| الاقتصادية
* تحقيق : أحمد الفهيد:
** يقول المثل العربي.. الغارق في أصالتنا: ))من أجدب، انتجع!(( وفي قضيتنا هذا اليوم يتردد هذا المثل كثيراً بين أسطر هذا الموضوع.
فالعمل هو النشاط الذي يكمل أضلاع مثلث الأمن وهو أول ما سعى له الإنسان القديم بعد إيجاد مسكنه حين فكر بالجمع والالتقاط ولعل الجمع والالتقاط وظيفة أقل تعقيداً من متطلبات الوظائف الحالية بعد سلسلة التطور التي مرت بها جميع المهن حتى أصبحت الشهادة الجامعية أو الثانوية العامة شهادة كل مايمكن أن يقال عن حاملها أنه )يقرأ ويكتب( ولكن الحياة العملية أصبحت تتطلب الكثير ولم تعد الشهادة الثانوية المفتاح الذهبي للمهن ولعل إعادة هيكلة العديد من كبريات الشركات شاهد على اختلاف معيار تكافؤ الفرص والفرق بين قيمة الشهادة قديماً وحديثاً.وقد تبنت الدولة هذه القضية عبر أكبر المسؤولين فيها مما جعلها هاجساً وطنياً ملحاً جندت له كل الوسائل وحققت العديد من النجاحات بدءاً من سعودة أسواق الخضار مروراً بسعودة وظائف )الكاشير( نهاية بوجود مجتمع متكامل اقتصادياً يعيش الأمن والرفاه على الجميع.
فالشاب الباحث عن عمل قد لا يقبل بأي وظيفة أو أي راتب لأن مجتمعنا المتين لايزال يتعامل مع ابن العشرين بشيء من الرأفة ولايزال هو قادراً على إيجاد مصروفه اليومي من هذه النافذة ولكن )من أجدب انتجع!(.
ورجل الأعمال مواطن يبحث عن دوره تجاه مجتمعه من خلال توفير فرص لهؤلاء الشباب الأقل تكلفة والاستثمار الأطول إلا على المدى الطويل.. ولكن )من أجدب انتجع!(.
ونحن في )الجزيرة( انتجعنا لنقدم لكم هذا التحقيق الذي سعينا من خلاله إلى عكس بعض المحاور المحيطة بهذه القضية عبر آراء ذوي العلاقة من الطرف الأكثر فاعلية واطلاعاً مع حرصنا على ألاّ يتحول هذا الطرح لمساحة يستعرض فيها رجال الأعمال مساهماتهم في هذا المشروع الوطني )السعودة( إلا أن هناك تجارب ومساهمات ورؤى جديرة بأن نتوقف عندها.. فإلى التفاصيل:
** في البداية التقينا رجل الأعمال عبدالله العثيم رئيس مجلس إدارة مجموعة العثيم التجارية وسألناه ما الذي تطلبونه من حامل الشهادة الثانوية ليشغل وظيفة محاسب )كاشير( وعن ما إذا كان هناك مواصفات خاصة متطلبة لمثل هذه الوظيفة؟ حيث أجاب:
كما قيل لكل مجتهد نصيب الشاب السعودي الذي يبحث عن وظيفة ويستطيع أن يقبل بشروطها وبالجهد المطلوب منه ويستطيع أن يؤديه من المؤكد أنه سيستمر بالعمل وبلاشك أن هناك فئة كبيرة من الشباب السعودي ناجحون وأنه كذلك هناك فئة يصيبها الملل والتسرب ربما لأنه لم يشعر نفسه بالاستقرار ويفكر بمكان أفضل ولانلومهم ولكن مازال سوق العمل بحاجة إلى نوعية والنوعية إلى حد ما يفقدها السوق ولكن نتمنى أنه وبالتدريب تتوفر هذه النوعية مستقبلاً.
ورجال الأعمال يثقون في الشاب السعودي ولكن ما نأمله من شبابنا أكثر وهم أكفاء لذلك.
* فيما لو أخذنا وظائف المحاسبين )الكاشير( مثلا والتي ستوفر فرصاً لعدد كبير من طالبي العمل مقارنة بالعدد الكبير للأسواق المركزية ماهي الشروط أو المواصفات التي تشترطها كصاحب عمل على شاب يحمل الثانوية العامة الذي يرغب الانخراط في هذا المجال؟
بالرغبة والجدية في العمل سيدرب وسيكون كفؤاً وبغض النظر عن الشهادة أيضاً وبالعكس نحن ندرب ولدينا استعداد أنت أعطني شاباً يملك الرغبة والجدية وأترك الباقي لنا!
ومن أجل ذلك سنقوم بتدريبه في مركز العثيم الخيري للتدريب سواء للعمل لدينا أو حتى العمل لدى غيرنا ونحن نرحب بهذا الشيء من خلال دورات المعهد المختلفة سواء دورات المبيعات أو التسويق أو خدمات العملاء.
* من جهة أخرى التقت )الجزيرة( رجل الأعمال عجلان العجلان والذي تحدث لنا عن تجربته مع السعودة؟ حيث قال:
من الطبيعي ان تكون تجربة السعودة كأي تجربة تنموية فهي تحتاج لبذل مزيد من الجهد في البداية ومن جميع أطراف هذه المعادلة.
والشاب السعودي يمر في مرحلة يمر بها العديد من الشباب حول العالم فهم يحتاجون إلى الانخراط في التدريب ولكن لو استعرضنا قضية التدريب ونظرنا إلى العمالة الوافدة سنجد أن أغلب ما لم يكن )كل( العمالة الوافدة غير مدربه وصبرنا عليهم إلى أن تدربوا وانتجوا فمن الطبيعي أن نعطي فرصة مماثلة أو لنقل نصف أو ربع هذه الفرصة أمام العامل الوافد في مقابل شباب الوطن أو لنقل هذه وجهة نظري الشخصية.
* وبالنسبة لنشاط تسويقي مثل نشاط شركتكم أين يمكن ان يجد الشباب السعودي فرصته بغض النظر عن وظائف الإدارة العامة؟
أبداً بغض النظر عن الوظائف في الإدارة العامة فنحن حريصون على سعودة أهم قطاع لدينا وأكثر موظفين وهو قطاع المبيعات بدءاً من مندوبي المبيعات من حملة الثانوية العامة وبعض المشرفين حملة دبلوم تجارة وبعد ذلك بالبكالوريوس لدينا مديرو التسويق ونواب مديري التسويق وأيضاً المحاسبون حاملو بكالوريوس محاسبة وكل القطاعات لدينا مفتوحة أمام السعوديين.
* ماهي الفرص التي يجدها شاب يحمل الثانوية العامة في مثل نشاطكم وماهي المواصفات الخاصة المتطلبة للعمل في مثل هذا النشاط؟
أنا أعتقد أن من يحمل ثانوية عامة أمامه العديد من الفرص ولدينا في الشركة بالتحديد عبر قطاع المبيعات.
أما من ناحية المواصفات )الخاصة( فلايوجد سوى مواصفتين هما الرغبة والإلمام بالعمل وإذا وجد هذان الشيئان فلا أعتقد أن أمامه أي مشكلة وقضية العمل لاتحتاج إلى عبقرية أو إلى جهد خارق!
ومجال المبيعات أعتقد أنه مجال مفتوح إلى آخر النفق وأعتقد ان كل من يفهمه ويتمسك فيه سيصل ويحقق ربما أفضل مما كان يطمح.
** وفي نفس السياق التقت )الجزيرة( الاستاذ عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالرياض حيث توجهنا بسؤالنا له حول السبب وراء بطء دوران عجلة السعودة للعديد من النشاطات وماهو العنصر الذي قد يفتقده الشاب السعودي ويكون عائقاً أمام إيجاده لوظيفة ومامدى مشاركة رجال الأعمال في مسؤولية هذا البطء؟ حيث أجاب:
لنتحدث عن عوائق السعودة بشكل عام وأساسي وننظر أولاً لمخرجات التعليم من الجامعة يجب أن تكون متوافقة مع احتياجات سوق العمل وهذا مهم جداً وفي نفس الوقت وفي المراحل النهائية للجامعة يجب ان يحصل على تدريب وتهيئة ويجب أن يأخذ دورات تدريبية وهو في مقاعد الدراسة في الجامعة عن طريق جهة يعمل فيها لفترة معينة ويتدرب ويتهيأ للمهنة التي درسها ويمكن ان يتقدم لها سواء في مجالات التسويق أو المبيعات على سبيل المثال ويتدرب عليه في إحدى المؤسسات أو الشركات الكبرى.
وفيما إذا رغب العمل بعد المرحلة الثانوية لظروف معينة يفترض أن يكون هناك معاهد ومؤسسات تعليمية تدرب لمهن هي الآن مطلوبة في سوق العمل.
ومما لاشك فيه أن الشاب السعودي يجب أن يجد له العمل المناسب والملائم له ولكن يجب ألا نغفل مصلحة الطرف الآخر، فالشاب السعودي يبحث عن عمل وصاحب العمل السعودي يبحث عن موظف!!
ولا يستطيع صاحب العمل أن يتحمل أعباء أشخاص ويوظفهم وهم ليسوا مؤهلين لهذا العمل وصحيح أن التأهيل شيء متطلب وأولي ولكن الخبرة والقدرات والتميز هذه تأتي بعد العمل.
وهذه في حد ذاتها ميزة وهي أن الشاب عندما يكون مؤهلاً فهو يتقدم للوظيفة والعمل بعد ذلك ولديه كل الثقة في نفسه لأنه، نعم تدرب على هذا العمل من قبل.
وأيضاً هناك عنصر رئيسي ومهم وهي أن يدرس الشاب سلوكيات العمل وهذا جانب مهم جداً سواء في الجامعة أو المعاهد أو مؤسسات التعليم الأخرى وضمن مناهج هذه القطاعات تتضمن أبجديات العمل كيف يبحث عن عمل؟
كيف يتعامل مع المسؤولين معه وكيف ينجز المهمات الموكلة إليه.
وكما هي معاناة الشاب السعودي الباحث عن عمل هي كذلك مشكلة رجل الأعمال السعودي الباحث عن موظف مهيأ ولو بشكل تأسيسي والتي هي لديه أفضل وأهون من متاعب وتكاليف الاستقدام من الخارج سواء من حيث التكاليف المالية أو تكلفة الوقت ولكنهم مضطرون للاستقدام من الخارج إذا لم يتوفر الشباب المدرب.
* بحكم علاقتكم برجال الأعمال واطلاعكم، هل تعتقد أن الصورة الذهنية عن الشاب السعودي والمرتبطة بعدم الالتزام بشكل عام لاتزال موجودة في أذهان رجل الأعمال السعودي ؟
نعم لاتزال مستمرة لهذه الأسباب التي ذكرتها فالشاب السعودي قد يقدم على العمل لأنه يبحث عن وظيفة ما أن يلتحق فيها حتى يبحث عن وظيفة أخرى في القطاع الحكومي أو الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع الحكومي وبذلك لايستطيع أن يتأهل ويتدرب كما يجب.
ولكن أيضاً هناك شريحة من الشباب تستمر وتبقى وهم قليل وهؤلاء يصلون أمام الغالب فهم يأتون للعمل من بوابة الاضطرار وقد نجد لهم بعض العذر في بحثهم عن الأفضل.
فالعوائق مختلفة تبدأ من التأهيل مروراً بالفجوة بين نظام العمل والعمال ومابين متطلبات العمل وكذلك الفجوة مابين نظام التأمينات الاجتماعية ونظام التقاعد، هذه الفجوات تجعل الشاب السعودي يفضل القطاع الحكومي لأنه يمكنه من العمل فترة واحدة في النهار، أيضاً يقبلون عليه لأنهم يتصورون أن نظام التقاعد أفضل له من التأمينات الاجتماعية ومشكلة الشباب في أنه يعمل بشكل مؤقت دون أن يحرص على فهم العمل وعينه على وظيفة أفضل!
* الا ترى أن من حق الشاب أن يطمح لأن يصبح صاحب العمل في يوم من الأيام؟
مشكلة الشباب أنه يريد أن يصبح مديراً ثاني يوم! يريد أن يصبح رجل أعمال ثاني يوم! يريد أن يكون الآمر الناهي! وهذا أمر طبيعي أن يطمح الشاب لأن يصبح مثل صاحب العمل الذي يعمل لديه ولكن يكون ذلك بعد فترة أدى فيها جزءاً من التزامه تجاه صاحب العمل ثم بعد ذلك يسعى في القيام بنشاطه الخاص وهذه من أسباب عدم استمرار وفاعلية الشاب بعد الالتحاق بالعمل. ويضيف الجريسي:
ولأتكلم من واقع تجربتي الشخصية فأنا لست ممن تخرج في الجامعة ووجد له وظيفة تنتظره، أنا عملت في عمل بسيط وعملت موظفاً ولكن صبرت ولم أكون نفسي إلا بعد تعب وبعد تجربة طويلة وبعد الصبر والصدق والأمانة مع من أوكل إلى العمل وكل هذه الأمور عوامل مهمة لتجربة الشاب السعودي حديث التخرج أو حتى لاعتبارها عند النظر لتجربة السعودة في المملكة.
ونحن بالتالي كرجال أعمال مع توجهات حكومتنا في أن يكون هاجس حكومتنا إيجاد الوظيفة لكل طالب عمل وتهيئة الشباب السعودي لكل الوظائف هذا الهاجس مبعث فخر واعتزاز لنا رجال الأعمال في ما نلمسه بشكل مباشر من اهتمام حكومتنا بالشباب السعودي ومن الجنسين.
ولكن أيضاً لابد من توفر عناصر ضرورية لتجسيد هذا الهدف على أرض الواقع.
ومن حسن الحظ ان من يحمل هذا الملف الهام والملّح هو صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز والذي يتحدث دائماً عن هذا الموضوع من موقع المسؤول والمهتم بإنجاح هذه التوجهات مؤكداً على ضرورة وجود توازن مابين مصلحة العامل ومصلحة العمل والمؤسسة التي سيعمل بها فمن حق هذه المؤسسة أيضاً أن يكون لديها عامل منتج!
وإذا اتفقنا على ضرورة التدريب وحق العامل في الحصول على التدريب من قبل المؤسسة والشركة التي يلتحق فيها إلا أنه ليست كل المؤسسات والشركات فهناك العديد من المؤسسات والشركات الصغيرة أو المتوسطة أو الشركات التي ظروفها صعبة قد لاتكون قادرة على التدريب لذا يجب ألا ننتظر من كل من يريد أن يوظف شاباً سعودياً أن يكون قادراً على التدريب؟!
ولايمكن مقارنة كفاءات الشركات الصغيرة والمتوسطة بشركات مثل أرامكو أو سابك أو الخطوط السعودية أو مؤسسات التوازن الاقتصادي والقادرة على ان يتخصص جزء من انفاقها لبرامج التعليم والتدريب.
وفي ختام مشاركته يضيف الجريسي:
ولذلك يجب ان نراعي جميع الأطراف وكل مؤسسة صغيرة أو كبيرة ماهي إلا لبنة من لبنات الاقتصاد الوطني وتستحق أن ننظر لها كما ننظر للفرد السعودي لأن هذه الشركات أيضاً صاحبها سعودي وكما تفضل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز عندما قال: )نريد أن يكون هناك توظيف للشباب السعودي المنتج نريد ان يكون هناك ربحية للشركات والمؤسسات السعودية(.
وقضية الربح والربح المعقول قضية أساسية فالمؤسسة التي لاتربح ستغلق بعد سنة أو أكثر وسيصبح أصحابها والعاملون فيها عبئاً جديداً على عاتق الاقتصاد والمجتمع.
من جهة أخرى التقت )الجزيرة( معالي الدكتور عبدالرحمن الشقاوي مدير عام معهد الإدارة وهو جهة غنية عن التعريف في تجربة التدريب وتهيئة الموظفين حيث توجهنا لمعاليه بسؤال عمّا قد ينقص الشاب السعودي في سبيل احتواء الكم الهائل من الوظائف التي يشغلها الوافدون حيث أجاب:
في اعتقادي ان الشاب لاينقصه أي شيء ومن خلال تجربتنا في معهد الإدارة نحن نخرج مندوبي مبيعات وأيضاً موظفي العمليات البنكية وفي الفنادق وأيضاً محاسبين في المحاسبة التجارية كذلك برامج المراجعة المهنية التي مدتها سنتان ونصف السنة بعد الجامعة لمكاتب المحاسبين القانونيين .
لذا أعتقد ان الشاب السعودي إذا اعطي الفرصة في التدريب المناسب لديه من القدرات ماتفوق كثيراً من الوافدين ولاسيما أن هذا التدريب مدعوم بإلمامه بالعادات والتقاليد بشكل سيسمح له أيضاً بمساعدة الشركة على التسويق.
* كيف نفسر عدم سعودة قطاع كبير مثل المبيعات على الرغم من وجود تأهيل لهذا النوع من العمل فهل يمكن أن يكون عدم قبول الشاب للعمل ب 2000 أو 2500 ريال هو السبب؟
لا .. لا أبداً! خريجونا يتعينون ب 3500 ريال على الأقل وأنا هنا أتحدث عن خريجي برنامج المبيعات الذي يستغرق سنتان تدريب بعد المرحلة الثانوية وهؤلاء يجدون إقبالاً من الشركات لأنهم مدربون.
أما إذا كنت تقصد حملة الثانوية فربما أنهم يجدون عروضاً من هذا النوع وذلك لأنهم غير مدربين مقارنة بمن درس المبيعات وتدرب لها لمدة عامين بعد الثانوية.
** وفي الختام:
لايمكننا ان نلوم الشباب على عدم تأهيلهم من خلال القنوات المتاحة.. ولايمكننا كذلك أن نطلب من رجال الأعمال )صدقة دورية( على شكل وظائف لغير المؤهلين.. ولايمكننا أن نطلب من الدولة أن تشجع الترهل الوظيفي وأن توفر مكتباً لكل من يقرأ ويكتب!!
|
|
|
|
|