| ملحق جازان
*استطلاع /علي يحيى الراجحي :مكتب جازان:
عرفت أحد المسارحة منذ ما يزيد على أربعة قرون من خلال سوق عتيد كان يعد المتلقى الأسبوعي لقبائل المسارحة في يوم الأحد من كل أسبوع وكان يرتاد ذلك السوق والمعروف بسوق الأحد آلاف البشر من كل أجزاء وقطاعات جازان إضافة إلى الأجزاء الشمالية من اليمن الشقيق لتسويق منتجاتهم الزراعية والحيوانية والصناعية والحرفية ولعل ما يميز سوق الأحد هو توفر جميع أنواع السلع الاستهلاكية إلى جانب اعتباره ملتقى اجتماعياً لجميع القبائل بالمنطقة لمناقشة خلافاتهم وإيجاد الحلول لها مشتملاً بذلك على مختلف الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والتجارية والتسويقية والإنسانية مما عزز من عراقته وتاريخه العتيد الذي لازال يمثل علامة بارزة في تاريخ جازان التليد.
واليوم تُعد محافظة - أحد المسارحة من أكبر محافظات جازان مساحة وأكثرها سكاناً وكذلك على صعيد ما تحتويه من تجمعات سكنية يصل مجموعها إلى مائة وعشرة تجمعات سكنية أو تزيد ، يقطنها حوالي سبعين ألفاً من قبائل مسارحة جازان.
وتأتي المنجارة وسوق الأحد والعروجحا والبيطارية والواسط وسوق الليل في مقدمة أحياء وقرى المحافظة أهمية وكثافة سكانية ولعل ما يميّز محافظة المسارحة هو توسط وأهمية موقعها على خارطة منطقة جازان مع انسيابية وسهولة الوصول إليها من مختلف الاتجاهات من خلال منظومة طرق معبدة تربطها بمدينة جازان وبمحافظات أبي عريش وصامطة والخوبة وبقية محافظات ومراكز المنطقة وما يُعزز ويدعِّم أهمية محافظة المسارحة هو وجود منطقة صناعية حيوية ، لها إسهامات بارزة في دفع عجلة التنمية بالمنطقة ويمثل مصنع أسمنت الجنوب الواقع جهة المنجارة بالأحد الشرقية علامة مضيئة وسمة بارزة في النهضة العمرانية التي تشهدها جازان والمنطقة الجنوبية بالمملكة ، وقد حظيت محافظة المسارحة بنصيب من الخدمات الحكومية في عدد من المجالات والميادين شأنها في ذلك شأن بقية المحافظات في المملكة بَيْد أن المتأمل في جزئيات تلك الخدمات يلاحظ عدم استيعابها وعدم شمولها لجميع التجمعات السكنية بالمحافظة فعلى صعيد الخدمات البلدية المقدمة بالمحافظة وعلى الرغم من الإسهامات الملموسة لبلدية أحد المسارحة في أعمال النظافة إلا أن كثيراً من قرى المحافظة باتت تعاني من تكدس النفايات بها إلى جانب ما تزخر به طرقاتها ليلاً من ظلام دامس.
ويفتقر سوق المسارحة إلى أُطر التنظيم هذا إلى جانب ضيق شوارعه والمعروفة بكثرة اختناقاتها المرورية مع احتياج كثير من التجمعات السكنية بالمحافظة إلى مشاريع تسوير لمقابرها والتي أضحت معالمها غير معروفة للعامة من السكان.
وعلى صعيد الطرق يوجد بالمحافظة أربعة طرق رئيسية وهي طريق الأحد جازان وطريق الأحد الحرث وطريق الأحد أبي عريش والطريق الدولي الذي يربط الأحد بالطوال مروراً بصامطة وصولاً إلى اليمن الشقيق ، هذا إلى جانب الطريق التجاري والصناعي طريق مصنع أسمنت الجنوب المزدوج الذي يربط عدداً من الأحياء والقري في الأحد الشرقية إضافة إلى عدد محدود من الوصلات تربط عدداً من القرى والأحياء في المحافظة تمَّ إنشاؤها بجهود ذاتية من المجمع القروي قبل حوالي خمسة عشر عاماً.
ولا تزال كثير من القرى في المحافظة تفتقر إلى طرق مسفلتة تربطها بمقر المحافظة ومدن المنطقة الأخرى حيث تتحول تلك القرى في مواسم الغبار إلى تجمعات سكنية شبه معزولة كما يصعب التنقل منها وإليها ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قرى الغويدية الشمالية والغويدية الجنوبية ورعشة والنافعي والمجامة والرواجحة والحازمية والسويدية.
وفي مجال الصحة يوجد بالمحافظة أربعة مراكز للرعاية الأولية في المنجارة ومقر المحافظة والجعدية والحبجية إضافة إلى عيادة طبية بالمدينة السكنية بمصنع الأسمنت بالأحد الشرقية إلى جانب مستشفى عام ومركز مساند للرعاية الأولية تم الانتهاء من بنائها وتشييدها ، وينتظر أهالي المسارحة بفارغ الصبر تجهيزها وتشغيلها لمواجهة النقص الذي تعاني منه المحافظة في الخدمات الصحية خصوصاً مع عجز المراكز القائمة حالياً عن استيعاب احتياجات السكان من الخدمات الصحية والطبية. هذا وعلى صعيد النهضة التعليمية بالمحافظة يوجد حالياً بالمسارحة ثلاثون مدرسة ابتدائية للبنين وثلاث عشرة مدرسة متوسطة وخمس ثانويات ومركز للإشراف التربوي لتعليم البنين كما يوجد بالمحافظة سبع وعشرون مدرسة ابتدائية للبنات وثماني مدارس متوسطة للبنات وثلاث ثانويات ويتطلع الأهالي إلى إنشاء كلية للبنات لمواجهة الأعداد الكبيرة من خريجات الثانوية بالمحافظة والمحافظات الأخرى القريبة منها واللاتي تعجز الكليات القائمة حالياً بالمنطقة عن استيعاب عدد كبير منهن مع أهمية تزويد مدارس البنات المتوسطة والثانوية القائمة حالياً بالعدد الكافي من المعلمات في مختلف التخصصات وافتتاح مدارس جديدة للمرحلتين لمواجهة مشكلة ارتفاع معدلات الطالبات في الفصول وضمان مستويات تحصيلية متميزة ، وتحسين ورفع وتيرة العمل بهذه المدارس وتعزيز ذلك بإنشاء مركز للإشراف التربوي للبنات خصوصاً مع وجود حاجة ماسة إليه بالمحافظة .
وفي مجال خدمات المياه بالمحافظة يحتاج عدد من القرى إلى مشاريع للمياه العذبة لمواجهة طلبات السكان المتزايدة على المياه العذبة حيث يعاني كثير منهم في توفير المياه العذبة وإحضارها لمنازلهم ويُلاحظ على المشاريع الأخرى القائمة بالمحافظة في عدد من التجمعات السكنية أنها لا تفي بمتطلبات السكان واحتياجاتهم إلى جانب شدة ملوحة المياه بها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع مياه الغويدية الجنوبية والذي يغذي عدداً من التجمعات السكنية القريبة منه وقد أصبح هذا المشروع شديد الملوحة .
وعلى صعيد خدمات الاتصالات فقد اقتصرت خدمة الهاتف الثابت وملحقاته على عدد محدود من قرى وأحياء المحافظة ولازالت نسبة كبيرة من القرى والأحياء تفتقر إلى هذه الخدمة التي تعتبر من ضرورات العصر ومتطلباته.
غَيْر أن ما يجدر التنويه به في هذا الصدد هو شمول الكهرباء لما نسبته أكثر من تسعين بالمائة من قرى وأحياء المسارحة وقريباً جداً سيتم تعميم الخدمة الكهربائية لجميع أجزاء المحافظة ، حيث تم إدراجها ضمن المراحل التنفيذية الحالية التي تقوم بها كهرباء المنطقة الجنوبية لإيصال التيار الكهربائي إلى المناطق غير المخدومة.
وتجدر الإشارة إلى أن محافظة أحد المسارحة يوجد بها أحد أهم المصانع بالمنطقة الجنوبية بالمملكة وهو مصنع الدحمان لسبك المعادن الواقع جهة السِّر والذي يعد أهم المكتسبات الحضارية بجازان ويسهم في تزويد الأسواق السعودية بجنوب المملكة باحتياجاتها من هذا النوع من الصناعات الحديثة ، وبعد فهذه هي حصيلة الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها في أرجاء مسارحة جازان ألقينا فيها الضوء على أبرز ملامح هذه المحافظة وعدد من الجوانب الخدمية بها والأمل قائم بإذن الله تعالى على تكامل تلك الجوانب في المستقبل القريب إن شاء الله.
|
|
|
|
|