| ملحق مجمع العليان التعليمي
لقد لفت نظري اهتمام المدارس في إدارة التعليم في عنيزة بإدخال تقنية الحاسب الآلي في البرنامج المشترك بين وزارة المعارف وفيوتشركيدز السعودية حيث تتراوح نسبة المسجلين في البرنامج بين 6191% من أعداد الطلبة. وقد حاولت معرفة السبب في ذلك مقارنة بالتسجيل في المدارس الأخرى في المناطق التعليمية خارج مدينة عنيزة، فاكتشفت بأن السبب الرئيسي هو حرص مدير التعليم بعنيزة على إدخال التقنية في المدارس. فلم تدخل شركة فيوتشركيدز في مدارس عنيزة إلا بعد المتابعة المستمرة منه وتشجيعه للشركة في إدخال الحاسب الآلي في المدارس ضمن البرنامج المشترك بين وزارة المعارف وفيوتشركيدز السعودية.
وهذا يؤكد ما كنت أنادي به دائماً بأن تطوير التعليم يكمن في تطور إدارته. كما أن الدور القيادي لمدير التعليم ومديري المدارس هو دور أساسي في التطوير الحقيقي للتعليم. وبالرغم من الجهود التي تقوم بها المؤسسات التعليمية في تحسين النوعية في التعليم إلا أن تطوير القيادات التربوية في المدارس بالنسبة لتعليم البنين والبنات مازال دون المستوى المطلوب ، فمديرو المدارس قدوة للمعلمين في تحقيق العمل المتميز . وبهذه المناسبة فإنني أحث وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات وجميع الجهات المشرفة على التعليم على تنمية المهارات الإدارية لمديري المدارس لتولي أدوارهم القيادية في تطوير التعليم في المملكة العربية السعودية من خلال تصميم برامج تدريبية لهم مبنية على احتياجاتهم التدريبية، والتي تركز على اكتساب المهارات بدلاً من البرامج التقليدية الحالية التي تركز على المعارف.
لقد حرصت وزارة المعارف على مساهمة القطاع الخاص في التعليم خصوصاً بعد تولي معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد هذه الوزارة . فقد كان حريصاً على أن يشارك القطاع الخاص في مختلف مجالات تطوير التعليم سواءً من ناحية توفير الجوانب المادية مثل المباني الدراسية والأجهزة .. إلخ أو المساهمة من الناحية النوعية في تطوير العملية التعليمية نفسها مثل تشجيع القطاع الخاص في إدخال تقنية الحاسب الآلي في المدارس الابتدائية والمتوسطة بأسعار معقولة يتولى دفعها أولياء أمور الطلبة كمساهمة منهم لتطوير تعليم الأبناء في التقنية.
ويلقى إدخال الحاسب الآلي في المدارس الحكومية التشجيع والمساندة من قبل القيادات العليا في الدولة ، فقد أبدى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني سعادته الغامرة بتجربة إدخال الحاسب الآلي في المدارس الابتدائية والمتوسطة في مدارس المملكة كما أوضح ذلك معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير المعارف في الكلمة التي ألقاها لدى افتتاحه المعرض المقام بمدرسة البيطار الابتدائية بالرياض والذي أقيم بمناسبة البرنامج المشترك بين وزارة المعارف وفيوتشركيدز لإدخال الحاسب الآلي في المدارس الحكومية بمساهمة أولياء الأمور في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. وقال معاليه بأن سمو ولي العهد قد سمع عن هذه التجربة وقد أيدها سموه ووجدت كل الدعم والتشجيع من القيادة الرشيدة وقد أبدى سموه سعادته بهذا المشروع الطموح الذي يشترك فيه القطاعان العام والخاص للعمل سوياً من أجل إعداد جيل من الشباب يكون قادراً على مواجهة تحديات عصر المعلومات الواسع كما أن من شأنه أن يزيل رهبة الحاسب الآلي ويعزز الثقة في نفوس أبنائنا الطلاب لتصبح التقنية جزءاً من أعمال مدارسنا البارزة والفاعلة.
أرى أن القطاع الخاص يمكن أن يقوم بدور كبير في تطوير التعليم في المملكة وبالرغم من التشجيع الذي يلقاه للمساهمة في هذا المجال إلا أنه مازال يواجه مشكلات في تحقيق هذه المساهمة وخصوصاً القطاع الذي يشارك في إدخال تقنية الحاسب الآلي في المدارس مثل الروتين وعدم السرعة في البت في المواضيع مثل تأشيرات المعلمين.. إلخ، فمشاركة الوزارة وتشجيعها يجب ألا يقتصر لمجرد السماح للقطاع الخاص في إدخال تقنية الحاسب في المدارس الحكومية وإنما يجب أن يتعدى ذلك إلى حث أولياء أمور الطلبة علناً في الصحف المحلية وفي المناسبات التلفزيونية بتسجيل أبنائهم في البرنامج المشترك ، بالإضافة إلي دور مديري ومعلمي المدرسة في الاتصال بأولياء أمور الطلبة وتوعيتهم بأهمية تقنية الحاسب الآلي لمستقبل الأبناء. ولكن المدير والمعلمين يحتاجون إلى الدعم والمساندة الرسمية من قبل إدارة التعليم والوزارة للقيام بهذه المهمة ، لأن زيادة التسجيل في مثل هذه البرامج معناه نجاح القطاع الخاص في مهمته ،ونجاح القطاع الخاص معناه نجاح الوزارة والمؤسسات التعليمية الأخرى في تدريس الحاسب الآلي في المدارس الابتدائية والمتوسطة وتوسيع نطاق التقنية في المجتمع السعودي. وإذا لم يربح القطاع الخاص في مثل هذه البرامج المكلفة فإن الخاسر الأكبر هو المجتمع والمؤسسات التعليمية نفسها ، لأنه عندما يواجه القطاع الخاص بعض الصعوبات فإنه سوف يقلص الاستثمار وبالتالي يتخلى عن المساهمة في هذه البرامج وبالتالي فإن المؤسسات التعليمية سوف تجد صعوبة في تحقيق أهداف إدخال تقنية الحاسب الآلي في المدارس.
ويعتبر مجمع العليان التعليمي وفيوتشركيدز السعودية أحد الشواهد لتعاون القطاع الخاص مع وزارة المعارف، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن رجال الأعمال في المملكة لا يدخرون وسعاً في مد يد العون والمساندة للتعليم في وطنهم. كما أن البرنامج المشترك بين وزارة المعارف وفيوتشركيدز السعودية لإدخال تقنية الحاسب الآلي في المدارس الابتدائية والمتوسطة يعتبر أول برنامج يساهم فيه القطاع الخاص لتعليم الحاسب الآلي بتمويل من أولياء أمور الطلبة داخل المدارس الحكومية. وبالرغم من أن هذا البرنامج لم يبدأ إلا بخمس مدارس منذ ثلاث سنوات في مدينة الرياض إلا أنه أصبح يضم أكثر من خمسين مدرسة حكومية في كل من الرياض والمنطقة الشرقية وبريدة وعنيزة وجدة وبعض المدارس الأهلية ويدرس فيه أكثر من 22 ألف طالب وطالبة.
وأرى أن مساهمة القطاع الخاص في التعليم سوف تتوسع لعدة عوامل منها أن القرن الحالي سوف يشهد شُحَّاً في الموارد المالية في كثير من الدول النامية لاعتمادها على الصادرات من المواد الخام والتي سوف تتناقص قيمتها في المستقبل لتطوير التقنيات العلمية والتحول التدريجي من الصناعات الثقيلة إلي صناعة المعلومات ، وكذلك تزايد الطلب الاجتماعي على التعليم مما أصبح يشكل عبئاً كبيراً على الدول النامية ، بحيث أصبحت الأجهزة التعليمية الحكومية غير قادرة على الوفاء باحتياجات المجتمع من الناحية الكمية والنوعية.
ولكي يستمر القطاع الخاص في المساهمة والاستثمار في التعليم، فإنه قد حان الوقت لتكريم رجال الأعمال من قبل الدولة وخصوصاً ممن ساهم من الناحية المادية والنوعية لتطوير التعليم في المملكة ومنهم الشيخ سليمان العليان بما قدمه في هذا المجمع المتميز لخدمة التعليم، وكذلك الشيخ فهد الراشد الحميد كأول رجل أعمال استثمر في إدخال الحاسب الآلي في المدارس الابتدائية والمتوسطة التابعة لوزارة المعارف.
* أستاذ الإدارة التربوية
|
|
|
|
|