| عزيزتـي الجزيرة
ثلاثة أمور وضعتها قيادتنا الرشيدة على رأس أولويات كثيرة فمنذ ان انطلقت مسيرة البناء والتشييد وحين كانت الأحوال المادية شحيحة وكان التعليم والصحة والفقر هموماً تؤرق القيادة وتستحذ همم الرجال لاجتثاث الأمية ومعالجة المرض ومحاربة الفقر، كانت قيادتنا تعطي للتعليم كما هي سخية على الصحة وكما هي كريمة على الضمان الاجتماعي حتى اصبح التعليم يضيء ظلمة القفار، وشيدت للصحة مستشفيات غطت إن لم يكن كل أرجاء البلاد فهو بالتأكيد معظمها.
وحين استعيد ذاكرتي وافتح سفر يحكي عن سيرة هذه المظلة الصحية التي حظيت بها القريات وعلى امتداد نصف قرن من الزمان. فإن النصف الأول من السبعينيات الهجرية قد شهد ولادة اول مركز صحي ولا تزال اللوحة التذكارية تؤرخ له ولنشهد عام 1382ه إنشاء أول مستشفى حكومي وبارتباط مع مندوبية وزارة الصحة بمنطقة الحدود الشمالية بعرعر وهذا مسماها انذاك ولنشهد فيما بعد افتتاح مراكز صحية في قرى المنطقة وتحديث مستشفى الملك فيصل مما يتطلب وجود جهاز اشرافي بعد انشاء مستشفى القريات العام وبسعة «278» سريرا فكان أن رأت القيادة الحكيمة ومن خلال اللجنة العليا للإصلاح الاداري وبقرار من سمو نائب رئيس اللجنة احداث مديرية للشؤون الصحية بالقريات وذلك عام 1406ه لتعزيز هذا الجهاز وتعضيده وتطويره بما يواكب تطلعات الحكومة الرشيدة وكان ان ترجمت هذه المديرية التطلعات وسعت وبكل ما اتيح لها من إمكانات للرفع من مستوى الخدمة الوقائي منها والعلاجي وزيادة في المراكز الصحية كي تغطي كافة القرى والهجر والتجمعات السكانية وتسعى وبدعم مؤثر من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالاله بن عبدالعزيز أمير المنطقة وسمو نائبه لإنشاء مستشفيين في كل من الحديثة والعيساوية واللذين اعتمدا في ميزانية وزارة الصحة هذا العام مع العمل على توسعة المستشفى العام وتطوير مستشفى الملك فيصل لتصبح المديرية مسؤولة عن «3» مستشفيات و21 مركزا صحيا و1 مركز تخصصي لطب الاسنان وليصبح عدد العاملين بقطاعاتها المختلفة ما يناهز ال«2000» موظف وطبيب وفني. ورغم هذا التطور والتوسع في شبكة الرعاية الصحية إلا اننا كنا ومازلنا ننشد التطوير والتحديث والارتقاء بالخدمة العلاجية ومع غمرة ابتهاجنا وسعادتنا بطرح مناقصة انشاء مستشفى الحديثة والعيساوية يأتي قرار معالي وزير الصحة بإلغاء مديرية الشؤون الصحية بالقريات وربطها بمديرية الشؤون بالجوف.
حقيقة جاء القرار مفاجئاً لكل مواطن وبقينا عدة أيام غير مصدقين لكن القرار جاء ومعه كان السؤال الكبير ما هو المبرر؟؟ ما هو الدافع؟؟.
حين كانت القريات لا تضم إلا مستشفى واحدا وعدداً من المراكز الصحية رأت القيادة ان المصلحة احداث مديرية للإشراف على القطاع الصحي بالقريات فكيف تأتي وزارة الصحة وبجرة قلم لتلغي قراراً للجنة العليا للإصلاح الإداري وبعد «16» عاماً من تنفيذه. فهل المنطق يقر بهذا القرار والعمل به؟؟ وهل المصلحة العامة يخدمها هذا الإلغاء؟؟ لا أعتقد اطلاقاً!!
قد يكون لمعالي الوزير رأي في ذلك ولكن قرار يمثل هذا الموضوع ألا يستحق الدراسة والتمحيص قبل ان يتخذ ويعمل به؟
هل يستطيع جهاز صحة الجوف الاشراف على الخدمات الصحية بالقريات ومن على بعد 400 كم وأي اشراف ستكون عليه الحال بعد الغاء المديرية؟ والا يضيف هذا القرار تبعات جسيمة على صحة الجوف وهي التي عندها من المسؤوليات ما يكفيها قبل ضم القريات لها..
والوزارة تدرك مشكلات البعد الجغرافي وقد عانت من ذلك كثيرا فكيف تغمض اعينها عن امر هي تشتكي منه وتبحث عن حلول؟
ثم ما هو مصير طوابير الموظفين الذين سيطلب منهم الانتقال الى الجوف؟ وماهية تبعات ذلك؟؟ وهل تتصور الوزارة سهولة النقل وما سينجم عنه؟ ألا يعني مغادرة اسر من أبناء القريات لمدينتهم؟ ألا يعني تشتت اسر؟ او ترك موظفين لمصدر رزقهم؟
إننا نعلم دأب حكومتنا الرشيدة وسعيها الدؤوب لخدمة المواطن في موقع تواجده وانها لا تصدر قراراً إلا وتضع مصلحة المواطن اولا.. وتحرص كل الحرص على أن يواكب التطوير والتنمية كل جزء من بلادنا. وسعيها الدائم والحثيث لمعالجة اوجه القصور.
إننا نناشد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالاله بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف والذي اعتدنا منه المواقف الصائبة والقرارات الحكيمة، كما نناشد معالي وزير الصحة الدكتور أسامة شبكشي الذي عرف عنه الحرص والاهتمام بصحة المواطن وراحته، والله اسأل ان يهدينا الى الطريق السليم. والله الموفق.
سليم صالح الحريّص
|
|
|
|
|