري الحديقة، الاكتفاء بغسل الضروري من الملابس، كانت تعليمات صارمة وواضحة، لا يقوم بها سوى المتقاعدين الذين إذا لم يجدوا مثل هذه الأعمال الموسمية، اتجهوا للمطبخ للوقوف على رأس الزوجة وهي تقلي البيض أو تقطع الطماطم، لإعطائها تعليمات لا طعم لها ولا رائحة لمجرد قتل أوقات الفراغ!
حالما انتهيت من التعليمات السابقة، وضعت خزانَيّ الماء في بالي، فصرت أصعد أحياناً إلى السطح ثم أخرج إلى الحوش، وفي كل مرة أفتح خزاناً لأطمئن على ما تبقى لنا من إكسير المياه، وكان قلقي يزداد مع كل ساعة تمر، فما رأيته هناك- حيث يوزع الماء- يجعلني أفعل أكثر من ذلك، فمجرد أخذ كرت الانتظار قطعة من العذاب، وهو مرحلة تتبعها مراحل، وقد حلت المرحلة الثانية في السادسة من مساء الجمعة، وقد ذهبت إلى هناك قبل الموعد المحدد بساعة واحدة، وكنت أعتقد انني حالما أصل، سوف اجد وايت الماء بانتظاري، أدفع وأتسلم فوراً! هكذا كما نفعل كافة المخابز والبقالات والمحلات العامة، لكن متعهد توزيع الماء كانت خططه أكثر تركيزاً، حيث بدأ بتسلم الكرت الأصفر، وبناء عليه تم تسجيل اسمي في القائمة، وموعد اذاعة الاسماء بعد ساعة، ذهبت لأقل من ساعة وعدت، فقالوا بعد ساعة، ولم اسمع اسمي، إلا بعد أربعة ساعات، في التاسعة تماماً، أذيع الاسم، ليبدأ تدافع جديد لدفع قيمة الماء، ولأخذ وصل بذلك، ومن هناك تحركت لمرحلة أخرى استمرت من التاسعة وحتى الحادية عشر مساء، ولم يستقر بالي إلا بعد ان جلس ابني بجانب سائق وايت الماء، أخيراً سوف يهدر جهاز التكييف الصحراوي وتغسل الملابس وتروى الحديقة!!
ما ذكرته أعلاه بروفة صغيرة ومبسطة رويتها من واقع تجربة حرصت على خوضها بنفسي، وما رأيته حقيقة مؤلمة، فرغم وجود أكثر من عشرة مراكز لتوزيع الماء، إلا أن العدد كما يقولون في الليمون، فقد كانت الفوضى ضاربة، لا تنظيم ولا ترتيب ولا احترام لآدمية وأوقات الناس، كيف لو استمر الحال أكثر مما هو محدد له؟ ان المسألة بسيطة لكن مصلحة المياه عقدتها، وخير شاهد على ما نقول ما شهدته بعض هذه المراكز من وجود الشرطة لتنظيم الناس، مع ان تنظيمهم لا يحتاج الى جهد، بقدر ما يحتاج الى تخطيط سبق، يحفظ حقوق الجميع وأوقاتهم!
ان من يهدر الماء عليه الاستعداد لمثل هذه المعاناة، فنحن لا نعرف قيمة الماء، إلا عندما نفقدها، وقد فقدناها لأسبوعين، أكثر أو أقل، ورأينا ما رأيناه، فكيف لو زادت المدة؟ مطلوب سيطرة تامة على المتلاعبين بالماء من أصحاب الوايتات، وتوعية شاملة للناس والمصالح، للحد من البذخ المائي، الذي أوصلنا الى هذه البروفة المائية، وهي بروفة للعطش الذي قد نعاني منه.
|
|
|
|
|