| القرية الالكترونية
تختلف اساليب الناس في التعامل في حياتهم والتي يأتي الحاسب الالي على رأسها وتلجأ غالبية لعلاج اشبه ما يكون بالمخدر، وهو تفادي الحاجة اليه والتعامل معه في البيت والعمل وشتى مناحي الحياة سعيا الى الاستغناء عنه، والمرء يختار عداوة ما يجهل لفشله في تحديد حجم او حقيقة ذلك المجهول وبالتالي كيفية التعامل معه، مما يجعله يفضل الطريق الاقصر وهو عدم السماح لمجهول باحتلال مكانة في حياته وتصدق هذه القاعدة الى حد كبير في مناح كثيرة من حياة الناس فينصرفون عما يجهلون بدلا من تعقبه والتعرف عليه ولكن هل يتحقق لهم ما يريدون ويختفي الحاسب الالي من حياتهم بمجرد الاعراض عنه؟
وللتأمل أتساءل: أما لنا من سبيل للتعامل مع ما نجهل سوى الصد والاعراض؟ الاجابة بلا ريب بالاثبات فما الصدود بمعين على فهم المجهول ولا الاعراض طريق لإلغاء وجوده او تأثيره على حياتنا وهذا ليس شأن الحاسب الآلي وحسب بل يشمل كل جديد وبالذات في التقنية، فالانترنت جديدة في حياة الناس ولا سبيل لنا سوى التعامل معها كواقع جديد بدلا من الصدود عنها والسعي لمحوها من حياة الناس، والحاسب الآلي يأتي على رأس اهم المجهولات في حياة الناس، وهو ما كان يطلق عليه في وقت مضى )العقل الالكتروني( وهو اسم ينطوي على الغموض ويضفي مزيداً من الرهبة من ذلك المجهول والكثيرون يلمسون اهميته في حياة انسان هذا العصر ويرونه يحيط بهم ويقترب منهم اكثر فأكثر ولا يزالون مجتهدين في الاعراض عنه والسعي للاستغناء عنه قدر استطاعتهم ولما وجدوا انه أضحى سمة هذا العصر ووسيلته الاوسع انتشارا وأنه لا مناص منه أولوا ابناءهم عناية كبيرة قد تفوق ما يلزم لجهلهم ايضا بما يلزم لكنهم مازالوا يهربون منه ويكتفون لمن تحت ايديهم دون انفسهم بذلك النوع من المعرفة ومرد هذه العناية المبالغ فيها الخشية من معاناة الابناء كما عانوا هم، وتشهد مكاتب العمل والدوائر والمصالح تعاظما لدور الحاسب الالي في ادارة اعمالها ولايزال الكثيرون رغم ذلك يوجسون في قلوبهم خيفة من الاقتراب من هذه التقنية ويترددون في السعي لتعلمها عبر البرامج التدريبية المنظمة التي باتت تشكل جزءا مهما من برامج التدريب التي ترعاها الحكومات والمؤسسات او بالجهود الذاتية كثير من الدوائر الحكومية تسند اعمالها الالكترونية لقسم يقوم على جهود موظف او اثنين لتنفيذ الاعمال الحاسوبية الخاصةبتلك الدائرة ثم تبقى هذه الدائرة أسيرة ذلك الموظف الذي يتمتع بجهل بقية الموظفين بما يقوم به ويقتات على حاجة الدائرة بأكملها لخبراته، ويثير عجبي ان ترضخ دائرة حكومية كاملة لموظف صغير لمجرد احاطته بكيفية عمل جهاز الحاسب فيها حتى ولو انحصرت معرفته في مجرد ادخال البيانات ولكنه الواقع،
أتساءل: لماذا نهرب من واقعنا المحتم؟ لماذا نفر مما نجهل فرارنا من المجذوم؟ لماذا لا نقترب منه اكثر ونتعرف عليه؟ ألسنا قادرين على فهمه حتى ولو نطق بلسان أعجمي؟ أو لم نتمكن مما هو أكثر تعقيداً منه في حياتنا؟ أسئلة أجد لها اجابات حاضرة من واقعنا، لكنها لا تروق لي ولشديد الاسف لن اقول ان الحاسب الالي يسير كشرب كوب ماء ولكنه بالتأكيد ليس بمستعص على الافهام الى الحد الذي يدفعنا للاعراض عنه وتفاديه في أعمالنا،
khalid@addilam، Com
|
|
|
|
|