| عزيزتـي الجزيرة
في مسيرة جنائزية رهيبة، وحشد كبير من الحضور.. ودعت مدينة بريدة يوم الاربعاء 1/2/1422ه العالم الجليل والشيخ الوقور )عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز العجاجي( الى مثواه الاخير. رحمه الله رحمة واسعة، وأسبغ عليه مغفرته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته.. برحمته وفضله ومنّه وكرمه.. وهو اكرم الاكرمين، وأرحم الراحمين. «إنا لله وانا اليه راجعون».
وقد شارك في تشييع جثمان الفقيد الراحل جمع غفير من المواطنين والمحبين، والعارفين، واصدقاء ومعارف الفقيد من جميع انحاء المملكة. وكان لمشاركة صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن بندر امير منطقة القصيم، وسمو نائبه. صاحب السمو الملكي الامير عبدالعزيز بن ماجد. ونخبة من كبار العلماء والوجهاء والاعيان. الاثر الطيب.. والعزاء الجميل.. في نفوس اولاد واحفاد الفقيد. وجميع افراد اسرته الكريمة.. التي لا نشك مطلقا.. في انها خسرت بفقد عميدها الشيء الكثير.. والكثير جدا كما خسرت بريدة نفسها عميد اعيانها.. وأحد رجالاتها البارزين. الا ان مما يخفف المصاب في الفقيد الجليل.. ان آثاره باقية ولله الحمد.. في خلفه من بعده.. وفيما تركه من اعمال خيرية جليلة، وسمعة طيبة.. ومنزلة كبيرة في نفوس الناس.. وحب وتقدير من الجميع. غفر الله للفقيد الغالي. ورحمه برحمته الواسعة انه سميع مجيب الدعاء.
والشيخ الفقيد )عبدالله بن محمد العجاجي( يعتبر من كبار رجالات القصيم. وعميد الاعيان في بريدة.. وله سمعة كريمة، وكلمة مؤثرة، ورأي سديد.. يعتمد على العلم والمعرفة، والخبرة والحنكة.. وصدق الرؤية وبعد النظر. فهو عليه رحمة الله.. الى جانب كونه عالما من العلماء الكبار.. الذين زهدوا في المناصب والمراكز الرسمية.. وتواروا خلف الصفوف الامامية.. للتفرغ للعبادة والاعمال الخيرية.. هو ايضا رجل دين ودولة. بحكم معاصرته لتأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود )عليه رحمة الله( الى يومنا هذا.. في هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والعافية.
ومن اجل ذلك فله كلمة مسموعة.. ورأى مقبول.. ومكانة مميزة في مجالس قادة هذه الامة.. وكبار المسؤولين فيها. وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز اطال الله في عمره.. وولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني سلطان بن عبدالعزيز وجميع الامراء والوزراء من غير تخصيص بالاسماء والصفات الرسمية والوظيفية.
وقد كان رحمه الله.. خلال مرضه يحظى بالرعاية والعناية والاهتمام الكبير.. من جميع ولاة الامر وقادة هذه الامة.. وكانوا يخصونه بالزيارات والمتابعات الهاتفية.. للاستفسار عن صحته، وعن الخدمات الطبية والصحية التي تقدم له اثناء اقامته بالمستشفيات المختلفة.. سواء منها ما كان في تخصصي بريدة، او العسكري بالرياض، او مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني.. فلهم جميعا عظيم الشكر والامتنان.. ولهم جميعا الصحة والعافية الدائمة.. التي تمكنهم من العطاء ومواصلة العمل لبناء هذا الوطن.. وخدمة هذه الشعب الوفي الامين. والفقيد )الشيخ عبدالله بن محمد العجاجي( من رجال العلم المعروفين بالورع والتقوى.. والحكمة والصلاح.. ومن المساهمين في تأسيس الجمعية الخيرية بالقصيم.. وجماعة تحفيظ القرآن الكريم.. بالتعاون مع فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان بن حميد.. والشيخ صالح بن ابراهيم البليهي، والشيخ صالح البراهيم التويجري. عليهم جميعا رحمة الله ومغفرته ومرضاته.. مع رفقة اخرين من خلفهم. يعملون على نفس النهج.. ويسيرون على نفس السيرة منهم الشيخ )محمد البشر( والشيخ عبدالله السليمان الربدي، والشيخ صالح السلمان، والشيخ الدكتور علي بن محمد العجلان رئيس جماعة تحفيظ القرآن.
وكان رحمه الله قد رأس الجمعية بعد وفاة الشيخ صالح البليهي، حتى اقعده المرض عن مواصلة العمل. الا انه لم يقعده عن الدعم المادي والمعنوي. حيث تبرع للجمعية بعدد من المشاريع الانسانية والخيرية. والتي كان آخرها مبنى مقر الجمعية الواقع على شارع الامير عبدالله بن عبدالعزيز. والذي مازال تحت الانشاء. وللفقيد اسبغ الله عليه شآبيب رحمته ورضوانه اهتمامات كبيرة نحو بيوت الله وعمارتها وقدم في ذلك الشيء الكثير. بحيث تم انشاء وترميم وفرش العديد من المساجد والجوامع.. على نفقته الخاصة.. ومن حيث لا تدري شماله.. ما تقدمه يمينه )وعلى نفقة أحد المحسنين( وكان رحمه الله رحمة واسعة صاحب خلق عظيم.. وقورا مهيبا.. ومحبوبا لدى الخاصة والعامة.. لا يحب الثناء ولا يقبله.. وقد ينكره حينما يحدث بأسلوبه الرزين المهذب.. وقد كان لي شرف الجلوس مع فضيلته مرات كثيرة في صحته وزيارات عديدة في مرضه. فوجدت فيه الطيبة الطيبة.. والتواضع الجم.. وانكار الذات.. ووجدت فيه )يرحمه الله( الصبر والاحتساب.. والايمان المطلق بالقضاء والقدر.. كما وجدت فيه الفطنة والمشاعر الرقيقة.. تنساب من بين شفتيه.. وتأتي هكذا عفوية على لسانه من غير ما عناء او تكلف.. فتحس وانت بجانبه.. بدفء المكان.. وقرب الانسان.. كما لو كنت احد الابناء.. او احد الاحفاد الاقرباء.. ان لم نحس بمساحة أكبر من ذلك. من الحب والود والوفاء النقي النظيف.. الذي لا تشوبه شوائب النفاق والمجاملات.. التي تلوث مجتمعات اليوم وللاسف الشديد. فعليه رحمة الله ومغفرته ومرضاته.
ومن صفات الفقيد النادرة.. التي وهبها الله له.. انه كان من حفظة القرآن الكريم.. ومن الملازمين لتلاوته آناء الليل واطراف النهار.. ولا ينقطع لسانه عن ذكر الله وشكره.. حتى قيل انه يقرأ القرآن بكامله في اليوم والليلة.. عندما يتيسر له ذلك. وهناك خصوصية خصه الله بها في مرضه.. فعندما يشتد به المرض.. ويصاب بالغيبوبة الجزئية.. يقترب منه احد أولاده )جزاهم الله خير الجزاء( فيفتح القرآن الكريم.. ثم يبدأ بقراءة اول السور على مسامعه ثم يتوقف.. ليكمل الشيخ وهو في غيبوبته تلاوة السورة حتى نهايتها.. مهما كانت السورة.. طويلة او قصيرة.. وبدون تأتأة او توقف. وكان رحمه الله برا رحيما.. يعطف على الفقراء والمساكين.. ويساعد الضعفاء والمعسرين. بما له تارة.. وبجاهه تارة اخرى.. يقدم العون لمن يقصده.. والدعم لمن يطلبه.. ابوابه مشرعة لكل طالب وقاصد.. وصدره مفتوح لكل الناس.. ومن اجل هذا أحبه الناس.. والناس شهود الله في ارضه. فرحم الله الشيخ )عبدالله بن محمد العجاجي( رحمة واسعة.. واحسن الله العزاء فيه.. لابنائه وبناته.. ولاحفاده واقربائه.. ولجميع افراد اسرته الكريمة.. واسكنه فسيح جناته.. وانني في هذا الموقف الحزين.. والذي ظهر جليا وواضحا على جميع معارفه ومحبيه.. وفي نفوس جميع المسؤولين والمواطنين.. لأتقدم بالشكر والامتنان.. لرفقة دربه.. وزملائه في عمله الخيري «الجمعية الخيرية وجمعية تحفيظ القرآن الكريم».. وفي طليعتهم اخي الكريم الشيخ الفاضل محمد البشر واخي الكريم الشيخ الدكتور علي العجلان رئيس الجمعية.. متمنيا عليهم وطالبا منهم مضاعفة الجهد، ومواصلة المسيرة على نهج الفقيد الراحل.. مع الاحتفاظ له بما يستحقه من التكريم والتقدير بعد وفاته.. كرمز من رموز العمل الخيري في بريدة.. وكرجل من رجالات القصيم البارزين. وذلك بالتعاون مع الصديق الوفي.. الدكتور حسن الهويمل رئيس النادي الادبي بالقصيم.. الذي اعرف مسبقا انه من الراغبين في المشاركات الايجابية بكل الامكانيات والقدرات التي يستطيعها ولاسيما في مثل تلك المواقف التي تستحق الرصد والتسجيل.. وذلك للخروج بفكرة رائدة.. تحفظ للفقيد مكانته الرسمية والاجتماعية والعلمية والثقافية في بريدة كأحد رموزها البارزين.. كما ارجو من ابنائه البررة.. مواصلة الارتباط بتلك الجمعيات الخيرية. التي شارك الفقيد بتأسيسها وبدعمها وتشجيعها بكل الامكانيات المتاحة وذلك ما يجب ان يؤخذ به ويقدم للفقيد بعد وفاته..
فرحمه الله رحمة واسعة.. واسكنه فسيح جناته. و«إنا لله وإنا اليه راجعون».. والحمد لله رب العالمين.
عبدالعزيز العبدالله التويجري
الرياض
|
|
|
|
|