| عزيزتـي الجزيرة
* عزيزتي الجزيرة
بعد التحية
تتبع بعض أجهزة الدولة نظاماً عالميا ممتازاً في تنظيم حضور وانصراف موظفيها باستخدام نظام ادخال بطاقة الحضور والانصراف وللموظف الحق في الحضور في أوقات إضافية لسد النقص في ساعات حضوره لإكمال عدد ساعات الحضور المطلوبة شهرياً وتتم ترقية الموظفين بعد اكمال السنوات المقررة حسب نظام الخدمة المدنية إذا أثبت الموظف انتظاماً وكفاءة في عمله وبهذا النظام الجميل الجيد لايضار ولايضام أي من الموظفين وتنتفي الغيرة والحسد بينهم لمعرفتهم بتطبيق ميزان الحق والعدل وانتفاء وجود المحاباة وأمور أخرى تكون مدعاة لتثبيط هممهم وقتل الطاقات الخلاقة في نفوسهم وزرع الحقد والضغينة وتفشي النميمة والقيل والقال وكثرة التأويلات وتداول سفاسف القول وسقط الكلام وكثرة اللغط وتقطيع دابر الظنون السيئة ووساوس الشيطان فالكل يعرف أنه سوف تأتيه ترقية في وقتها ولن تهضم حقوقه؛ بينما الذي يحصل في الوقت الحاضر وفي أغلب الدوائر الحكومية - وبكل أسف - هو وقوع مظالم كثيرة بقصد أو بغير قصد في نظام الترقيات وإعطاء الحوافز والدرجات الإضافية وخلاف هذه الأمور مما يشيع كثرة القيل والقال والشطط في تفسير هذه الاجراءات ما يخلق أجواء خانقة لكثير من منسوبي هذه الدوائر فيقلل من كمال عطائهم ويثبط عزائمهم وتتدنى لديهم القدرات الإبداعية والرغبة في التطور واكتساب المزيد من المهارات وأحد الأسباب التي يعود إليها هذا الخلل هو بعض الثغرات الموجودة في نظام الخدمة المدنية المثبطة لهمم الموظفين ألا وهو مثلاً توقف العلاوة السنوية الدورية لموظفي الدولة بعد ان يمضوا عدة سنوات من الخدمة على نفس المرتبة ولاتتم ترقيتهم لسبب أو لآخر ولاسيما عندما يصلون إلى أعلى السلم الوظيفي وتقل فرص الترقيات أمامهم.
إن حجب العلاوة الدورية السنوية عن الموظف وعدم ترقيته يجمع عليه أو كما يقال «حشفاً وسوء كيل» فإما أن تستمر العلاوة كحق من حقوق الموظف بعد عناء وكد سنة من العمل لمقابلة جزء ولو يسير من أعباء الحياة وتكاليف المعيشة والمتطلبات الأسرية التي تتزايد يوما عن الآخر أو أن تتم ترقية الموظف للمرتبة التي تلي مرتبته تقديراً لجهده وكده وعرقه وصبره لسنوات طويلة حتى انتهاء درجات السلم الوظيفي للمرتبة التي يشغلها لا أن يبقى وضعه مثل وضع الاسطوانة المشروخة «محلك سر» لعشر سنوات أو أكثر؛ ثم إن هناك ثغرة أخرى في نظام الخدمة المدنية ألا وهي إنه عندما يصل الموظف إلى مايسمى اصطلاحاً المراتب العليا ويصل به قطار السلم الوظيفي إلى المرتبة الثالثة عشرة فما فوق فإنه ممنوع من العمل خارج وقت الدوام وكأن الدنيا قد حيزت له فهو يحتاج إلى مقابل عطائه خارج نطاق ساعات العمل الرسمية وترى من هم دونه مرتبة أو أكثر يحصلون على عشرات بل مئات الآلاف من الريالات لقاء العمل خارج وقت الدوام سنويا وهو محروم من هذه الميزة ولاميزة له سوى أنه وصل إلى مرتبة أعلى وكأنها تدر عليه الملايين،
علماً أن الفارق في الراتب بينها وبين المراتب التي دونها هو فارق ضئيل جدا وهذا من الأمور التي تثير وتثبط العزائم والهمم وتقتل الطاقات والإبداعات الخلاقة بين الاخوة الموظفين في الجهاز الواحد.
إن من الأمور غير المنطقية انه عندما يتوقف بك سلم المرتبة وتحجب عنك العلاوة السنوية الدورية ويتحججون بألف حجة بعدم ترقيتك على المرتبة التي تلي مرتبتك فيظل راتبك مجمداً لسنوات وسنوات قد تمتد على مدى نصف عمرك الوظيفي وأنت محروم من الترقية ومن العلاوة ومن العمل خارج وقت الدوام وكأنك قد ارتكبت ذنباً عظيما عندما بلغت من الخبرة الوظيفية ومن العمر الوظيفي فوصلت إلى سلم المرتبة الثالثة عشرة فأعلى وكأن أعداد أفراد أسرتك ومتطلباتك الأسرية والأسعار المعيشية في تناقص بينما الحقيقة تقول غير ذلك فالتوقعات الأسرية والأعداد الأسرية وارتفاع تكاليف المعيشة في ازدياد دائم.
جرت العادة عند أهل الغرب بالتشاؤم من الرقم ثلاثة عشر فهم لايذكرون الطابق الثالث عشر في المجمعات السكنية مثلا بل يتجاوزونه ولايحبون الرقم أن يذكر فيما بينهم ويحيلون بعضا من مصائبهم إليه والحقيقة أنني ومنذ مايزيد على السبعة عشر عاماً هي تقريبا نصف عمري الوظيفي أو أكثر أجد أنني قد أصبت ببلوى الرقم ثلاثة عشر وأعاني أشد المعاناة من جراحه وآلامه منذ ان حللت ضيفاً على هذه المرتبة فقد حرمتني من العمل بخارج وقت دوام يتمتع به زملائي لسنوات وسنوات ثم تم حرماني من العلاوة السنوية الدورية ولسنوات كثيرة ولم تتم ترقيتي إلى المرتبة التي تلي مرتبتي مع توفرها ومع كثرة الوعود بذلك وآخر ماورد من مبررات بعدم الترقية ان مسمى الوظيفة يوقف صاحبها عند هذه المرتبة وكأن تغيير المسمى من الأمور الصعبة ان لم تكن المستحيلة والحقيقة ان هناك فئة من البشر قدر الله في علمه ان يكونوا مغاليق لأبواب الخير والأنظمة البشرية ليست بكتب سماوية منزلة وإلا فهل يعقل ان إنساناً يقضي شبابه كله في مرتبة واحدة مع ان مايسمى بالتقارير السنوية تضعه في صفوف الامتياز.
عثمان بن عبدالمحسن العبدالكريم المعمر
الصندوق السعودي للتنمية
|
|
|
|
|