| العالم اليوم
* دمشق عبدالكريم العفنان:
في سلسلة لقاءات «الجزيرة» مع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية بمختلف اتجاهاتها ورموزها لتكوين صورة متكاملة عن الموقف الفلسطيني ككل، وترجمة للوحدة الفلسطينية الوطنية التي يسعى اليها كل العرب وكل المناصرين للشعب الفلسطيني، تلتقي «الجزيرة» في هذه الحلقة مع الاستاذ نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الذي تحدث لمراسل الجزيرة في دمشق وجاء الحوار معه بدءا بالسؤال التالي:
لا شك اننا امام استراتيجية يسيّر فيها السياسي العسكري تحمل في طياتها الكثير من الويلات للشعب الفلسطيني. الى اين ستصل برأيكم سياسة تطويق الانتفاضة وتقصير عمرها من قبل الاسرائيليين؟
المشروع الاستراتيجي الصهيوني لا يتوقف في اعمدته الرئيسية على الهجرة الى بلادنا والاستيطان ومصادرة الاراضي.
ان طموح تحويل فلسطين كل فلسطين من بحرها الى نهرها الى دولة عبرية صهيونية وعنصرية وعليه جاءت الانتخابات الاخيرة الى اسرائيل لتزكي هذا المشروع الذي قام به شارون فحصل على 65% من مجموع الكتلة الناخبة اليهودية وفي هذا انحياز واسع جانبي لمشاريع التوسع على حساب شعبنا في الاقطار العربية وكل العرب. المشروع الاسرائيلي الصهيوني لا يمكن ان يشق طريقه طالما ان المقاومة الفلسطينية «الانتفاضة» متواصلة ولهذا جاء شارون تحت شعار انه الوحيد القادر على سفك دم شعبنا في مدنه وقراه ومخيماته لوقف الانتفاضة. الآن مشروع شارون دخل مرحلة جديدة من القصف بالطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ محاولة لاقتحام المدن والبلدات وآخر مثال قصف مخيم خان يونس في 10 ابريل الذي اراد ان يكرر ما فعله في مخيمات صبرا وشاتيلا في مخيم خان يونس لأن خطة شارون على الهجرة والتوسع ومصادرة الاراضي وكسب الزمن عمودها الرئيس كسر الانتفاضة وفي هذا السياق أقول بصراحة لا يمكن كسر ذراع الانتفاضة طالما نحن في وحدة ميدانية على الارض وكل ابناء شعبنا في الشتات يلتفون حول الانتفاضة. اما اذا تم زرع شروخ واختراقات في الوحدة الميدانية حيث تتحد جميع القوى الوطنية على اختلاف طيفها في قيادة الانتفاضة فالاخطار ستكون حقيقية على الانتفاضة. اننا نشعر بقلق كبير ازاء اتصالات ومفاوضات القنوات السرية التي ينشط بواحدة منها ابن شارون «عومري» ومعه مدير مكتب شارون «يوسي غونيار» والقناة الاخرى التي تنشط فيها اجهزة الامن الاسرائيلية وهناك قناة اخرى ينشط فيها وزير خارجية اسرائيل «شمعون بيريز» نحن دعونا السلطة الفلسطينية الى التوقف عنها واحترام ارادة الانتفاضة والاستجابة لنداءتها بضرورة وقف كل اشكال المفاوضات السرية التي تستهدف الوصول الى صفقة بين حكومة شارون وبين السلطة الفلسطينية تقوم على وقف الانتفاضة مقابل العودة الى الاتفاقات الجزئية التي كانت بين الدولة العبرية والسلطة الفلسطينية قبل اندلاع الانتفاضة التي انتفضت على بؤس تلك السياسات ممثلة بتداعيات اتفاق أوسلو ووادي عربة ووادي بلانتيشن واتفاق شرم الشيخ ونعمل على صيانة الوحدة الوطنية الميدانية من اخطار قنوات التفاوض السري بين السلطة الفلسطينية والدولة العبرية ونأمل ان يستجيب الاخ ياسر عرفات الى نداءات الانتفاضة لوقف هذه القنوات التي تقوم على معادلة قبيحة وقف الانتفاضة مقابل العودة الى ما قبل الانتفاضة.
[ تحدثتم عن فشل اتفاقيات اوسلو وآليات التنفيذ من قبل السلطة الفلسطينية ما هو البديل ..؟
البديل جاهز وقد قدمت الجبهة الديمقراطية هذا البديل بمبادرة شهيرة في المفاوضات التي جرت بين الجبهة الديمقراطية وفتح والسلطة التي جرت في القاهرة في اغسطس 99 وصلنا الى قرارات مشتركة وقعنا عليها «انا وابو عمار» وكذلك قدمت البديل بتفاصيله في كتابي «اوسلو والسلام المتوازن» و«ابعد من اوسلو فلسطين الى اين». البديل يقوم بلغة واضحة على اعادة بناء الوحدة الوطنية تحت سقف وطني واقعي موحد نتوافق عليه بالحوار الوطني الشامل بين جميع القوى التي تقود الانتفاضة على اختلاف طيفها من قوى وطنية واسلامية وهذا البديل يقوم على:
1 توحيد الشعب حول برنامج سياسي موحدجديد يؤمن حق شعبنا في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس العربية المحتلة وعودة اللاجئين الى ديارهم عملا بقرار الامم المتحدة 194.
2 اعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الاتلافية المدمرة منذ اتفاق اوسلو 93 حيث تم مقايضة مبادىء اعلان اوسلو بوقف الانتفاضة الكبرى التي امتدت 6 سنوات في ذلك العقد من الزمن واعادة بناء المجلس الوطني الفلسطيني ومؤسسات السلطة الفلسطينية بعمليات انتخابية ديمقراطية تقوم على مبدأ التمثيل النسبي واعادة بناء كل العمليات التفاوضية على اساس قرارات الشرعية الدولية وتطبيقها كما هي:
ما هو موقف ابو عمار من البديل الذي تقدمتم به خلال اجتماعكم به في القاهرة؟
اقول لكم بصراحة من المحزن عدم الاستجابة لنداءات الانتفاضة والقيادة الوطنية الموحدة الميدانية وذلك لأن عرفات واقع بين قطبي ضغط الانتفاضة والقوى الوطنية الميدانية وقرارات القمة العربية من جانب ومن جانب آخر الضغوط الامريكية والدبابات الاسرائيلية.
[ نقف عن الضغوط الامريكية. ترافق حملة شارون العسكرية ضد الفلسطينيين تغطية سياسية امريكية يقودها كولن باول كيف تنظرون الى الدور الامريكي بعد وصول جورج بوش الى البيت الابيض.
المشكلة في الادارات الامريكية بسياستها في الشرق الاوسط هي سياسة منحازة تلقائيا الى الدولة العبرية وحكوماتها سواء كانت حكومة حزب العمل او اليمين المتطرف وكما هو راهناً حكومة الوحدة الصهيونية بين كل قوى اليمين وحزب العمل.
والادارات الامريكية تدعم الدولة العبرية تحت ضغوط مصالحها الامنية واللوبي الامريكي اليهودي داخل الولايات المتحدة الامريكية يؤثر بشكل مباشر على الادارات الامريكية المتوالية جمهورية كانت ام ديمقراطية.
واعطيك مثلا على ذلك ان الادارات الجمهورية والديمقراطية دائماً تعلن انها ضد المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة وان هذه المستوطنات غير شرعية ومع ذلك يتقدم كلينتون عشية رحيله في 23 ديسمبر 2001 بورقة تسوية سلمية كما سماها يوافق فيها على بقاء 80% من المستوطنين داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة كذلك عندما يعلن وزير الخارجية الامريكية كولن باول استنكاره لبناء استيطاني جديد اعلنت عنه حكومة شارون دون ربط هذا الاستنكار بأية خطوة ضغط فعلية عملية ملموسة، لماذا؟لأننا نحن ابناء الشعب الفلسطيني بمقدار ما نعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية تحت سقف برنامج وطني موحد يجمع بين مواصلة الانتفاضة والنضال من اجل الوصول الى حلول سياسية تقوم على قرارات الشرعية الدولية وعدم الاستجابة الى الضغوط الامريكية والدبابات الاسرائيلية واذا لم نرتق بالحالة الفلسطينية من وحدة ميدانية الى وحدة وطنية شاملة محكومة ببرنامج وطني سياسي جديد نتوافق عليه فاننا لن نصل الى ما نرجوه من الانتفاضة الكبرى ومطلوب من الحكومة الاسرائيلية الجديدة ان تحقق توازنا في سياستها بين العرب والدولة العبرية.
[ التقيتم في بداية هذا الشهر بنائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام وقلتم في هذا الاجتماع ان تصحيح العلاقات الفلسطينية السورية يتطلب اعلان اعداد ورقة سياسية مشتركة بين سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل لجنة تنسيق ثنائية دائمة. ما هي أهم المبادىء التي تنص عليها الورقة و ما هي اهداف هذه اللجنة؟
العلاقات السورية الفلسطينية علاقات متدهورة طيلة عشرية كاملة من السنوات مسبوقة بعلاقات متوترة في العشرية التي سبقتها اي ان هناك جبلاً من الركام. وتصحيح هذه العلاقة لا يمكن ان يتم بالكلمات اللطيفة والناعمة كما جرى على هامش اعمال القمة العربية الاخيرة في عمان بل يتطلب البحث بالعمق الملموس لتصحيح هذه العلاقات بمراجعة نقدية شجاعة من الجانبين ولا يمكن حل القضايا الا على قاعدة المصارحة قبل المصالحة وقد اكتوينا بحرائق هذه العلاقات المتوترةعدة مرات منذ عام 1983م عندما وقع الانشقاق الكبير في فتح ونحن في الجبهة الديمقراطية من دعاة تصحيح هذه العلاقة وقد بحثت مع الاخ عبدالحليم خدام ضرورة تصحيح هذه العلاقة على قاعدة سياسية تستوعب المصالح الوطنية لكل من الجانبين والمصالح العربية المشتركة بينهما.
ابرز ما ورد الورقة المشتركة
1 لا عودة الى ما قبل الانتفاضة واستمرار الانتفاضة
2 لا عودة الى سياسة اوسلو والخطوات الجزئية الصغيرة التي استهلكت عشرة اعوام كاملة ولم تأت بتسوية سياسية شاملة تقوم على قرارات الشرعية الدولية وضرورة التمسك بالجمع بين مواصلة الانتفاضة والمقاومة للمحتلين والمستوطنين واعادة بناء كل العملية التفاوضية السياسية على اسس الشرعية الدولية.
3 التمسك ببرنامج مشترك يقوم على ضرورة انسحاب المحتلين الاسرائيليين والمستوطنين من جميع الاراضي العربية والفلسطينية المحتلة بما فيهامزارع شبعا اللبنانية الى خطوط الرابع من حزيران/يوليو 67 بما فيها القدس العربية المحتلة عملا بقرارات الشرعية الدولية 242 ، 238 والقرار الخاص بالقدس 252 و278 والقرار الخاص برحيل المستوطنين 465 وعودة اللاجئين وفقا للقرار الدولي 194 مقابل الوصول الى سلام متوازن مع الدولة العبرية وان يترتب على هذا كله تحديد آليات عملية تنفيذية ولجنة تنسيق ثنائية مشتركة كما هو مع مصر ولجنة تنسيق دائمة مع الاردن يجب ان يكون هناك تنسيق دائم مع سورية ولبنان فسورية جولانها محتل ولبنان مزارع شبعا لا تزال محتلة واسرائيل لا تزال تهدد جيرانها العرب واكدت للسيد خدام والاخ ياسر عرفات ان هذا هو درس التاريخ المر في العلاقات السورية الفلسطينية واذا لم نخلص الى برنامج ورقة سياسية مشتركة نتاج الحوار المتبادل فالامور عند اول منعطف قادم ستجد الجفاء والجفاف والتدهور مرة اخرى ونحن لا نريد هذا بطبيعة الحال.
[ شاركت الجبهة الديمقراطية باعتصام حاشد امام مقر جامعة الدول العربية في بيروت بهدف حث القمة على اتخاذ قرارات جادة تدعم جهود الشعب الفلسطيني ورسم استراتيجية عربية موحدة في مواجهة البرنامج العدواني لحكومة شارون، الى اي حد حققت القمة العربية هذه الطموحات؟
حققت القمة العربية الاخيرة خطوات اولية على هذا الطريق ولم ترتق الى طموحات ابناء الامة العربية، ان القرارات الاولية التي اتخذتها قمة عمان تتطلب التفعيل والتطوير وفي المقدمة الغاء كل اشكال العلاقات السياسية مع الدولة العربية وفرض العزلة عليها والعمل على احياء مكتب مقاطعة اسرائيل وعلى الدول العربية ان تضغط على الادارة الامريكية باتخاذ قرار بارسال قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني من آلة الحرب الاسرائيلية على غرار القوات الدولية الموجودة في جنوب لبنان والجولان وعندما تقول حكومة شارون لا لتدويل النزاع عليها ان تتذكر انها قامت نتيجة قرار دولي صادر عن الامم المتحدة بتقسيم فلسطين بموجب القرار 181 علماً ان اسرائيل وافقت على قرارين صادرين في العام 1948 كانا سببا في انضمام اسرائيل الى الاسرة الدولية وانها سوف تحترم تنفيذهما ولكن للاسف الشديد لم تنفذ متراً واحداً من الاتفاقين.
الاول اقامة الدولة الفلسطينية على 5.44% من ارض فلسطين التاريخية والقرار 194 الصادر 1948 الذي ينص على عودة اللاجئين الى ديارهم.
وعلى كل حال الحكومات الاسرائيلية بيمينها ويسارها. تمثل وجها للصهيونية العالمية.
[ ما الذي يميز الدور السعودي في دعم الانتفاضة وماهو تقييمكم للدعم السياسي والمادي الذي تقدمه المملكة للشعب الفلسطيني؟
الموقف السعودي واضح جدا من خلال دعمه المستمر والمتواصل والمملكة قدمت المساندة السياسية الكبيرة للقضية الفلسطينية وهي الدولة الاكثر كرما وسخاءً في المساندة المادية للشعب الفلسطيني وقد قدمت على امتداد عمر منظمة التحرير الفلسطينية اكثر من مليارين ونصف مليار دولار ولا ننس الاقتراح الذي تقدم به سمو ولي العهد في قمة القاهرة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله الطارئة بتخصيص مليار دولار لدعم الانتفاضة اعلن فيها ان المملكة قد تبرعت بربع المبلغ ولا انسى ما قاله سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز ان مشهد محمد الدرة لا يمكن ان يغيب عن محياه طالما ينبض به نفس الحياة وأنا على يقين ان مشاعر الشعب السعودي تتقاطع مع هذا المشهد الذي قدمه سمو ولي العهد.
[ ما رأيكم في التبريرات التي ساقها بعض النواب اللبنانيين حين تم اصدار قانون يمنع الفلسطينيين من التملك في لبنان وهل يشكل مثل هذا القانون دعوة الى تهجير الفلسطينيين من لبنان؟
اقول لكم ولكل الناس الحريصين على حقوق الانسان في العالم ان ما جرى قانون حرمان الفلسطينيين من حق التملك غريب عن كل قوانين الدول والبشرية وهذا لا يرتبط بما يدعيه الذين صوتوا على منع التوطين للفلسطينيين ومنع التوطين يكون من خلال علاقة فلسطينية لبنانية نتوافق عليها تقوم على تحشيد كل الطاقات الفلسطينية، تقوم على تجمعات شعبنا في لبنان باتجاه فلسطين والاصرار على حق العودة بكل وسائل النضال التي نتوافق عليها مع الدولة اللبنانية والمجتمع بكل اتجاهاته وتياراته اما سياسة تطفيش الفلسطينيين الى خارج لبنان فلا تنسجم مع خطاب الدولة اللبنانية المعترض على اتفاقات اوسلو والمعترض على احتمالات التوطين في اي بلد من البلدان هذه السياسة بدأت في العام 1992م بتطبيق مراسيم وضعها الرئيس امين جميّل في الثمانينات وقد منعت حكومة اللبنانية التجمع الفلسطيني من العمل في 73 مهنة مدنية واجتماعية وكان الهدف من ذلك تجويع الشعب وطرده من لبنان وفعلا بين العام 92 والعام 2000 هاجر الى المانيا والدول الاسكندونافية اكثر من 120 الف من مجموع 386 الف لاجىء والهدف من هذه الخطوات التي تتبعها الحكومة اللبنانية ان يبقى للفلسطيني في لبنان حق الاقامة والموت ولاحق آخر له وهذا يتنافى مع التزام الدولة اللبنانية بمواثيق الجامعة الدول العربية ويتناقض مع قرارات الشرعية الدولية وكما يقول هانسن مسؤول وكالة غوث اللاجئين ان حياة الفلسطينيين في المخيمات اكثر بؤساً من حياة الكلاب.
[ كلمة أخيرة
أتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة الجزيرة التي اتاحت لنا فرصة اللقاء بالاشقاء السعوديين الذين يساندون قضيتنا ونضالنا ضد الدولة العبرية منذ انطلاق قضيتنا وحتى الآن وفي الختام اتمنى من الاعلام العربي ان يرتقي الى مستوى التضحيات في الارض المحتلة.
|
|
|
|
|