أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 28th April,2001 العدد:10439الطبعةالاولـي السبت 4 ,صفر 1422

الثقافية

إضافة معرفية
د. حسن الهويمل
الحضارة أي حضارة نزلت مبادئها من السماء أو انشقت عن مشروعها الأرض، لا يقوى جانبها إلا بالكلمة المؤثرة والسلاح الرادع أو بأحدهما،
ولهذا قيل: في البدء تكون الكلمة.
وكان أول لقاء بين السماء والأرض: «اقرأ بسم ربك الذي خلق».
والمعجزة الخالدة قرآن عربي غير ذي عوج، والمشركون الذين بهرتهم بلاغته تواصوا باللغو وعدم السماع، فالكلمة الطيبة البليغة تفعل فعل السحر، وفي الحديث : «إن من البيان لسحراً».
ولأهمية الكلمة جاء الحث على تنقيتها وسلامتها:
«وقولوا قولاً سديداً»، «إليه يصعد الكلم الطيب»، «وهدوا إلى الطيب من القول»، «واجتنبوا قول الزور»، «طاعة وقول معروف»، « ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»، «فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً»، «وقولوا للناس حسناً».
والكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة فيها ثبات الأصول وسموق المعاني.
والمجاهدون في الله حين يتخذون الكلمة سلاحاً يتحرفون للمواجهة فمنهم العلماء الواعظون، والأدباء المستميلون، والشعراء الممتعون، والأثرياء المنفقون.
والعالم الإسلامي موبوء بالكلمة الخبيثة تجتاحه عبر قنوات الإعلام: المقروءة والمسموعة والمرئية، والعلمانيون والحداثيون يجتالون الأبرياء الآمنين كما الشياطين، ووسائل الاتصال وشبكات المعلومات وتماكر الغزو والتآمر تحتنك الأمة بساقط القول وكلمات التشكيك والكفر، والصراع اليوم صراع حضاري لا عسكري.
والتراث العربي مليء بالدرر والعبر والحكم التي تهذب الأخلاق وتزرع القيم، وتشيع الفضائل وطوفان الماديات كاد يهمش التراث، ويطمس كنوزه ، ويحل محله رديء القول وساقط الفن، وتراثنا بحاجة إلى من يعيده إلى مشاهد الثقافة ومؤسسات الإعلام، ليعيش حضوره المشروع، عبر الدراسات والمختارات والتحقيقات والمنابر والمنتديات والكتب والمكتبات ومثل هذا الفعل الحضاري همُّ النبلاء المسكونين بحب النصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين وخاصتهم.
وفي هذا المساء المبارك، ينوب المربي القدير الشيخ عثمان الصالح عن أدباء البلاد ومفكريها بتكريم مجاهد بماله وجهده ووقته، أنعم الله عليه بالمجد العريق. والجاه العريض والمال الوفير، فعرف حق الله، وحق الناس، وحق القيم العربية والإسلامية واتخذ طريقه محتسباً الأجر على الله، شاكراً لأنعمه.
وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز الذي كانت له مبادرات إنسانية دينية وأخلاقية جدير بأن يحتفي به العلماء والأدباء والمفكرون ليكون في مبادراته قدوة للمصلحين وحافزاً للمتثاقلين ومثلاً أعلى لمن أفاء الله عليهم بوافر نعمه.
إن تبني سموه الكريم لهذا المشروع دليل على وعي حصيف بمتطلبات المرحلة، ذلك أنه لم يكتف بأسلوب الوعظ والإرشاد والتحذير، بل أنجز موسوعة ثقافية استمدها من تراث الأمة، لتحتل موقعا يليق بالقيم الأخلاقية، وأرسل سموه الكلمة الطيبة لتزاحم بمنكبها الخطابات المتعددة، ومن الصدف العجيبة أن سموه حارب تسمم الأجسام بأجهزة الغسيل، وتصدى لتسمم الأفكار بتجميع القيم وجعلها في متناول الأيدي.
ومشروع الموسوعة يتخذ طريق الفعل، معترضاً سبيل الكلمة الخبيثة، والذين تعمدوا إفساد الأخلاق بمعسول الكلام، وجدوا أنفسهم وسط عبق الكلمة الطيبة، كي تفسد عليهم مشروعهم التخريبي، وتحاصر خططهم، وتنازعهم المشاهد، وتأخذ بحجز المتهافتين على الرذيلة.
لقد شرفتُ بقراءة بعض أجزاء الموسوعة بوصفي محكماً، وتبين لي أنها مشروع ثقافي، يهتم بالقيم العربية والإسلامية، وسعت آلاف الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأمثال العربية، واشتملت على آلاف الأبيات الشعرية، ونقبت عن هده الدرر في آلاف المراجع ، وجند لإنجازها مئات الدارسين والمصححين والمراجعين والمحكمين، واتسعت لأكثر من خمسين قيمة أخلاقية في اثنين وخمسين جزءاً، درست بآليات ومناهج، وعبر خطط محكمة، فكانت بحق إضافة معرفية أورثت علماً ينتفع به، كما الصدقة الجارية، وهذ العمل الجبار حققه الإنفاق السخي والمتابعة الجادة. وأثرياء العالم الكافر ينفقون أموالهم في سبيل البحث العلمي ودعم المؤسسات الخيرية، مع أنهم لا يرجون من الله ما يرجوه أهل الدثور من المسلمين ونحن أحق منهم بالإنفاق.
واحتفاء الصالح بالممول لهذا المشروع الحضاري يعد نيابة عن كل مواطن لا تسعفه الظروف للتعبير عن مشاعره وبلادنا التي أسس بنيانها على التقوى بادر ولاتها إلى إشاعة الثقافة الإسلامية فكان لخادم الحرمين الشريفين مجمع لطباعة المصحف الشريف، وكان لعضده الأمين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ورعاية الموهوبين، وكانت لنائبه الثاني «الموسوعة العربية العالمية» وعلى الموسرين مبادرة الإنفاق قربة وابتغاء لوجه الله، لا مغرماً ، وبدون منّ، فالمال مال الله الذي آتاهم واستخلفهم فيه، فواجبهم المبادرة بالتنفيذ أو بالرعاية أو بالوقوف على المشاريع، قبل أن يحال بينهم وبين أموالهم بكف الأيدي أو بالوفاة، والأمثلة حية ومؤلمة والله يقول: «وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت» ومال الثري ما أنفق، لا ما أبقى للوارث.
وإذ نبارك نجاح هذا المشروع، نمتد بالشكر والثناء والإكبار لفريق العمل الذي نهض بالمهمة على أحسن وجه، وأنجزها بأمانة واتقان، وآخر قولنا مساءلة الله: «وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله»، «ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله»، ووعده «وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم»، «فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير».

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved