أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 7th May,2001 العدد:10448الطبعةالاولـي الأثنين 14 ,صفر 1422

تحقيقات

هل هو شعور بالدونية أم تظاهر بالتحضر؟
لماذا يمزجون لغتنا الجميلة بالمفردات الأجنبية ؟
* تحقيق إيمان التركي:
إما لشعور بالتقزم والدونية او لمحاكاة من ينتمون ويدعون التحضر والفوقية وهم ليسوا كذلك او لانبهار أعمى بمعطيات الحضارة الغربية الحديثة يمزج البعض حديثه بجمل ومفردات أجنبية ليوهم المستمع انه على قدر من الوعي والثقافة وليشبع بالتالي فراغ نفسه وعقله بما يصوره له الوهم انه المكمل لشخصيته لقصور في فهمه ظنا منه ان التحضر والثقافة يكفي له ولها حفظ عدد من الألفاظ والمفردات من اللغات الأجنبية يقحمها ويدسها عنوة في كلامه بشكل يفضح ويكشف للجانب الآخر والمتلقي والمستمع مدى ضحالة عقله وعدم استيعابه لمفهوم التمدن والتحضر وعدم ادراكه لأبعاد مستوى الثقافة العامة .. هنا نستنير برأي عدد من المتخصصين باللغة حول هذا الجانب.
تجن وسلبيات
يؤكد معلم اللغة الانجليزية فتحي ابراهيم البنا ان اعتزازنا باللغة العربية نابع من عقديتنا الاسلامية بالدرجة الأولى.. فاللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي لغة أهل الجنة ولغة الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم ناهيك عن أنها رمز حضارتنا وأساس تاريخنا الساطع المشرق.
واللغة العربية ليست كأي لغة، فهي أغنى وأفضل وأوسع لغات العالم في مفرداتها وأساليبها ومعانيها وتراكيبها اللغوية المختلفة.. ومن السهل الحصول على المعنى المطلوب بأقل الكلمات والمفردات، في حين ان هذه الميزة يصعب توفرها في اي لغة اخرى بما في ذلك اللغة الانجليزية .. وقال الشاعر متحدثا عن اللغة العربية:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
والحقيقة ان بعض الناس قد بهرتهم الحضارة الغربية فراحوا يتحدثون اللغة الانجليزية كلية داخل اوطانهم العربية، فأصبحوا بذلك مجتمعا داخل مجتمع، والبعض الآخر يدمج اللغتين في قالب واحد وكأنه يبحث عن شيء وسط بين اللغتين.
وكلا الفريقين ادعى ظلما ان اللغة العربية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العلمي الهائل في بداية القرن الواحد والعشرين. وهذا افتراء واضح على اللغة العربية التي لن تهرم أبدا وستظل فتية قوية بإذن الله .. قال الشاعر متحدثا عن اللغة العربية:


رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت، فلم أحفل بقول عداتي

ان استخدام بعض مفردات اللغة الانجليزية في حياتنا اليومية له سلبيات كثيرة اجتماعية وتربوية، فربما يظن ان المتحدث يتعمد ان يأتي ببعض مفردات اللغة الانجليزية مع قدرته على الحديث باللغة العربية وبذلك يتهم بالكبر والغرور، مما يساعد على عدم انتشار المودة والمحبة بين الناس، بالاضافة الى التأثير السلبي على الأطفال الصغار الذين يتأثرون بأقل الأمور وفي أسرع ما يمكن. ان أسباب هذه الظاهرة الخطيرة متعددة ومتنوعة، منها أسباب تعود الى الشخص ذاته ومنها أسباب سياسية بحتة. فالاستعمار كان يهدف الى استبدال لغتهم الأصلية باللغة العربية، بل كان يرمي الى استئصال اللغة العربية من أصلها، وربما تكون الأسباب من الشخص نفسه الذي يريد ان يقلد الغرب ويظهر أمام الناس بمظهر المثقف المتعلم.
فأنا لا أدري لماذا نستخدم مثلا كلمة «Recorde» وهناك كلمة «مسجل» وايضا لماذا نستخدم كلمة «Telephone» بدلا من كلمة «هاتف» وكلمة «Ban» بدلا من كلمة «مصرف» وايضا كلمة «Simple» بدلا من كلمة «بسيط» وكلمة «OK» بدلا من كلمة «وهو كذلك» .. وهكذا كثير من المفردات التي استعمرت لغتنا العربية الجميلة. فيا ليتنا نعود الى الأصل ونرجع الى الصواب.
مزجهم يذيب العربية
وتقول معلمة اللغة العربية هند الدهاسي: في البدء نشكر لجريدة الجزيرة إتاحة هذه الفرصة لمشاركة مدرستنا في هذا التحقيق .. وبعد فبالنسبة لموضوع «دمج اللغة الانجليزية أثناء التحدث» فهذا أمر يقرر رفضه او قبوله عدة أمور تميز شخصية المتحدث، لأننا لا نقف ضد الثقافة، ولا سعة الاطلاع او تعلم اللغات الأخرى، بل ندعو لها، ونحيي من يملك روحاً طموحة تسبر أغوار العلوم والمعارف والثقافات.. اضافة الى اننا نعيش في عصر يستوجب استخدام كلمات انجليزية أثناء التحدث أحيانا بشرط مراعاة المكان، والموقف الذي تستخدم فيه، والأشخاص الذين تتحدث معهم، ايضا مما يمنعنا من الرفض الكلي للأمر عدة غايات يسعى لها المتحدث منها: قد يكون الهدف تعليميا فاستخدام بعض الألفاظ الانجليزية في موطنها الصحيح يمكن المستمع وخصوصا الأطفال من سرعة الحفظ والتعلم، ووفرة الثروة اللفظية لديهم.
قد يكون المتحدث غير متمكن من اللغة الانجليزية في حين يخاطب شخصا يتحدث بهذه اللغة اما في بلده او كان مسافرا الى بلاد اخرى غير وطنه، فيضطر بذلك الى استخدام بعض الكلمات التي ينقذ بها نفسه في بعض المواقف.
قد تكون متطلبات العصر الحديث تفرض ألفاظا يتداولها الناس اختصارا للوقت، ولاعتياديتها على ألسنة الجميع يكثر استخدامها فيكون بذلك مثل هذا الدمج.. فمثلا كلمة «إنترنت» برغم إقرارنا على أنها انجليزية الا ان الجميع اصبح يستخدمها ويكتبها بالعربية ايضا، فمن الصعوبة بمكان اجتماع مجمع اللغة لوضع كلمة بديلة، ومن ثم استخدامها.
قد يكون الأمر مجرد مباهاة وتفاخر ببعض كلمات يعرفها المتحدث، واعتقادا من المتحدث ان اللغة العربية لغة قاصرة لا تحتوي كل الألفاظ والمعاني.
وهنا نتوقف.. لأننا نرفض ازدواج اللغات، ونرفض ازدواج الشخصيات، ونرفض ازدواج الأسماء، ونطمح وسنصرخ بأعلى أصواتنا: لا للتقليد، لا للتبعية، لا لأنصاف الحلول. وللأسف يكثر هذا النوع في مجتمع فتياتنا ونراه واقعاً مراراً في مدارسنا وجامعاتنا.
ومن أجل هذه التبعية التي تلغي شخصياتنا، وتذيب لغتنا العربية المتمكنة بأبجديتها، وبحور علومها نرفض هذا الاندماج في التحدث.
ويتبادر الى أذهاننا عدة اسئلة تطرح نفسها.. لماذا تسيّدت اللغة الانجليزية العالم، ومن ثم الفرنسية في المرتبة الثانية؟!! بينما نتجاهل لغتنا تماما في الدول الاجنبية، ونرضخ للغتها.. يستحيل ان ينطق أجنبي بكلمة عربية واحدة في بلادنا العربية؟!! لماذا يتحدث الخدم في البيوت بلغتنا نحن فرضا وإجباراً حتى تعلّموها، وبنفس اللهجة التي يتحدثها كل بيت؟!!
والجواب عن هذه الأسلئة .. هو تنازلنا عن لغتنا، وظلمنا لها، او احترامنا لها وفرضنا لسيادتها، إذن.. عندما يفرض علينا عصرنا العولمة اضطراراً ومجاراة .. نفرض نحن عربيتنا الجارية في دمائنا على كل من يحدثنا هذه اللغة .. لغة القرآن الخالدة، مع تأكيدنا على عدم رفضنا تعلم اي لغة أخرى، بل أصبح تعلم اللغات ضرورة ملحة في عصرنا، لكن بدون دمج مرفوض.
نفخر بلغة القرآن
وهذه وجهة نظر معلم اللغة العربية عبد الجواد حمد خليف فيقول: في هذه العجالة لا يتسع المقام لحصر فضل وشرف اللغة العربية على سائر اللغات، فيكفيها فخرا أنها لغة القرآن الكريم، أفضل الكتب السماوية، واللغة التي تحدث بها الله جل وعلا وتحدث بها رسوله صلى الله عليه وسلم ولغة أهل الجنة، قال تعالى «وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين».
ولسنا بصدد الحديث عن أهمية ومكانة اللغة الانجليزية في العصر الحديث عصر العولمة فهي اللغة الأولى في العالم الآن والأكثر انتشارا والأوسع مجالا، وفضل اللغتين ومنزلتهما معروف لكل ذي لب.. غير اننا نتحدث عن ظاهرة كثرت وانتشرت في الوقت الحاضر وهي «دمج اللغة الانجليزية باللغة العربية أثناء التحدث» فلابد لنا ان ننبه على عدة أمور منها: أننا أمة اسلامية عربية نعتز باسلامنا وبلغتنا العربية الفصحى وبتراثنا الأصيل، فيجدربنا ان نتكلم اللغة العربية أثناء التحدث، لأن ذلك من شعائر الاسلام، أعتقد انه ليس من أدب الحديث والحوار خلط الكلام العربي بمفردات أجنبية قد لا يفهمها السامع. لا يعد دمج اللغتين دليلا على كثرة الثقافة وسعة الاطلاع وغزارة العلم بل قد ينقص من هيبتك واحترامك في عيون الآخرين، أرى انه لكل مقام مقال فالانجليزية لها مكانها المناسب في الجامعات والمدارس ومراكز المعلومات. ان لم نعتز نحن المعلمين بلغتنا العربية السلسة ونعلي من شأنها في كل مجلس وناد ونشنف آذان المستمعين بأبيات الحكمة الرائعة والخطب الوعظية المؤثرة فمن يفعل ذلك؟
وينبغي الفصل بين أمرين الأول: الحث على تعلم اللغة الانجليزية واتقانها تحدثا وكتابة والثاني: دمج اللغتين أثناء التحدث فنحن نؤيد الأولى ونرفض الثانية.
وعودا على بدء والعود أحمد أخشى ان يدخل حب الغرب وتقليده من غير وعي في قلوب أبنائنا عندما يرون ولعنا بلغة الغرب وهجرنا للغتنا الفصحى مع أنها بحر فياض معينه لا ينضب، وتعجبني مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه « ان الله أعزنا بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله» غير انني لا أدعو الى الصد والإحجام عن تعلم اللغة الانجليزية فمن تعلم لغة قوم أمن مكرمهم.
وفي الختام أمتع أسماعكم بأبيات على لسان اللغة العربية تشكو أهلها وترثي حالها فتقول:


وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آي به وعظات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عند صدفاتي
سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً
يعز عليها ان تلين قناتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهمُ

الى لغةٍ لم تتصل برواتي؟!
حتى لا نكون أتباعاً
وتؤكد المساعدة بمدارس التوحيد حنان اخلاص انه موضوع شائك ومتشعب ومتغلغل في مجتمعاتنا العربية والحديث فيه ذو شجون وأحزان للأسباب التالية:
انه يجعلنا في عداد التابعين، وننظر الى أصحاب اللغة الأصليين على أنهم في مرتبة أعلى، وانه يجعل لغتنا العربية الجميلة لغة من الدرجة الثانية.
يا أخي ويا أ ختاه .. أيرضيكم ان تكون لغة القرآن هكذا بالله عليكم؟ انه الخسران المبين.. فبعد ان حافظ أجدادنا وآباؤنا لآلاف السنين على لغتهم العربية حتى في عصور ضعفهم، تكون أجيالنا الحاضرة هي التي تقلل من أهمية لغتنا بدمج الألفاظ الغربية فيها وإدخال ما هو أدنى وأقل بدعوة التحضر والمدنية والثقافة ان اللغة العربية هي اللغة الوحيدة في العالم التي تتسع لكل علم ولكل مجال.. ويجب ان نتباهى بها وبدراستها ودراسة علومها ثم يكون كل تعاملنا بها في بيتنا وهذا في المقام الأول ثم في عملنا ثم في الشارع والمصنع والمتجر والمزرعة.
أخي أختاه .. لنضرب مثلا واحدا، لو أراد أحد منا ان يعمل في أي دولة لا تتحدث العربية، هل يحدثنا أهلها بلغتنا؟.. هل يجاملوننا بالتحدث ببعض عباراتها او يكتبونها؟.. لا والله.
مناهجنا خيبت آمال الأجيال
ويوضح معلم اللغة الانجليزية اسماعيل محمد دراز أهمية التحدث باللغة الانجليزية وظاهرة دمجها فيقول: لقد أصبحت اللغة الانجليزية أهم اللغات وأحد محاور التقدم والحضارة وذلك لأنه من المعلوم ان اللغة تتناسب طرديا مع قوة الدول المتحدثة بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتكون حضارة هذه الدول نموذجا لغيرها.
ولا نكون مجانبين للحقيقة اذا قلنا واعترفنا بأن الحضارة الغربية تمثل الآن المثل الأعلى لشعوب العالم الثالث ومنه عالمنا العربي والاسلامي وكذلك نجاح الغرب القوي مادياً وعسكريا في فرض ثقافته الى حد كبير وهو ما يُعرف بالعولمة.
واللغة هي أهم ما يميز الفرد وكذلك الشعوب بعد الدين، حتى قامت دول قومية قوية على أسس اللغة مثل ألمانيا، وهي بذلك القالب الايدولوجي الذي يميز به نفسه من أراد ان يكون له موضع تحت الشمس.. نلاحظ الصراع الطويل بين الدول العظمى وخاصة انجلترا وفرنسا قديما في نشر لغتيهما والانفاق على ذلك بسخاء ربما يعادل ما تنفقه على جوانب الصناعة والتعليم، وهذا يجعلها اكثر سيطرة على الشعوب الناطقة بلغتها، وهذا ما نلاحظه من دوران دول افريقيا وامريكا اللاتينية في فلك الدول الغربية الاستعمارية. ومن الظواهر الغربية على مجتمعاتنا العربية ولا أقول الاسلامية محاولة شريحة كبيرة من المجتمع العربي ومنه المجتمع السعودي استخدام تعبيرات وألفاظ وكلمات انجليزية في محادثاتنا وحواراتنا اليومية بلغتنا القومية العربية الحبيبة. ولهذه الظاهرة أسباب منها الإحساس بالتقزم والدونية في داخل الفرد المسلم والعربي أمام هذه الدول بلغتها وتقدمها ووقف اعلاميونا مكتوفي الأيدي ورضوا بالأمر الواقع، إحساس داخلي داخل أفراد مجتمعاتنا بعدم الرضا عن المناهج الدراسية وأنها لا تسد وتلبي حاجاتهم المعرفية، تواجد كبير للقوى العاملة الأجنبية وخاصة جنوب شرق آسيا مما يجعل اللغة الانجليزية عاملاً مشتركاً بينهم مما أدى لكثرة تداول مفرداتها، استخدام بعض مفردات اللغة الانجليزية بلا داع او فهم ممن يحاولون تقليد الغرب تقليدا أعمى، إعجابا بهم او من دارسين يودون الظهور بمستوى يفوق غيرهم لغويا.
مقترحات للحد من هذه الظاهرة من منظور شخصي
قيام اعلام عربي واعٍ يلبي حاجة الفرد العربي الثقافية والمعرفية.
بيان عظمة وثراء اللغة العربية وأنها اعظم اللغات وأوسعها وان التحدث بها من سمات المسلم الجيد.
بيان ما للعرب والمسلمين من فضل على الانسانية وان الحضارة الاسلامية ظلت المورد الصافي والمعين الدافئ للعالم أجمع في قرون الظلام والجهل.
كشف عورات ونقائص الحضارة الغربية المادية والتي جرّت العالم لمصائب وكوارث، عانى الجميع منها طويلا ولا يزال. وهذا يقلل من شأن كل ما هو غربي وعلى رأس ذلك اللغة الانجليزية.
تكاتف كل المؤسسات المعنية ومنها الإعلام والتعليم وأكاديميات البحث ومراكز المعلومات من أجل خطة واسعة وحملات واعية، تدعو لعدم استخدام مفردات غيرعربية في الحوار والمحادثة وبيان ما لهذا من ضياع الهوية الاسلامية والعربية، وهذا هو الهدف الأعلى للمنظمات العالمية ومنها «الصهيونية والماسونية» ومنها قطع الفرد العربي والمسلم عن حضارته ولغته ومحاولاتها الدؤوبة للحط من قدرها وتقدمها في نظره لتظل المنظومة الغربية هي المثل الأعلى للشعوب.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved