أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 7th May,2001 العدد:10448الطبعةالاولـي الأثنين 14 ,صفر 1422

مقـالات

نهارات أخرى
ثنائية العطش والصحراء
فاطمة العتيبي
منظر «الوايتات» المصطفة..
في شمال الرياض..
وزحام الناس وعلامات التعب والإرهاق البادية على وجوه الرجال والخطوات التي يعودون فيها إلى سياراتهم يجرون فيها أزيال هزيمتهم وخوفهم من الآتي...
ويحمل كل في يده رقماً لن يصله الدور إلا بعد يومين أو ثلاثة..
وينظر الى الورقة.. والرقم والوايتات وحرارة شمس الرياض والصحاري الممتدة حوله
وكأنما تثار في قلبه زوبعة الخوف من العطش والصحراء التي لا ترحم وسخونة الحياة والجفاف..
هذه الثنائية الغريبة التي انطلقت بكل قساوتها ومعانيها وكل ما تحمله من دهشة في زمن كنا نرى «الصحراء والعطش» ثنائية لم تعد إلا في ذاكرة تشبعت بحكايات الأهل القدامى الذين ذاقوا ما ذاقوا من تفاعل هذه الثنائية وازدياد قسوتها طردياً في قلوبهم وحياتهم..
هذه الثنائية أعادتها لنا مصلحة المياه «كلاكيت» ثاني مرة في عمل ضخم ضمن حملة ترشيد المياه التي تبثها على فترات متقطعة في وسائل إعلامنا..
لكنها كانت مشاهد ممعنة في قسوتها وكان الأبطال فيها كثيرين جداً..
والعمل التمثيلي الذي قامت به مصلحة المياه ضمن حملتها التوعوية ينافس الأعمال الملحمية العظيمة.
فالممثلون أو «المتضررون» هم سكان 66% من احياء الرياض..
وجرت بهم الأحداث التي أُعد لها إنتاج ضخم ضم «وايتات وزحاما كبيرا و«كومبارس» كبيرا جداً يختلفون ويتزاحمون ويتذمرون وتبدو عليهم علامات الإعياء..
والحبكة في العمل قوية جداً ومتصاعدة ومتباينة..
ففي وسط حديث الناس عن ضعف الرواتب وتدني مستوى دخل بعض الأفراد ودراسة أفكار مقترحة حول حدود دنيا للرواتب والحديث عن الاتصالات والكهرباء والمستشفيات تتصاعد الأحداث لتدفع بعض الأسر متوسطة الدخل وضعيفته ما يقارب الألف ريال للوايت الذي لا يسد رمق احتياجاتهم الحياتية لأكثر من يومين.
وتشتد الأزمة وتتصعد باشتراك وسائل الإعلام لها.. ألم أقل لكم إنه إنتاج ضخم لمسلسل كبير اسمه «ثنائية العطش والصحراء» قامت على إنتاجه مصلحة المياه لتقول لنا في النهاية «الماء غال فحافظ عليه».
فوسائل الإعلام قامت بدور كبير في الأزمة، حيث نشرت أحاديث مسئولي مصلحة المياه الاستفزازية والتي تنم عن رغبة «المخرج» في تصعيد الأزمة وإذاقة الناس لظى التجربة وقرص أذنهم أو قطعها «سيّان» ليتذكروا أهمية أن يحافظوا على الماء وألا يغسلوا حوشتهم كل يوم وألا يغسلوا سياراتهم بالشامبو الذي يحتاج الى ماء زيادة لغسله.. و..... و.......
منظر الناس الذين فرّوا من منازلهم وهربوا الى الشقق المفروشة، فالشقة 24 ساعة بثلاثمائة ريال بينما الوايت بألف ريال... والفارق واضح في التعب والإرهاق والطوابير وروائح العرق المتصاعدة من أجساد متزاحمة لم يبللها الماء من أيام..
أحداث المسلسل ما زالت جارية.. والإنتاج ضخم جداً ويكفي ان تعرف أن كلفة المشهد الذي نفذ في «الجنادرية» حيث الأنبوب المكسور الذي ظل يصب في الأرض لمدة 30 ساعة.
وهو مشهد مستفز جداً يتصاعد بالأحداث ويبلغ بها ذروة التناقض مع تصريح مسئولين في مصلحة المياه بأن ترشيد المياه مهم.
المشاهد التي تسلط الضوء على الخلافات العائلية وثورة الأعصاب في المنازل التي نضب فيها الماء والشوارع المكتظة بالمتزاحمين وحاملي الأرقام التي تومىء بخيبة أمل وبانتظار ممل هي مشاهد تقطر إنسانية وألماً وهي تذكِّرك بأفلام «هوليود» التي يستطيع مخرجوها المبدعون اقتناص اللحظات الإنسانية المؤلمة من بين ركام الأحداث وتزاحمها.
تحية لكل من ساهم في عمل «ثنائية العطش والصحراء»، فقد كان مثيراً ممضاً قاتلاً يسخر من سوء التخطيط ويشير الى غياب العمل المؤسسي المنظم في كثير من جهاتنا التي صرفت الدولة على بنائها الكثير ووضعت لها من الميزانيات الكثير ودعمتها بالكفاءات التي من المفترض أن تخطط وتدير وتمنهج وتتقي أن تحدث قلاقل من أي نوع في وطن آمن يتقلب في عيش رغيد.
البريد الإلكتروني:
FatmaAlotaibi@ayna.com
ص.ب )26659( الرياض )11496(

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved