| مقـالات
ذهبت ذات يوم لزيارة قريب لي لم أره منذ مدة ليست بالقصيرة، إلا انني لم أستأنس معه بحديث فبين لحظة واخرى يأتي احد ابنائه ليسأل عن موضوع استعصى عليه فهمه ليقوم مضيفي بالشرح والتحليل فتارة يعرف ما استشكل على ابنه ومرات يقلّب الكتاب ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن معرفة ما صعب فهمه فإذا به لا يجد جوابا بل عقدت لسانه الحيرة وتملكته الدهشة في الوقت الذي لا يرغب فيه ان يكون امام ابنه بمثابة العاجز..
بعد ذلك شرح لي معاناته وان هذا شغله الشاغل يوميا اذ لديه ستة من الولد بين ذكر وانثى وكل واحد من هؤلاء الستة يحتاج الى من يشرح له الموضوعات لمواد مختلفة فضلا عن اختلاف مراحلهم الدراسية وتساءل محدثي ماذا يفعل ابنائي في المدرسة وهم يتجهون اليها مع اشراقة شمس كل صباح ولا يعودون الا بعد صلاة الظهر؟ ثم استرسل في حديثه بأنه متابع لابنائه فهو افضل بكثير من بعض الآباء ممن انشغلوا باللهو او التجارة.. اما محدثي فقد فرَّغ وقته في المساء لمتابعة ابنائه الا ان المشكلة كما بيَّن لي تتمثل في انه من الصعوبة بمكان شرح كافة الموضوعات لابنائه يضاف الى ذلك كون بعض الموضوعات غير معروفة بالنسبة له اذ لم يسبق له دراستها،
وفوق ذلك كله ان بعض الكتب غير وافية الشرح وتساءل لماذا لا يعطى لولي أمر الطالب نسخة من كتاب المعلم حتى يستطيع معرفة ما صعب فهمه وخصوصا في مواد العلوم الطبيعية كالرياضيات والعلوم مثلا وختم محدثي كلامه بأن كل ما يخشاه ان تكون نهاية هذه الفصول الدراسية (في المنزل) لم ينجح أحد!!
أخبرته ان هنالك مناهج دراسية كاملة مخزنة على اقراص ليزر C D وهذه الاقراص بها شرح واف وكامل للموضوعات مدعمة بالصور وبالاشكال التوضيحية الجذابة، فذكر لي انه فكر بشرائها ولكن ارتفاع ثمنها كان سببا في عدم الشراء علاوة على ان لكل مادة قرصا خاصا بها وهذا ما يرفع التكلفة على ولي امر الطالب،
خرجت من عنده وفي ذهني تساؤلات عدة عما حدثني به من مشكلات فكرت فيها ووجدت ومن وجهة نظر شخصية ان المشكلة تكمن في كلا الطرفين المستقبل وهو الطالب (الطالبة) والمرسل وهو المعلم (المعلمة) فمن جانب المعلم (المعلمة): هل سبب ذلك الانشغال بالكتابة يوميا في دفتر التحضير مما بدد الوقت والذهن اللازم لتحضير الوسائل العلمية وابتكار طرق جديدة في عرض المادة بدلا من جعل العملية اشبه بعملية القص واللصق من خلال نقل لما هو موجود بدفتر التحضير وتلقينه للطلبة والطالبات هذا من جانب،
اما الجانب الآخر هل لعملية عدم التجديد دور ومن ذلك بقاء المعلم (المعلمة) لتدريس مادة واحدة ولسنوات طويلة مما خلق نوعا من الجمود وقتل روح التجديد والابتكار فمن بين العديد من المعلمين والمعلمات هنالك من اصبح اسيرا لمادة واحدة يدور في حلقتها لسنوات وربما لعقود ام ماذا يكون السبب في ذلك يا ترى؟
اما الطرف الآخر وهم الطلبة (الطالبات): هل انشغال الطلبة (الطالبات) عن الدراسة جعلهم لا يقيمون للمذاكرة وزنا فالبعض من هؤلاء يسهر على القنوات التلفزيونية او على العاب الكمبيوتر الى ما بعد منتصف الليل (وقد قرأت في دراسة نشرتها صحيفة الرياض الجمعة 3 صفر 1422ه للدكتور فهد العريفي اوضحت ان الاطفال يمضون 28 ساعة اسبوعيا لمشاهدة التلفزيون و20 ساعة اسبوعيا للعب بالالعاب الالكترونية!) وفي الصباح يدفعه والده للمدرسة دفعا وما ان يصل الى الفصل الدراسي حتى يغلبه النعاس ويلطمه النوم ليعود بعد انتهاء الدوام الدراسي الى منزله وينام ليستيقظ قبيل أو مع أذان المغرب وليبدأ يومه كما فعل بالأمس وهكذا.. ام ان لذلك اسبابا اخرى؟
من وجهة نظري ولاجل ربط وتدعيم المنزل بالمدرسة ومساعدة الطلاب والطالبات على فهم الموضوعات لابد للشركات المتخصصة بإنتاج المناهج التعليمية على اقراص الليزر C D العمل على نشر هذه الاقراص بأسعار تشجيعية لتكون عاملا مساعدا للجميع لاقتنائها ويمكن لتلكم الشركات تعويض تلكم التكلفة عن طريق قيامها باستغلال تلكم الاقراص دعائيا كأن تتضمن دعاية لمنتجات غذائية تجذب الانتباه كما انه يجب ان تكون هذه الاقراص في متناول الجميع بدلا من قصر بيعها على محلات معينة دون غيرها ولعل ذلك يكون عاملا مساعدا لاولياء الامور لمتابعة تحصيل ابنائهم لكي يتحق لهم التفوق والنبوغ علما بأن التعليم الحديث يقوم على فكرة التعليم بالترفيه،
ومما هو جدير بالملاحظة انه لا يعمم ذلك على الجميع فمن الطلاب (الطالبات) من هو شديد الحرص كما ان بين المعلمين (المعلمات) من يعمل على تحسين الاداء والعمل على خلق وابتكار طرق جديدة في التدريس، العملية التعليمية من وجهة نظري تقوم على دعائم اربع فهناك الوسيلة وهناك المدرسة وهناك الطالب وهناك المعلم وقد ركزت في حديثي على اهم عنصرين المرسل وهو المعلم والمستقبل وهو الطلاب.
ان ابرز ما يلاحظ انه ومع قرب نهاية العام الدراسي نجد ان اعلانات الدروس الخصوصية قد بدأت في التزايد حتى باتت تملأ مداخل وجدران الاسواق المركزية حتى ان محطات البنزين لم تسلم هي الاخرى من تلكم الاعلانات.
اختم حديثي بكلمة لمعالي وزير المعارف حول التعليم اذ يقول (على المجتمع ان يقرر هل يختار معيار نسب النجاح لقياس التقدم فيه ام يختار الكفاية والامتياز من اجل انشاء جيل يقدر بعون الله اولا: على البقاء وثانيا: على الاستمرار وثالثا: على المنافسة والابتكار في ظل مجتمع علمي عالمي لن يرحم من يتخلف يستعبد فيه القوي العالم الضعيف الجاهل، ثم يستبعده من عقيدته، وشعبه، وأرضه! وشهادات الواقع ملأى بالنذر لقوم يتفكرون!!
اذن فكل من لا يرضى لنفسه، وابنائه، وامته، (بالاستعباد والاستبعاد) عليه ان يسابق، وينافس، ويزاحم، لا للنجاح فحسب، بل لتسنم الذرا، وصعود القمم).
|
|
|
|
|