| مقـالات
لم يفاجأ العارفون بالثابت والمتغير من الأمور بتوقيع أدونيس ورفاقه الأربعة عشرة على بيان عارضوا فيه عقد مؤتمر في بيروت لمنكري خرافة المحرقة اليهودية في ألمانيا، ونشروه في صحيفة اللوموند الفرنسية، بل المفاجأة لو حضر أدونيس ورفاقه هذا المؤتمر وشاركوا في بيان فرية هذه الاسطورة التي ادعت أنه قتل في ألمانيا 9 ملايين أو 8 أو 4 أو غير ذلك حسب احصاءات يهودية متفاوتة حسب الداعي للدعاية الصهيونية في حين أن الكتاب اليهودي السنوي الأمريكي رقم 5702 ذكر أن عدد اليهود كلهم في عام 1941م في اوروبا كلها إبان التوسع النازي 3110722 فكيف وصل عدد قتلى اليهود في المحرقة المزعومة الى 6 ملايين كما نشرت صحيفة لوموند في 23 يوليو 1990م، ومن أراد الحقيقة في ذلك فليرجع الى )روجيه جارودي( في كتابه )الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية( ص 200 وما بعدها.
فرية المحرقة والمبالغة فيها لم تعد حقيقة إلا في عقل اليهود ومن يخافون منهم أو يسعون لرضاهم كما حصل من هؤلاء الكتاب العرب الذين أصبح كل ما يسيل لعابهم هو الحصول على جائزة نوبل التي لا تشرف من يحصل عليها من العالم الثالث، فلم يحصل عليها إلا من ضحى بدينه أو حضارته فأرضى الغربيين وأرضوه بجائزة نوبل التي أثبتت أن المغلوب يسعى لما عند الغالب حضارياً حتى لو كان ذلك على حساب أمته، وفي هذا يتساوى المثقف والجاسوس، فإذا كان الثاني يستتر فإن الأول يجاهر بذلك، وكلاهما في النهاية خائن، والفارق بينهما هو خيانة السر أو العلانية.
أدونيس ومحمود درويش وادوارد سعيد وهم أشهر من وقع بيان معارضة عقد المؤتمر من أكثر من ملأوا الصحف كتابة والاذاعات زعيقا، والمكتبات كتبا وشعراً في النياح على فلسطين وأهلها، ووزعوا التهم على المخلصين للقضية بدءاً من سنين الرجعية وانتهاء بسنين الاتفاقات والهرولة وهم من اكثر من سكن فنادق الدرجة الأولى، وتصدروا المقاعد الأولى في الحفلات بادعاء الإخلاص لفلسطين، وكان كل ذلك يحدث في الوقت الذي لا يجرؤ عربي أن ينزل أو يصعد في مصعد فندق فيه يهودي، أما الآن فقد آن للوجوه المقنعة أن تكشف قناعها ليعرف الجمهور الصادق من الكاذب، والعميل من المخلص، والمجاهد من أجل الارض والقداسة من المحارب من اجل نوبل.
وكان أول وسام لهؤلاء الذين كشف الله سرهم هو المقال الذي كتبه إيلي برنابي سفير اسرائيل في باريس في اللوموند يحيي فيه هؤلاء الرفاق على موقفهم الذي قال عنه «فعلوه لأجل أنفسهم ولشرف بلادهم وأمتهم العربية» معربا عن الامتنان لهم ومبدياً أسفه على شيء واحد وهو أنه ما من مصري واحد بينهم ونسي أن مثقفي مصر أثبتوا أنهم شرفاء فلم يهرولوا نحو اسرائيل ولم يطبعوا ثقافياً معهم منذ )كامب دواد( حتى اليوم.
قد يتضايق بعض المثقفين العرب أو يستغربون من موقف هؤلاء الذين خدعوهم سنين بالوطنية والشرف الخادع، ولكن ذلك كله فيه خير ومن فضل الله أن نشروا ذلك البيان )الفضيحة( ليعرفهم المثقفون بعد أن خدعوهم سنين طويلة أبى الله إلا أن يكشفها وهم أحياء ليمحص الله الصادق من الكاذب والصابر من المخادع، وصدق الله العظيم «وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، ويعلم الصابرين» آل عمران/ 140 - 641 وصدق الشاعر:
ومهما يكن عند امرىء من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تُعَلم
للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|
|
|
|
|