| العالم اليوم
الدول المحتلة وقادة جيوشها التي تفرض إرادة المحتل على الشعوب المحتلة تعرف أكثر من غيرها أن الشعوب التي تعيش تحت نار الاحتلال لديها قدرة، ولديها صبرة إلا إن كل ذلك له حدود ، عندها تثور الشعوب وتقاوم المحتل ومهما كان الجيش المقابل قوياً ومدججاً بالسلاح فإنه ينهزم أمام إرادة الشعوب، والتاريخ مليء بالعبر والدروس التي تؤكد هذه البدهية التي فهمها وتفهمها الجنرال الفرنسي شارل ديغول الذي وجد أن تورط بلاده في استعمار واحتلال الجزائر يدمر بلاده ويضعفها سياسياً وأخلاقياً واقتصاديًا وحتى عسكريًا، ولذلك أوجد لفرنسا مخرجاً مشرفاً، وبدلاً من أن تظل فرنسا تٌلعن أبد الدهر اعتبر عمل ديغول حكمة وحسبت لفرنسا بدلاً من أن تحسب عليها والشواهد كثيرة،
والشعب الفلسطيني الذي يدخل شهره التاسع في ثورته التي نسميها نحن الانتفاضة، وهي في الحقيقة، ثورة بكل معنى الكلمة، ، ثورة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ، ثورة ضد الواقع الذي يراد فرضه على هذا الشعب، ، ثورة ضد الظلم الذي يشترك الجميع في ايقاعه ضد هذا الشعب المستضعف، ، وهكذا فإن الفلسطينيين في داخل الأرض المحتلة وصل صبرهم إلى النهايات القصوى من النفاد ولذا فقد تفجرت قدراته على مواجهة حتى المستحيل، ، فالفلسطيني في الداخل ليس لديه شيء يخسره، فالواقع والأحداث التي يشهدها كل يوم في فلسطين تؤكد له أن كل شيء يمكن أن يضيع، حتى نفسه يمكن أن يفقدها، فالقتل اليومي الذي فرضه جيش الاحتلال لا يوفر حتى يطال الجميع بما فيهم ضباط السلطة الفلسطينية بل حتى قادتهم ألم ينصب الإسرائيليون كميناً لكبار قادة الأمن الفلسطيني ومنهم من يرشح لخلافة عرفات ، ، !!
ثم إن الفلسطيني يخرج من بيته ليعود في المساء أو في ساعات النهار ليجد أن المنزل الذي يأويه وعائلته قد أزيل وأصبح كومة تراب، كذلك الحقل وبئر الماء، ، وأشجار الزيتون، وإنما أضيف لكل هذا انعدام العمل والكسب الشريف، نرى أن الصورة تكتمل لتجسد لنا شعباً يدفع دفعاً ليمارس حقه الشرعي في الدفاع عن حقه في الحياة، ، وهذا يفسر لنا لماذا يندفع الشباب للقيام بالأعمال الانتحارية ويفجرون أنفسهم، ، ولماذا يندفع الصبية والشباب والرجال لمواجهة رصاص الإسرائيليين بصدور عارية وأيدٍ لا تحمل سوى الحجارة، ، حالة من التحدي، ، تحدي المظلوم، ، وقهر الاستضعاف، فكل فلسطيني يؤمن في قرارة نفسه، بأنه إن لم يمت برصاصة طائشة، ، أو رصاصة مقصودة، ، أو يموت ذلاً وقهراً، ، وربما جوعاً، من الخير له أن يموت شهيداً، ، فالموت وقوفاً أفضل من موت الآخرين انبطاحاً،
شعب هذه قناعات صبيانه وشبابه قبل رجاله لا يمكن أن تقهر وتخمد وتجهض انتفاضته، ، بل ثورته التي أدمت جراح الإسرائيليين، فبالحسابات المادية والمعنوية والاستراتيجية والسياسية والعسكرية تعد إسرائيل خاسرة بكل المقاييس، وكلما استمرت ثورة الانتفاضةزادت الخسائر، ، وهو ما يجب ألا يغيب عن ساستنا هذه الميزة الاستراتيجية التي إذا ما استثمرت الاستثمار الذكي لأنتزعنا وانترع الفلسطينيون حقوقهم المشروعة من الإسرائيليين ومن يقفون معهم،
لمراسلة الكاتب
com، Jaser@Al-Jazirah
|
|
|
|
|