| عزيزتـي الجزيرة
في المقال الرائع الذي شيّدت بناءه المعلمة الفاضلة«ليلى المقبل» على أرض «عزيزتي الجزيرة» والذي عنونته ب«قصص حقيقية من واقع طالباتي» أقول انه يجب الوقوف طويلاً أمام مثل تلك القصص المخيفة حد الألم خصوصاً أن الكاتبة اعترفت بسن قلمها أن مثل تلك الحالات غير فردية، بل هي كثيرة بدليل قولها «من خلال عملي كمعلمة تمر يومياً ألوان كثيرة من المعاناة التي تعيشها الطالبات..» فلعلنا نضع خطاً تحت كلمة «يومياً» وأكثر من خط تحت عبارة«ألوان كثيرة» لنصل الى أن القضية وكما أسلفت ليست فردية، بل بلغت حد انها من الكثرة ان صارت تمر على المعلمة يومياً وبأعداد وألوان كثيرة! وهنا مربط «المشكلة» فوجود «فتاة» وقعت تحت براثن ذئب بشري لديه صور ووسائل أهدتها إياه يداً بيد ولم يتسلق عليها سور منزلها ليأخذ الصور!! فهذه وإن كانت مشكلة تستحق منا اكثر من وقفه لكنها تبقى قضية فردية ربما أمكن علاجها.. لكن ما يؤرق المتلقي أن تتحول مثل تلك المشكلة الى «ظاهرة» بحيث صارت تعرض على معلمة واحدة وفي مدسة واحدة عشرات المرات!! «فهنا مكمن الخطر» فلو افترضنا أن المعلمة تتلقى ما معدله ثلاث حالات يومياً.. فهذا يعني انها ستقابل خمس عشرة فتاة اسبوعياً وستين حالة شهرياً وأكثر من خمسمائة حالة سنوياً! وهذا طبعاً في مدرسة واحدة ولدى معلمة واحدة.. السؤال ماذا عن المدارس الأخرى وماذا عن المعلمات الأخريات بل كم من الحالات التي لم تبرح صدور«ضحاياها» إما لانعدام الثقة بين التلميذه والمعلمة او لكون المعلمة اصلاً ترى أنها غير معنية حتى بسماع مثل هكذا قضايا وترى أنها مجرد نزوات قد يكون الزمن كفيلاً بطيها!!
ثمة سؤال أيقظة مقال المعلمة ليلى في داخلي وهو هل لدى معلمة اليوم من الثقة بنفسها بأن تفتح قلبها على مصراعيه لتلميذاتها؟! وهل هي قادرة على ان تزيح الستار عن كل الأحلام والآلام التي تسري في عقولهن وعروقهن، بل هل لديها قدرة الاختلاف معهن دون أن تخسرهن او تكرههن؟!.. كل تلك الاسئلة وربما غيرها كثير استيقظت بداخلي وانتصبت أمامي وأنا أقرأ مقال المعلمة ليلى الذي يستحق حقيقة أكثر من إشادة وتستحق كاتبته أيضاً كل الشكر على شجاعتها في الطرح وقدرتها على ممارسة مهنتها كمربية قبل ان تكون ملقنة أقصد معلمة!
أعود وأقول انني شخصياً لو سئلت عن تلك المعلمة القادرة على فتح قلبها وبكل جوارحه وأحاسيسه لطالبتها لقلت بلا تردد في الغالب هي للأسف غير موجودة وان وجدت فهي حالة فردية خصوصاً في المرحلة الثانوية وهي أشد مراحل المراهقة خطراً ومجرد عبورها بسلام يعد انتصاراً وإنجازاً للمعلمة بالدرجة الاولى والأخيرة! أما لماذا أرى ان تلك المعلمة تكاد تكون في الغالب غير موجودة فلذلك سببان الاول التقارب العمري بين المعلمة والطالبة فعمر طالبة الثانوية يتراوح بين الخامسة عشرة والعشرين بينما عمر المعلمة حالياً لا يتعدى الخامسة والعشرين وهو عمر قد لا يؤهل صاحبه لنيل ثقة الطالبة.. والسبب الثاني وهو الأهم ومن وجهة نظري الشخصية هو فشل اغلب المعلمات بأن تكون «قدوة» من جميع النواحي فالذي يشاهد منظر أغلب المعلمات الخارجي وما ترتديه من ملابس وما تضع على وجهها وأظافرها من أصباغ وكيف ان الجوال بات لايفارق يدها حتى وهي داخل الفصل، بل بلغ حد مزاحمة أصابع الطباشير بل دفتر التحضير!! أقول من يشاهد هكذا معلمة فلربما تصور انها ذاهبة لحفلة زواج وليس الى دار علم وتربية ناهيك عن ضعف التحصيل العلمي والثقافي والذي للأسف لم يعد يخفى حتى على طالباتها.. وهذا بالطبع ليس تعميماً لكنه للأسف هو الأكثر.. والحكم دائماً يؤخذ بالأكثرية!!
سعود محمد السعدي ـ حائل
|
|
|
|
|