أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 27th April,2001 العدد:10438الطبعةالاولـي الجمعة 3 ,صفر 1422

شرفات

الفنان مصطفى خليل يكتشف الجمل في معرض بأوكرانيا ويقول:
القواعد الأكاديمية شرط أساسي لإبداع الفن
الفنان مصطفي خليل لايستطيع أن يرسم بدون معنى.. من تفاصيل الحياة اليومية أو من ذاكرة الطفولة يستلهم معناه، وتتحول اللوحة لديه إلى وسيط يقبض على فكرةٍ ما ويعيد اكتشافها كحالة فنية. ينسج خطوطه وألوانه من عبثية اللحظة الراهنة.. تتجدد اللحظة يتجدد الفن أيضاً.. هكذا كان المشوار في معارضه المختلفة:«فتنة الجمل» أبعاد.. القريب البعيد..وأخيراً يقف أمام فاترينة العرض بأحد المحلات يراقب الأسعار وخامات القماش و«المانيكان» والمقاسات.. ومن كل هذايبدع معرضه الأخير«مانيكان حريمي»:
الفن في مدن مختلفة
*في رحلتك الدراسية تنقلت بين القاهرة وعدن وكييف بأوكرانيا.. فلماذا الترحال الدائم؟!
لقد مكثت فترة قصيرة بكلية الفنون الجميلة وتركتها لأني لم أجد ما أريد دراسته. وأثناء سفري إلى اليمن- نظراً لطبيعة عملي في وزارة الثقافة - حصلت على دبلوم تصوير في معهد الفنون الجميلة بعدن) وهو من تأسيس فنان مصري هو الأستاذ عبدالعزيز درويش( وكنت الأول على أول وقفة تصوير تخرجت من ذلك المعهد. لكني أيضاً لم أجد ما أبحث عنه، فسافرت إلى أكاديمية الفنون بكييف في أوكرانيا حيث حصلت على دبلوم في التصوير الجداري وعلى دبلوم في نقد الفن التشكيلي أيضاً. وأول ما وجدته في أكاديمية الفنون أن الدراسة هي القاعدة لأي إبداع فني مهما كان. كما أنني وجدت هناك حركة فنية معاصرة تعي «ماذا يعني الخروج على القواعد الأكاديمية» وهي حركة غنية شهدت فترة التحولات في الاتحاد السوفيتي، خاصة على مستوى العلاقة المتناقضة بين الدراسة الأكاديمية والحركة التشكيلية المتمردة عليها دائماً.
*هل يعني هذا أن هناك فروقاً أساسية بين الدراسة الأكاديمية في البلاد العربية والدراسة بأوكرانيا؟!
بالنسبة لدراسة الفن التشكيلي نجد أن التشكيل لا يزال وليداً لدينا لم تتشكل ملامحه بعد !! الدراسة بمعنى قواعد التكوين والتشريح لازلنا نتعلمها كعرب على يد أجانب سواء خارج الوطن العربي أو داخله، وأستطيع أن أزعم أن الدراسة على يد أساتذة عرب لا تزال حتى الآن غير مجدية بمعنى من المعاني. فإذا قلنا إن البديل الآخر للقواعد الأكاديمية الغربية سنجد أن البديل الوحيد لدينا هو الخط العربي والزخرفة الإسلامية، وهذا فن مستقل غير مندمج إلى الآن كجزء من حركة الفن العالمي، لا أنكر أن الفن العالمي استلهم في تطوره من تلك الزخرفة لكنها غير مؤثرة حالياً.
الفن فكرة أم أسلوب؟!
* أقمت من قبل معرضاً يستلهم قيمة الجمل واليوم- في معرضك الحالي- تستلهم فكرة «الباترونات» فما الخيط الذي يربط التيمات بعضها ببعض؟
دائماً كل معرض لدى له تيمة أساسية- فمثلاً في أول معرض أقمته سنة 1991م انشغلت فيه بمسألة التكوين والخروج عليه نظراً للهواجس الأكاديمية، مع استخدام وحدة تشكيل رئيسية مستلهمة من آلات النفخ النحاسية. ولم أشعر في هذا المعرض أنني أقوم بتجربة داخلية خاصة بي وانني كنت أقوم بتجربة في الفن نفسه «أي أتعلم» أما المعرض الثاني فقد أقمته في أوكرانيا وكان تحت عنوان«فتنة الجمل» واستخدمت فيه الجمل كموضوع وكوحدة تشكيل وعلى مساحات كبيرة تصل إلى )3م* 2م( وكان له صدى كبير عن الفن العربي في أوكرانيا وقد كتبت عنه مجلة العربي الكويتية آنذاك.
ودائماً الأساس في أي معرض أقيمه هو الفكرة وليس الأسلوب أو بمعنى آخر التيمة الأساسية. ولذلك أقمت معرضاً مع أحد الكتاب الذي كان يكتب نصوصاً أدبية هو محمد جاد الرب وذلك من خلال ما يسمى بفن شكل النص، وهي تجربة تؤكد على أهمية التيمة.
* لكن ما الذي يربط التيمات ببعضها؟ هل ثمة فلسفة ما وراء كل تيمة؟
ترتبط التيمات ببعضها من خلال التحول الفني الذي حدث على يدالألماني)جوزيف بويس( الذي عني بفن الفكرة وهو الذي خرج منه الفن التصوري وفن التجميع وغير ذلك من فنون خرجت عن نطاق اللوحة التقليدية. وأعتبر نفسي من الجيل الذي بدأ المحاولة في هذا الاتجاه: ليصبح الفن مجرد وسيط لتقديم الفكرة أو الموضوع كحالة فنية.
من التعبيرية إلى ما بعد الحداثة
أليس لفكرة الموضوع أو التيمة علاقة بالمدرسة التعبيرية؟!
في هذا المعرض لو حذفنا الأجسام من اللوحة ستبقى اللوحة كما هي لن تنقص شيئاً، وإن كانت ستصنف باعتبارها تجريداً.. إذن موضوع اللوحة لايعني أننا لا نرسم، وإنما نحن نرسم وفي نفس الوقت نقدم موضوعاً أوفناً- لا فرق!! فعندما أستخدام المشجب وأضيفه إلى معرضي الأخير فإني أضيفه كجزء من الحالة الفنية أو الموضوع الذي أعالجه بشكل غير تقليدي.
* من زاوية أخرى، هذا المعرض يعالج لحظة يومية عابرة ويعتمد على ماوراء «فاترينات» العرض.. ألا يعطينا هذا حقاً بأن نقول إن المعرض «ما بعد حداثي» ؟!
فن ما بعد الحداثة الأساس فيه هو تداخل الأزمنة سواء ازمنة قديمة او معاصرة وما ارسمه ليس فنا ينتمني الى ما بعد الحداثة، وإنماهو فن حداثي يخلو من تداخل الأزمنة وإنما يعبر عن زمن معين )هو الزمن المعاصر( وذلك يتأكد من عنصرين أساسيين: الخامة المستخدمة تؤكد على زمن معين، وكذلك الموتيفات كلها تؤكد أننا في مكان معين كأنه ورشة خياطة: فالمعرض يخلو من الموتيفات الاغريقية أو موتيفات العصور الوسطى وأنما ارتبطت تماماً بفكرة المعرض في لحظة راهنة.
المعرض محل حياكة
*استخدمت الباترونات ومقاسات الملابس وخيوط التفصيل.. كل هذا أعطى إحساساً بأننا في محل لحياكة الملابس؟!
فكرة الباترونات هي فكرة من أفكار الفن.. فأفكار الفن تعني البحث عن موضوع جديد أو وسيط فني جديد.. ومن هنا بحثت عن الموديلات والباترونات، وبذلك ابتعدت عن رسم الأجساد التي تشي بالجمال عند المرأة والقوة عند الرجل، وإنما تحول «الباترونات» كوسيط إلى عنصر درامي.. وهذه حالة جديدة في تناول الفن.
* لكن الخطوط والرسوم الشاحبة وتعليمات الحياكة المتناثرة وأختام الثمن والأسعار ألا تصدم المتلقي العادي جمالياً؟!
لا أظن، لأن المتلقي الذي اعتاد على اللوحات التقليدية سيدفعه مثل هذا المعرض إلى التفكير بشكل مختلف. وسيحاول البحث عن جماليات جديدة وعن أفكار معاصرة لاستقبال الفن الجديد.
*هناك تركيز على الخط في ظل الغياب النسبي للألوان؟.. لماذا؟!
الباترونات نفسها بخطوطها هي التي فرضت عليّ التركيز على الخط، فخط الباترون الجاف القوي كان بحاجة إلى خط إنساني يتناغم معه ومن هنا وجدت أنه ليس أمامي اختيار آخر.
وهم الخداع البصري
*من اللافت للنظر في هذا المعرض استخدام الفوتوغرافيا بطريقة جديدة تعتمد على الخداع البصري وكأن اللوحة تقدم أكثر من صورة في آن واحد؟!
تجربة إعداد لوحات تعتمد على الخداع البصري بدأت معي منذ سنين عندما أقمنا معرضاً - بمشاركة بعض الأصدقاء - تحت عنوان «أبعاد» وكنا نعتمد على العمل المجسم وعلى التصوير بالأبعاد الثلاثية، وكان ذلك لأول مرة أن يبدأ في مصر استخدام التصوير بالأبعاد الثلاثة، وبدأت أجرب ذلك بالتصوير الفوتوغرافي.. وفي المعرض الأخير قمت بمشاهدة «فاترينات» العرض في المحلات في المختلفة وشعرت أن المعرض يمكن أن يكتمل أكثر عندما أضيف هذه الصور الفوتوغرافية بأبعادها الثلاثة القائمة على الخداع البصرى. فأثناء الطباعة قمت بإضافة بعد آخر على الصورة المجسمة بإضافة القماش.
وللربط بين الصورة الفوتوغرافية وحالة الرسم على الباترون.
*ربما يتهمك البعض بالاعتماد على الصنعة أو التطور التكنولوجي فحسب!!
يجوز القول إن فيها استخداماً جيداً للتكنولوجيا الحديثة، فإذا أردناأن نعبر عن زماننا هذا لابد أن نستخدم وسائله التعبيرية.. ربما لا يكون له قيمة كبيرة حالياً لكنه عند الأجيال التالية سوف يكتسب قيمة أكبر وأهمية مختلفة عن نظرتنا الأنية للفن .
شريف صالح



أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved