| العالم اليوم
حوار:عبدالكريم العفنان دمشق
أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية «حماس» خالد مشعل عن عظيم تقديره للدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية منذ فجرها وحتى الآن.. مشيدا بالدعم الذي قدمته المملكة لصندوقي الأقصى والانتفاضة، ومشيرا الى الحضور السعودي الفاعل في جميع مراحل القضية.
وأعرب خالد مشعل في حوار أجرته معه «الجزيرة» عن الأل في ان تتحول الانتفاضة الى حالة عربية.. كلٌّ يدعمها بما أوتي من مال وسلاح ورجال وبالقرار السياسي والموقف الاعلامي وذلك من أجل تعزيز البنية التحتية للصمود ولتحقيق «توازن الرعب» مع العدو، مشيرا الى ان الانتفاضة او المقاومة هي السبيل لرحيل العدو وان اسرائيل لن ترحل من على طاولة المفاوضات.
وأكد خالد مشعل ان تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية يرتبط بقرار من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لنبذ تسوية أوسلو والمضي في خيار المقاومة والانتفاضة.
فإلى الحوار:
* لقد انتهى اللقاء الأمني بين قادة اجهزة الأمن الاسرائيلية والفلسطينية باشتباك مسلح لن تخمد آثاره بسرعة . كيف ترى مستقبل عملية السلام في ظل أزمة الثقة بين السلطة وبين الاسرائيليين؟.
ما يسمى بعملية السلام لا تعاني فقط من أزمة الثقة ولكن ينبغي ألا تكون هناك ثقة بيننا وبين العدو الذي اغتصب الأرض وشرّد شعبنا وهوّد المقدسات، يجب ألا يكون هناك حديث عن مصطلح الثقة بيننا وبين الأعداء لذلك من التسطيح وتبسيط القضية ووضعها في غير سياقها ان يتحدث اي سياسي عن أزمة الثقة ، التسوية تعاني من أزمة أنها تفتقر الى المشروعية وتفتقر الى القدرة على انجاز الأمن والاستقرار في المنطقة لأنها تقوم على تكريس الظلم والاحتلال ولذلك فالتسوية السياسية المطروحة اليوم غير مرشحة للنجاح بل ستنتهي حتما الى الفشل لأن الشعب الفلسطيني لم يظفر بحقوقه بعد.
التسوية السياسية والمفاوضات هي مقاربة خاطئة في التعامل مع ملف الصراع العربي الصهيوني والمقاربة الحقيقية الصحيحة هي مقاومة هذا الاحتلال وإجباره على الرحيل لأن هذا العدو لن يرحل عن أرضنا من على طاولة المفاوضات لأن ليس هناك ما يجبره على ذلك بدليل ان العدو وقع العديد من الاتفاقات ولم يحترمها، من هنا مستقبل التسوية في تقديري في طريق مغلق ولا أمل بمحاولة تفعيل هذه المفاوضات وعلى الأمة ان تتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في الأرض المقدسة.
وعلينا التوقف عن طرق أبواب واشنطن وكأنها تملك المفتاح السحري لكل مشكالنا وهذه مقاربة خاطئة واضاعة للوقت واستهانة بتضحيات الشعب الفلسطيني والأنكى من ذلك ان تكون هناك لقاءات أمنية بيننا وبين العدو وعلينا ألا نتوقع من هذه الاتفاقات ان شارون يريد حماية الشعب الفلسطيني، شارون يريد من هذه الاتفاقات العودة الى التنسيق الأمني ولجم المقاومة وملاحقة المجاهدين هذا هو مفهوم اللقاءات الأمنية عند شارون.
ويكفي المفاوض الفلسطيني درسا عند إطلاق النار عليه بعد المفاوضات الأخيرة. نحن أمام مرحلة لا يمكن العودة فيها الى الوراء ونحن على ثقة ان طرق أبواب واشنطن هو العودة الى الوراء والحديث عن المفاوضات هو عودة للوراء والعودة الى مقررات شرم الشيخ هو عودة للوراء ومعنى العودة الى الوراء كأن الانتفاضة لم تكن.
الآن وقد سقط أكثر من 450 شهيداً وأكثر من 20 ألف جريح وجرف المزروعات وهدم البيوت لا يعقل بعد كل هذه التضحيات ان نعود الى اسطوانة سبق العزف عليها ولم تفلح.
المسؤولية الدينية والسياسية والقومية تقتضي من السلطة الفلسطينية ومن القيادات العربية والاسلامية ان تنحو منحى آخر ينسجم مع الأداء الجهادي والنضالي الذي يقوم به الشعب الفلسطيني في الداخل.
* وما هي الرؤى المناسبة التي تعزز من صمود الانتفاضة حتى تستثمر بالشكل الصحيح؟ وما هي الرؤية التي تفضلون؟.
هناك رؤيتان في الساحة العربية للتعامل مع الصراع العربي الصهيوني، رؤية قائمة على التسوية والمفاوضات وهذه الرؤية سبق تجربتها منذ عام 1990 وحتى الآن ولم تجد نفعا وهذه المسيرة القائمة على المفاوضات والمساومات وعلى القبول بالجزء وتضييع الأغلب والأكثر قادتنا الى النتيجة الراهنة التي لم تصنع أمناً ولا سلاماً ولم توصل الشعب الفسطيني الى حقوقه ولا الى قيام دولة ولم تحفظ له أرضه من توسع الاستيطان بل بالعكس تكرس الاستيطان وحوصرت القرى والمخيمات الفلسطينية وقطعت أوصالها عن بعضها البعض مما يحول دون قيام اي دولة في ظل هذه الاتفاقات التي تم فيها تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني في عودة اللاجئين، وهذه المسيرة سبق تجريبها ولا يجوز عقلا ولا منطقا سياسيا تجريبها من جديد. هذه المحاولات المحمومة التي تقوم بها الادارة الامريكية وبعض الأطراف الاوروبية وبعض الأطراف العربية إنما هي محاولات فاشلة سبق تجريبها وفي سياق هذه التسوية تم تدنيس الأقصى من خلال زيارة شارون التي أدت الى اندلاع الانتفاضة.
وهناك رؤية ثانية وهي قائمة على ضرورة تحمل المسؤولية ومواجهة لحظة الحقيقة والاستعداد لمواجهة العدو الصهيوني الذي يهدّد أمننا في كل لحظة فبالتالي من الطبيعي ان ندافع عن أنفسنا.
الشعب الفلسطيني يخوض معركة مشروعة وهي معركة تحرير المقدسات ونحن بحاجة لأن تكمّل معنا الدول العربية والاسلامية هذا الدور والمطلوب من الشعوب العربية والحكومات العربية توفير كل الامكانات التي تساعد على استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني لآلة الحرب الاسرائيلية ومناصرة الانتفاضة.
كل متطلبات الصمود مطلوبة، كل شيء الآن في فلسطين يتعرض للتدمير، الأرض، المباني، المقدسات، المستشفيات.. والبطالة التي استشرت وحالة العوز والجوع كل هذا يستدعي الدعم المطلوب من الدول العربية والاسلامية ونأمل ان يكون هناك قرار عربي سياسي بدعم الانتفاضة.
نستطيع ان نقول في كل المحافل الدولية اننا جرّبنا التسوية وفشلت ولم يستطع أحد إجبار اسرائيل على تنفيذ ما وقّعت من اتفاقات مع الفلسطينيين.
كيف لا ونحن أمة مدعوة للجهاد عندما يعتدى على حقوقها ومقدساتها ، الأمة التي لا تنتصر لنفسها عندما يتعدى عليها أمة لا تستحق الحياة.
الانسان العربي في جاهليته كان لا ينام على الظلم، فلماذا نصبر على كل هذه المهانة، خيارنا الوحيد مقاومة الاحتلال وهذا يعيد للأمة حقوقها وصيانة مقدساتها، ويصنع بذلك الأمن والاستقرار لأنه يضع قبل ذلك العدل وإعادة الحقوق الى أصحابها وأنصح القادة العرب ان يوفروا وقتهم وجهدهم وان يحترموا دماء الشعب الفلسطيني وتضحياته وان يباشروا من هذه اللحظة استكمال خطواتهم التي اتخذوها في قممهم وأن يبنوا على هذه الخطوات ويطوروا موقفهم وأرى الآن أن الموقف العربي بدأ يتراجع بشكل ملحوظ.
* يصر الاسرائيليون لتحقيق سلام مع الفلسطينيين على وقف الانتفاضة وإعادة قادة حماس والجهاد الاسلامي الى السجون. إلى اي حد يمكن ان تخضع السلطة الفلسطينية للضغوطات؟ وما هو مستوى التفاهم بينكم وبين السلطة؟.
من الطبيعي ان يطالب عدونا بهذه المطالب فهو عدو لا يريد من شعبنا الا الاستسلام وان يضرب شعبنا ببعضه الآخر. لكن نحن على المستوى الفلسطيني لا نقبل بمطالب هذا العدو لأن العدو يطالب بهذا لمصلحته في تكريس الاحتلال، العودة الى الوراء مرفوضة عودة معتقلي حماس والجهاد والقوى الأخرى الى السجون مرفوضة ، التنسيق الأمني مع العدو مرفوض، الشعب الفلسطيني في الداخل يتوحد على هدف محدد وهو مواصلة الانتفاضة والمقاومة حتى يرحل الاحتلال وهذا يحظى بالاجماع الفلسطيني. اي لغة خارج هذا السياق مرفوضة ومدانة،ويكفي ان الشعب الفلسطيني يتعرض لجراح من العدو فمن غير المقبول العودة الى صفحة الماضي التي أغلقناها وهناك تنسيق ميداني بين 14 فصيلاً ونحن نعزز هذا التنسيق وندعمه ونريد له المواصلة وأي عودة الى التنسيق الأمني بضغوط اسرائيلية يضرب هذه الوحدة الوطنية من أساسها وينهي هذا التنسيق ويضعنا أمام الصهاينة لا سمح الله.
وهذه جريمة ان حصلت ولكن أحسب الاخوة في السلطة الفلسطينية وفي فتح سيكون موقفهم في ضوء تجارب الماضي مختلفا عما كان في الماضي ولذلك أدعوهم بكل وضوح ومن منطلق الحرص على وحدة شعبنا العليا وعلى وحدته الوطنية ومن منطلق الاخوة وزمالة النضال والمقاومة والصمود أمام الهمجية الصهيونية الشرسة أدعوهم الى مواصلة المقاومة والرفض المطلق لأي مطلب اسرائيلي او امريكي بالعودة الى التنسيق الأمني او المفاوضات.
ü يكشف استشهاد «إياد حردان» ان سياسة اسرائيل في اغتيال القيادات الفلسطينية مستمرة. ما هو برأيكم الاسلوب الأنجع لإيقاف مثل هذه الاغتيالات؟.
هذه معركة مفتوحة مع العدو، معركة غير متكافئة، العدو الصهيوني متفوق فيها عسكريا ويملك من أدوات القتل والتدمير والإبادة الشيء الكثير وشعبنا لا يملك الا عددا محدوداً من البنادق والأسلحة الخفيفة وبالتالي من الطبيعي ان يسقط شهداء وضحايا من شعبنا الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني عندما خاض الانتفاضة وكذلك المقاومة يسير بهما جنباً الى جنب هو قد نذر نفسه على تقديم هذه التضحيات.. وان يسقط هؤلاء الشهداء هي ضريبة الجهاد والمقاومة، ضريبة الوطن المقدس والمقدسات ولكن طبعا نحن مسؤوليتنا كشعب فلسطيني ان نسعى الى تقليل الخسائر قدر الامكان ولكن هذا يحتاج الى مزيد من اليقظة ومزيد من تنسيق الجهود وقطع الطريق على دور العملاء لأن العملاء هم ثغرة كبيرة في جدار الموقف الفلسطيني بلا شك هم عيون متسللة للعدو تسري في اوساطنا، لذلك الجهد المشترك في بتر هذا الذنب المدسوس وهم العملاء لا شك ان هذا مسؤولية كبيرة خاصة ان العدو قد استقطب وجند الكثير من هؤلاء العملاء لذلك لاشك ان مواجهتهم أمر ضروري ومهم ولابد من تطوير قدرة المجاهد الفلسطيني من أجل صموده ودعمه وعلينا حماية ظهره وأسرته وأهله وتوفير كل البنية التحتية للصمود كل ذلك يقلل من الخسائر ويزيد من فعالية المقاومة الفلسطينية ويزيد من خسائر العدو ويشكل حالة من التوازن قدر الإمكان «توازن الرعب» رغم فارق الامكانات العسكرية.
* هل لمستم في القمة العربية بعمان أي تغيير في الموقف العربي على صعيد دعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته؟.
على صعيد الموقف السياسي العام أنا أشعر أن الموقف السياسي العربي يشهد تراجعا عن القمة العربية في القاهرة وكان الموقف العربي قد تعب، وأنا غير مرتاح للموقف العربي الراهن مع أنني لدي الكبير من الأمل في إخواني قادة الأمة ان يستحضروا مسؤولياتهم وان يستشعروا الخطر الذي يشكله شارون واذا كانت الدعوة الى ما يسمى بالعقلانية في الموقف العربي الرسمي باعثها هو الضغط الامريكي فإننا جربنا الضغط الامريكي والامريكان لا يسألون عن جراحنا، وينتفضون عندما يصاب الصهيوني ، والفلسطيني العربي لا قيمة له عند الامريكان واذا كان الباعث فيما يسمى بالموقف العربي الرسمي هو الخوف من نزوات شارون بحكم تاريخه الدموي أقول بكل عقلانية ووضوح ان المبالغة في العقلانية هي التي تغري شارون لمزيد من التوسع والهجوم وتنفيذ تهديداته على المستوى الفلسطيني والعربي لكن موقفاً عربياً حازماً وواضحاً يقف خلف الانتفاضة والمقاومة هو الذي يدفع شارون الى إعادة حساباته.
شارون جنرال عسكري وهؤلاء العسكريون لا يفهمون لغة السياسة ويفهمون لغة القوة بدليل ان شارون كان يستسهل القضاء على المقاومة والانتفاضة وقد مضى على استلامه السلطة اكثر من شهرين ولم يفعل شيئاً وهذا رغم ان شعبنا أعزل ورغم امكانياته القليلة ونحن نطلب من الحكومات العربية ان تتبنى خيار المقاومة الشعبية ولا نريد منهم ان يخوضوا حربا رسمية وعلى صعيد الدعم المالي نقدّر ان الدول العربية بذلت جهدا جيدا وخاصة مبادرة المملكة العربية السعودية في دعم صندوق الأقصى ودعم صندوق انتفاضة القدس ونقدر الأموال الشعبية والرسمية التي تم تقديمها ونشكر كل الدول التي ساهمت رسميا وشعبيا في دعم الانتفاضة ولا ننسى الدعم طويل المدد الذي قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية منذ فجر القضية الفلسطينية وحتى الآن ونطالب بدعم اقتصاد الشعب الفلسطيني ليكون مستقلا عن الاقتصاد الاسرائيلي للمساعدة في استمرار عمليات المقاومة وصمود الانتفاضة.
* بعد التضييق على لجنة الإغاثة الفلسطينية التي تديرها الحركة الاسلامية في اسرائيل التي يتزعمها الشيخ «رائد صلاح» بات من الواضح ان اسرائيل تحاول سد كل قنوات التمويل لغرض حصار معالي عليكم. هل تواجهون صعوبات في هذا المجال؟.
سياسة الحصار الصهيوني معروفة فهي محاولة لخنق الشعب الفلسطيني وقطع كل عناصر الامداد الأساسية من مال وإغاثة من أجل ان يعرض عليه الهزيمة حتى يوقف انتفاضته ومقاومته ولكن الشعب الفلسطيني لن يستسلم لهذا الاغلاق هذا على صعيد شعبنا بصورة عامة.
أما على صعيد موضوع هيئة الإغاثة فهي تدعم الشعب الفلسطيني بكل فئاته وليس صحيحا كما أشيع عن هذه الحركة انها تدعم أسر شهاء حماس فقط وهذه إشاعات الأعداء.
* ما هي قناعتكم بإمكانية قيام دور امريكي حقيقي في عملية السلام وذلك في ظل رفض الامريكيين القيام بأي ضغوطات على اسرائيل؟ سيما بعد اعلان اسرائيل عن القيام بتوسع بعض المستوطنات واستمرار الحصار على المناطق الفلسطينية؟.
نحن لدينا موقف معروف من عملية التسوية والمفاوضات بصرف النظر عن الدور الامريكي سلباً او ايجاباً لأن عملية السلام قائمة على الظلم وتكريس الاحتلال الصهيوني، والولايات المتحدة الامريكية منحازة لاسرائيل في عملية السلام ومن ثم هي عاجزة عن إعادة حقوقنا والتجربة خير دليل، نحن لدينا موقف من عملية التسوية ومن زاوية أخرى نحن ندين الموقف الامريكي والموقف الامريكي غير مؤهل أصلاً ان يلعب أي دور إيجابي لصالح صنع استقرار وسلام في المنطقة لأنه منحاز للموقف الصهيوني ويدعمه بالموقف السياسي والفيتو وبالمال والسلاح وحريص على تفوق هذا الكيان على الدول العربية وهي مجتمعة، لذلك التعويل على الدور الامريكي تعويل خاسر وبحثا عن السراب واضاعة للوقت وخداع للذات والآخرين ومطلوب منا جميعا ألا نعوّل على الدور الامريكي ونعتمد على الله ثم على أنفسنا ونحن قادرون على ان نفرض موقفنا على الجميع، نحن في حركة حماس وحدنا معركتنا ضد الكيان الصهيوني ولا ندعو للانشغال بأي معركة أخرى إلا معركتنا مع العدو الصهيوني ونحن ضد خوض اي معركة عسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية او مع اي دولة في الشرق او في الغرب ، نحن مع إدارة الصراع السياسي إدارة صحيحة حتى نجبر العالم كله على احترامنا.
* ألا تشكل الانتفاضة الفلسطينية بما تقدمه من تضحيات ومشاركة حماس فيها قاعدة كل الخلاف بين بعض أعضاء المكتب السياسي من الذين يحملون الجنسية الأردنية والحكومة الأردنية؟.
ليس بيننا وبين الحكومة الأردنية اي خلاف شخصي ولكن الجميع يعلم الظروف التي أبعد فيها قادة حماس من الأردن وحرمانهم من حقوقهم بحكم مواطنتهم الأردنية ومع ذلك فنحن لم ننشغل بهذه المسألة.. ركّزنا جهدنا على الانشغال بالهم الأكبر وهو دعم انتفاضة شعبنا الفلسطيني والانتصار لهذا الشعب والانخراط في هذه المعركة بكل طاقاتنا وامكاناتنا لكن طبيعة المعركة المفتوحة مع العدو ووصول شارون الى الحكم الذي من أولى اولوياته تطبيق سياسة التهجير القسري للشعب الفلسطيني الذي ينظر الى الأردن على أنها البديل للشعب الفسطيني كانت أولى بمثل هذه الظروف ان تدفع الاردن الى ان يصحح الخطأ الذي جرى قبل عام ونصف حين أبعد قادة حماس عن الأردن دون ذنب وأعتقد ان الفرصة لا تزال مفتوحة لتصحيح الخطأ والمبادرة سريعا الى إعادة قادة حماس لحقهم الطبيعي في الأردن وهذا باعتقادي هو أبسط أشكال الرد على صلف شارون وخاصة ان حركة حماس معروفة سياساتها انها لا تنشغل في معارك جانبية.
* ولكن الحكومة الاردنية تقول بأنكم تقومون بعمليات نوعية من أراضيها وهذا يتنافى والاتفاقات الموقعة بين الحكومة الأردنية والاسرائيلية.
لا أحب أن أتوسع في هذا الموضوع أكثر مما ينبغي لأمرين ..
أولا: لأن قضية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية هي أولوية لا توازيها أولوية لا نريد ان نصرف من وقتنا وجهدنا لموضوع المشكلة مع الأردن اكثر مما جرى .
ثانيا: لوضوح المخرج من هذه المشكلة وحماس لم تسئ للحكومة الاردنية بشهادة كل العقلاء والخطوة المطلوبة الآن هي المبادرة لتصحيح الخطأ وإعادة قادة حماس خاصة وأن عمل حماس وتنظيمها وعملها العسكري كله في الداخل.
* ما هو مستقبل الانتفاضة الفلسطينية إذا لم تتحول الى انتفاضة عربية؟.
نتمنى ان تتحول الانتفاضة الى حالة عربية بمعنى ان تشترك الأمة في الانتفاضة كل في موقعه بالمال، بالسلاح، بالرجال، بالقرار السياسي، بالموقف الاعلامي، بدور العلماء والمفكرين ونحولها الى حالة عربية يضمن استمرارها ويضمن ان تصل الى هدفها في النهاية وهو إجبار العدو على الرحيل والخروج من أرضنا.
لكن لا سمح الله إذا حصل تقصير عربي فإنه يضعف الانتفاضة ولكن الشعب الفلسطيني سوف يبقى يؤدي واجبه حتى لو بقي وحيداً في المعركة لأن هذا الشعب يؤدي الواجب انطلاقا من الموقف الديني والموقف الشرعي وقد اعتاد شعبنا ان يعايش الخطر وان يواجه المواقف الاسرائيلية بشجاعة وأنا على ثقة بأن أمتنا العربية لن تتخلى عن شعبنا ولن تتركه وحيدا في المعركة.
* كيف تنظرون في حركة المقاومة الاسلامية حماس الى الموقف السعودي من القضية الفلسطينية . وهل ارتقى الى مستوى الطموح؟.
للمملكة العربية السعودية دور كبير في دعم القضية الفلسطينية منذ فجرها الأول وسجل المملكة حافل في دعم الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية والانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية ولها سجل معروف لا يستطيع أحد ان ينكره بالعكس نحن نستحضره دائماً بكل تقدير واعتزاز ونسأل الله سبحانه وتعالى للقائمين على المملكة حكومة وقيادة وشعبا لهم الأجر والدعاء وان يبارك فيهم ونتمنى ان تبقى المملكة كما كانت رائدة على الصعيد المادي وعلى الصعيد السياسي خاصة وان المملكة تحتل موقعاً دينياً متميزاً على الساحة الاسلامية والعربية وبحكم ان القدس هي امتداد لمكة والمدينة وأعتقد ان هذا يعطي المملكة دورا اكثر تميزا وخصوصية وهذا نستشعره دائما في لقاءاتنا مع المسؤولين ونستشعره من خلال الفعل الملموس في الممارسات الدائمة لحكومة المملكة في دعم الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته.
* تأتي زيارة أبي عمار الى دمشق في هذه المرحلة من عمر الانتفاضة بهدف توحيد الموقف الفلسطيني مع دول الطوق.. ألا تعتقد انه قد حان الوقت للمصالحة مع السلطة لتوحيد الموقف الفلسطيني داخلياً وخارجياً؟.
أولا المصالحة ليست مرتبطة بزيارة عرفات الى دمشق. المصالحة المطلوبة هي داخل فلسطين ونحن نحسب ان جزءا من هذه المصالحة قد تحقق من خلال التوحد مع الانتفاضة في الميدان وقد بادرت حماس بكل انفتاح وحرص على تعزيز هذا التنسيق الميداني من خلال لقاءات الفصائل والقوى الفلسطينية على اختلاف طيفها السياسي وهذه درجة جيدة ولكنها لا تكفي.
ولكن المصالحة الشاملة وتعزيز الوحدة الوطنية بمعناها الأوسع يقتضي التوحد على الهدف السياسي وهذا لا يزال غائبا والتوحد على الهدف السياسي يقتضيان التخلي عن مسيرة أوسلو بالمطلق لأن هذه المسيرة ثبت عجزها وفشلها عن إعادة الحقوق بل عانينا منها الأمرين.
إذا أرادت السلطة الفلسطينية ان تحقق المصالحة الفلسطينية الدائمة والراسخة الجذور وقابلة للاستمرار والتطوير فهذا يقتضي التوحد على الهدف السياسي والتخلي عن أوهام ما يسمى بعملية التسوية والمفاوضات حتى لا نعود الى تلك الأيام الحالكة وهذا متاح برأيي ويحتاج الى قرار جريء فقط من السلطة الفلسطينية.
أدعو الأخ أبا عمار ان يقف هذه الوقفة التاريخية ويطوي صفحة الماضي خاصة وأنه يرى العدو يستهدف الجميع وان شارون لا يمكن ان يعطه حقوق شعبنا بل لم يعطه ما عرضه باراك في محطات التفاوض المختلفة وهي خطوة مطلوبة من السلطة ان تطوي صفحة أوسلو وتفتح صفحة مشرقة بكل أبعادها للمضي في خيار المقاومة والانتفاضة دون العودة الى الوراء والماضي وهذا هو مفتاح تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية وبداية الطريق الى التحرير ان شاء الله.
|
|
|
|
|