أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 7th May,2001 العدد:10448الطبعةالاولـي الأثنين 14 ,صفر 1422

مقـالات

قراءة في كتاب
السياسة في واحة عربية: إمارة آل رشيد«4»
تأليف الدكتورة مضاوي الرشيد وترجمة الاستاذ عبد الإله النعيمي
عبد الله صالح العثيمين
قالت المؤلفة الكريمة «ص 44»:
« إن الممثل السعودي في بريدة «تقصد أمير بريدة حجيلان بن حمد» جرّْد حملة على جبل شمّر، الذي وقع تحت الهيمنة السعودية في عام 1779م، ولم تصبح جزءا من دائرة السيطرة السعودية إلا واحات الجبل، بما فيها حائل وغفار «صحتها قفار» ومستجدة «صحتها المستجدة» جيث انكفأ بدو شمّر الرحل الى صحراء النفود الكبرى، وأفلتوا من السيطرة...».
وعزت ما قالته الى ابن غنّام وابن بشر. ومن الواضح ان التاريخ الذي ذكرته خطأ. ذلك ان غزوة الأمير حجيلان لجبل شمّر، وهي الغزوة التي نتج عنها دخول الجبل تحت الحكم السعودي، كانت سنة 1201ه ، أي سنة 1786م. ومن المحتمل أن فئات من بادية شمّر، كثيرة أو قليلة، لم تدخل تلك السنة تحت ذلك الحكم، لكن ليس في المصادر ما يدل على أن كل بادية شمّر عارضته. ولقد تعاون الجربا وأتباعه مع الشريف غالب، سنة 1205ه. لكن هل الجربا وأتباعه كل شمّر؟ ثم ألا يحتمل أن الجربا ومن معه كانوا قد دخلوا تحت الحكم السعودي دون اقتناع، وأنهم حين رأوا زحف قوات الشريف اعتقدوا انها ستنتصر على السعوديين فانضموا اليها؟.
قالت المؤلفة الكريمة «ص 45»:
«تحالفت شمّر مع شريف مكة خلال الدفاع عن أرضه ضد الغزو السعودي الوهابي في عام 1790 «أي 1205ه» ، وقتل شيخ شمّر مسلط بن مطلق في المعركة بين الجانبين ..».
وما قالته - هنا -، يحتاج الى تأمل، فمن الثابت ان شريف مكة هو الذي أرسل قوات لمحاربة آل سعود توغلت في نجد حتى وصلت قصر بسّام. وفي الإمكان الرجوع الى المؤرخ الحجازي، أحمد دحلان، «ج2، ص 292» للتأكد من صحة ذلك. فكيف يسمّى المهاجم مدافعاً؟.
وشمّر الجربا كان قائدها حينذاك مطلق الجربا، لا ابنه مسلط. ولم تذكر المصادر المعاصرة للحدث ان فئات شمّر الأخرى، مثل الأسلم، قد انضمت الى شريف مكة. فتعميم التحالف على شمّر فيه تجاوز وظلم للفئات التي لم تنضم الى الشريف. ومسلط الجربا لم يقتل في معركة دارت بين القوات السعودية والقوات الزاحفة من الحجاز ومن تحالف معها. ذلك انه لما انسحبت قوات الشريف من نجد قام سعود بن عبد العزيز بمهاجمة الفئات التي سبق ان انضمت الى قوات ذلك الشريف! وفي طليعتها شمّر الجربا وفئات من مطير كان من أشهر زعمائها من سمّته المصادر حصان إبليس، إشارة ، فيما يبدو الى ما كان يتحلى به من شجاعة.
ثم تابعت المؤلفة الكريمة قولها في الصفحة ذاتها:
«إن من هاجروا من شمّر وكان هؤلاء بقيادة مطلق الجربا ظلّوا يناصبون الوهابيين العداء، وقد تعقبتهم القوات السعودية التي انقضت عليهم في مكان قرب السماوة في عام 1795م. ومرة أخرى قتل زعيمهم مطلق في المعركة».
ومن يقرأ الكلام السابق يظن ان السعوديين قد تعقّبوا ذلك الزعيم الشمّري وأتباعه بدون سبب. فما الحقيقة؟.
في عام 1211 ه قاد ثويني بن عبد الله الحملة التي كلّفه بقيادتها والي بغداد ضد السعوديين، وتوغل بقواته داخل الأراضي السعودية، لكنه قتل في بداية عام 1212ه قبل بدأ القتال مع السعوديين الذين استعدوا لمقاومته، كما ذكر سابقا. وكان قد انضم الى حملة ثويني فئات من القبائل الموجودة في العراق، وممن نصت المصادر عليهم الظفير، ومن المحتمل ان الجربا وأتباعه كانوا، ايضا، قد انضموا الى الحملة . وفي سنة 1212ه ذاتها قاد سعود بن عبد العزيز القوات السعودية، وتوغل في العراق. وذكر له تجمع فئات قبلية قرب السماوة، في طليعتها شمّر، برئاسة مطلق الجربا، ومعها الظفير، وآل بعيج والزقاريط. فهاجمت تلك الفئات. واستبسل مطلق الجربا في القتال، جواده عثر في نعجة فأدركه خزيم بن لحيان رئيس السهول وفارسهم، فقتله. وممن قتل من أتباع سعود براك بن عبدالمحسن رئيس بني خالد. وكانت تلك الحادثة في شهر شوال من السنة المذكورة، أي سنة 1798م لا سنة 1795م كما ذكرت المؤلفة الكريمة.
وفي عام 1213ه قامت حملة أخرى من العراق بقيادة مساعد والي بغداد، الكيخيا علي ، ضد الأراضي السعودية، وحاصرت حصون آل سعود في الإحساء، لكنها فشلت كما سبق ان ذكر. وممن نصّت المصادر على اشتراكهم في حملته بادية شمّر الموجودة حينذاك في العراق . «ابن بشر ج1، ص 157 وابن سند ص 227».
قالت المؤلفة الكريمة «ص 45»:
« من الصعب إيجاد دليل يؤكد متى وكيف بلغ أفراد من آل علي موقع الزعامة في حائل؟! غير انه مع بداية القرن التاسع عشر يجد المرء اشارة الى حاكم حائل وقتذاك محمد بن عبد المحسن بن علي. وهذا ما تؤكده مرويات شمّر المحكية التي تذكر أن محمدا توطّن في حائل .. وحين وقعت منطقة جبل شمّر تحت سيطرة القوات السعودية الوهابية كان الدور الذي لعبه ابن علي مبهماً . فنحن لا نعرف الى أي مدى تقوضت سلطته بالحقيقة الماثلة في أن جبل شمّر أصبح أحد الأقاليم السعودية.. ونعرف بكل تأكيد أنه في بداية القرن التاسع عشر أصبح محمد بن علي حليفاً للسعوديين، وحافظ على علاقات ودية معهم».
وما ذكرته المؤلفة الكريمة، هنا، لا يبيّن مكانة أسرة آل علي. فالروايات تدل على أنه قد اشتهر رجال منها قبل محمد بن عبد المحسن. ومن هؤلاء محمد بن عيسى بن علي، ولقبه أخو خنساء. وربما كان ذلك عند منتصف القرن الثامن عشر الميلادي او قبله. على ان أعظم شخصية برزت من تلك الأسرة الكريمة هو الأمير محمد بن عبد المحسن، الذي كان له دور عظيم في تاريخ الدولة السعودية الأولى، إذ كان أميراً من قبل قادتها على جبل شمّر من سنة 1201ه/1786م وهي السنة التي دخل فيها ذلك الجبل، بما فيه حائل بالذات تحت الحكم السعودي.
وكان من الأعمال الأولى له، من أجل توسيع نفوذهم شمالاً قيادته لغزوة ضد الشرارات عام 1207ه/1792م، ثم مشاركته مع قادة جيوش سعوديين آخرين في غزوه للجوف في العام التالي. وبعد دخول الجوف تحت الحكم السعودي ضم إدارياً الى إمارة محمد بن عبد المحسن. وأعمال هذا الأمير العظيمة مذكورة مشهورة. وكانت خاتمة حياته ان قتله رجال إبراهيم باشا غدراً عام 1234ه/1819م ودفن فكتب على شاهد قبره: محمد بن علي أمير المسلمين رحمه الله وأسكنه دار السلام».
وكان ممن أبان مكانة ذلك الأمير بالذات بناء على مصادر مختلفة من روايات وكتب تاريخية، ووثائق، كاتب هذه السطور في الطبعة الثانية من كتابه «نشأة إمارة آل رشيد، ص 39 64».
قالت المؤلفة الكريمة «ص 46»:
«أسفر التوسع السعودي الوهابي في كل الاتجاهات عن انقطاع قوافل الحج التي كانت مهددة بخطر الغارات، لا في طريقها الى الحجاز فحسب بل وفي المدن المقدسة نفسها. وقد شجّعت هذه الأحداث السلطان العثماني، الذي كان من الناحية الرسمية مسؤولاً عن أمن الحجاج والمدن المقدسة، على اتخاذ اجراءات جادة لكبح نفوذ الوهابية الصاعدة».
ولم تعز المؤلفة الكريمة الكلام السابق الى أي مصدر كما تقتضي أصول البحث العلمي. والمتتبع للمصادر التاريخية يجد أن العثمانيين قد أرسلوا حملتين من العراق ضد الأراضي السعودية، الأولى بقيادة ثويني بن عبد الله زعيم المنتفق، والثانية بقيادة علي باشا، مساعد والي بغداد وذلك قبل دخول الحجاز تحت الحكم السعودي. ويجد المتتبع للمصادر ايضا ان السعوديين لم يقوموا بمهاجمة قوافل الحج لا قبل دخول الحجاز تحت حكمهم ولا بعد ذلك الدخول، ولم يقوموا بمهاجمة الحجاج في مكة والمدينة، بل ان سعوداً أجّل مهاجمة الشريف غالباً في موسم الحج لأسباب في طليعتها الخوف من أن يلحق هجومه عليه في مكة أذى بهم.
وبعد ان دخلت الحجاز تحت الحكم السعودي منع السعوديون الحجاج العثمانيين القادمين عن طريق سوريا، بقيادة عبد الله العظم، من الوصول الى الأماكن المقدسة لأن أولئك الحجاج رفضوا الشرطين اللذين وضعهما السعوديون، وهما ألا تقدم قافلة الحج بالمحمل لأن ذلك في نظرهم بدعة، وألا يقدم مع القافلة جيش لأن ذلك لا داعي له، ولأنه قد يغري الشريف بالاستعانة به ضد الحكم السعودي، متعهدين في الوقت نفسه ان يقوموا هم بحماية القافلة من دخولها أراضيهم، ولم يرض العظم بتنفيذ الشرطين فردّ على أعقابه.
اعتمدت المؤلفة الكريمة في حديثها عن انتزاع قوات محمد علي باشا مكة والطائف من السعوديين ومجيء محمد على نفسه مددا لتلك القوات على المؤلف اليهودي سفران، الذي يحتمل أنه ما زال على قيد الحياة، ولم ترجع في ذلك كما يقتضي المنهج العلمي الى المصادر المعاصرة لتلك الأحداث، مثل الجبرتي او دحلان او بوركهارت. ولو رجعت الى هذه المصادر لعلمت السبب الحقيقي لمجيء محمد علي، وهو فشل قواته أمام صمود القوات السعودية في عسير، بل وتكبّدها خسائر فادحة.
وكما اعتمدت المؤلفة الكريمة على سفران في ذكر الحوادث السابقة اعتمدت عليه، ايضا في ذكر ما حدث لطوسون في القصيم، ومجيء ابراهيم باشا وزحفه على الدرعية مع وجود مصادر موثوقة معاصرة لتلك الأحداث. ولذلك لم يكن غريبا انها لم تشر أي إشارة الى المقاومة الباسلة التي واجهها إبراهيم في الرس مثلا.
قالت المؤلفة الكريمة «ص 48»:
«بعد استقرار تركي بن عبد الله في الرياض، عام 1824 «1240ه» سعى الى غزو منطقة الاحساء في عام 1830، وحاول بحلول عام 1833 ان يفرض الاعتراف بالهيمنة السعودية على امتداد ساحل الخليج.
ولم تعز ما ذكرت هنا، الى مصدر، والثابت ان قوة سعودية غزت منطقة الاحساء عام 1829م، وأن هذه المنطقة دخلت تحت الحكم السعودي في العام التالي، وبذلك أصبح جزءاً من ساحل الخليج تحت هذا الحكم في العام المذكور. بل إن ابن بشر قال:
«وفي سنة 1344ه، أي سنة 1829م وفد على «الإمام تركي» رجال من أهل عمان «والمراد أهل رأس الخيمة» وطلبوا قاضياً معلماً وسرية تقاتل معهم عدوهم. فأرسل اليهم عمر بن عفيصان في سرية جيش، وبعث معه قاضيا الشيخ محمداً العوسجي، فلما وصلوا عمان كاتبهم أهل الظاهرة وبعض الباطنة من عمان، ووفد أكثرهم عليهم واستعمل عليهم أميراً عبد الله بن سعود من أهل القويعية ونزل قصر البريمي».

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved