| الثقافية
في الأمور المادية البحتة يجوز للمقاييس والموازين أن تفرض سلطتها وتبسط نفوذها.. بمعايير رقمية ترتفع وتهبط.. وفق حسابات دقيقة ترتبط بحجم الكميات.. وبمقدار الأبعاد!!
غير أن أحدا لا يستطيع أن يطبق هذه المعايير المادية على جملة النوازع الذاتية للنفس البشرية.. حتى أولئك الذين يمكن وصفهم بأصحاب الفراسة.. والدهاء.. والفطنة!!
وتظل أغوار النفس.. ومكامن الذات الداخلية.. سراً أبدياً من أسرار الخالق سبحانه وتعالى.. تقف دونها كل محاولات البحث.. والقياس والتحديد!!
ولو كانت المشاعر تقاس..أو توزن.. لأصبحت سلعة رخيصة مبتذلة تباع بالمزاد لمن يدفع أكثر.. خاصة في هذا العصر الذي أصبح فيه كل شيء يخضع لعامل العرض والطلب!!.
ويخطىء من يظن أن للمشاعر سوقاً.. وعلى غير حق من يرى أن حفنة من الدراهم تشتري العواطف.. باعتبارها رهينة صاحبها وطوع إرداته.. لا ينالها راغب أو محتاج إلا بالعملة التي تعرفها.. وتتعامل بها!!.
قد يتوهم المرء أنه ابتاع شيئاً منها بإرادته.. ولكن عجلة الزمن تكشف عبر مسارها زيف اعتقاده في مشهد يقترب فيه الشبه برغوة الصابون التي سرعان ما تذوب وتتلاشى بفضل حركة الرياح.. ولو عرف الإنسان أن العواطف والمشاعر الإنسانية أخذ وعطاء.. بنفس القيمة والنوع لاستراح وأراح!! ولكف عن مهزلة التباهي.. والزهو بالقدرة على اجتياح دنيا العواطف بالمقاييس.. والموازين المادية!!
ولعلنا لا نجني على الواقع الذي نعيشه اليوم إذا قلنا أن مسار التعامل فيه ضمن هذا الميدان قد اتخذ منحدراًَ صعباً نخشى أن يزل بأقدام أصحابه.. من أولئك الوصوليين الراكضين وراء مطامحهم الذاتية الضيقة.. وبودنا لو يتسع وقتهم للإجابة على السؤال:
إلى متى يظل المرء بعيدا عن مراجعة الذات؟! إنه سؤال بريء.. قد لا تتوفر إجابته الدقيقة إلا في لحظات الصفاء!!.
ابراهيم الجبر
|
|
|
|
|