أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 27th April,2001 العدد:10438الطبعةالاولـي الجمعة 3 ,صفر 1422

أفاق اسلامية

عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة لـ «الجزيرة»:
على القناة الإسلامية التخلي عن أسلوب الوعظ المباشر!!
* الجزيرة - خاص:
دعا عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الدعاة الى ضرورة ان يعرف الداعية إمكانات الوسيلة الإعلامية التي يستخدمها، ومزاياها، وعيوبها، ، خاصة ان الداعية اليوم لا ينبغي أن يكون هونفسه داعية الأمس،
وطالب الأستاذ الدكتور علي عجوة في حديث ل«الجزيرة»: بتحصين الشباب المسلم ضد البرامج الفضائية الأجنبية التي تتنافى مع التقاليد والتعاليم الإسلامية، مع أهمية قيام وسائل الإعلام الإسلامية بتقديم برامج جادة ومشوقة،
كما كشف د، عجوة الأسباب الرئيسة في ضعف البرامج الدينية في القنوات، وحالة التشاؤم التي تواجه بعض المسلمين، داعيا في السياق نفسه الى إنشاء قنوات إسلامية ناطقة بلغات عالمية، ، وفيما يلي نص اللقاء:
* ينتاب الأمة الإسلامية حالة من التشاؤم تجاه الظروف والأحوال التي يعايشونها في ظل هذا الواقع الصعب، ، ما تعليقكم على ذلك، وما دور وسائل الإعلام الإسلامية في رفع عزيمة المسلمين والتفاؤل؟
- حالة التشاؤم التي تواجه بعض المسلمين ترجع الى سببين رئيسين: أولهما داخلي، وثانيهما خارجي، السبب الداخلي: هو الناشئ عن تفكك القوى الإسلامية، وتشرذمها الى شيع وأحزاب شتى، بدلا من وقوفها صفا واحدا كالبنيان المرصوص، إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، يحدث هذا على مستوى المجتمع الواحد، كما يحدث على مستوى الدول الإسلامية التي لا تتفق إلا قليلا، في حين أن الخلافات بينها حادة وعميقة، تصل أحيانا الى المعارك الحربية التي يستعان في حسمها بقوى خارجية،
السبب الثاني، وهو الخارجي: يتمثل في تزايد القوى الأجنبية، وتكاتفها مع الصهيونية العالمية ضد الإسلام والمسلمين، بتأثير سيطرة اليهود على وسائل الإعلام الكبرى، وعلى القوة الاقتصادية والتكنولوجية التي تتحكم الآن في مصائر الشعوب، مع غياب الدور الفاعل للأمة الإسلامية، والاستفادة من الإمكانات المتاحة لها، وهي غير قليلة إذا تكاملت واتحدت لمواجهة القوى المعادية،
أقول رغم أنني لست من المتشائمين تماما، وأرى أن إمكانات رأب الصدع بين بعض الدول الإسلامية، وتنقية العلاقات بينها من شوائب الماضي، والاتجاه نحو بناء قوة معرفية واقتصادية تستفيد من ثورة المعلومات، والاتصالات، وتمتلك التكنولوجيا المتطورة في كافة المجالات، مع الاستفادة من العنصر البشري الذي يمثل خمس سكان العالم، ولنأخذ نموذجا من بعض القوى الفاعلة والتي تتعاظم عاما بعد عام، كاليابان والصين، وهما على علاقة طيبة بمعظم الشعوب الإسلامية،
أما عن مسؤولية وسائل الإعلام الإسلامية في رفع عزيمة المسلمين: تستطيع وسائل الإعلام ان تدعو الى نبذ الفرقة، والتعصب، وتضييق حدة الخلافات، والدعوة الى عهد جديد تتكاتف فيه الجهود، للارتقاء بأوضاع الأمة الإسلامية على مستوى العمل الجاد، في مجالات المعلومات، وصناعة البرمجيات، وتطوير الأوضاع الاقتصادية، والعلمية، والسياسية مع الشعوب المحايدة، لكسب مساندتها الدولية في مواجهة الصهيونية العالمية، والقوى المؤيدة لها، وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين لدى شعوب العالم، ومواجهة الدعاية المغرضة التي تستهدف إثارة الرأي العام العالمي ضد العالم الإسلامي،
* تظل الدعوة الى الإسلام تواجه العديد من الصعوبات، ولعل من أبرزها التشويه المستمر لصورة الإسلام في عيون العالم من خلال التصرفات غير المسؤولة من بعض المنتسبين للإسلام، ماالذي ينبغي أن تقوم به وسائل الإعلام لتصحيح الصورة القاتمة في عيون غير المسلمين؟
- سوف تظل الحرب على أشدها بين المسلمين وأعدائهم المرئيين وغير المرئيين، وأخطر ما يواجه العالم الإسلامي العدد غير المرئي الذي يخرج عادة من تحت عباءته، يتحدث باسمه، وهو أعدى أعدائه، وهنا أقول ان من واجب وسائل الإعلام ان تلاحق هذا العدو ليس بالحرب الكلامية التي تثير الجدل، وتذكي الخلاف، ولكن من خلال الردود العملية، وتقديم النماذج الإيجابية للسلوك الإسلامي القويم، وتصحيح الأخطاء الواضحة بشكل مباشر، دون الدخول في مهاترات أو جدل عقيم، يؤيد ذلك ويدعمه سلوكيات إيجابية بناءة من قادة المسلمين وعمومهم تكون خير رد، وأفضل إجابة تنقلها وسائل الإعلام الإسلامية بصفة مستمرة الى العالم بلغات شعوبه المختلفة، وهنا أدعو إلى إنشاء قنوات تلفزيونية إسلامية ناطقة بلغات عالمية، كما أدعو الى دعم ما هو قائم من قنوات إسلامية عربية،
والقناة الإسلامية لا تقتصر برامجها على الوعظ الديني المباشر فقط، ولكنها مطالبة بأن تقدم من البرامج ما يشع بروح الإسلام وسماحته قولا وفعلا، وبأرقى الأساليب الفنية التي تحقق أقصى قدر من الجاذبية والتشويق لهذه البرامج، وبما لا يتناقض مع مبادئ الإسلام، فليس المقصود بالجذب والتشويق أي نوع من الخلاعة والمجون الذي تقدمه الفضائيات الأجنبية، ولكن استخدام الدراما الجادة المحترمة، والبرامج الراقية الواقعية، والثقافة الرفيعة، التي ترقى بالفكر والوجدان،
* في ظل ما تبثه الفضائيات العالمية من مواد وبرامج تتنافى مع التقاليد والتعاليم الإسلامية، ، في رأيكم ماهو البديل، وكيف يمكن تحصين شباب الأمة الإسلامية من سموم هذه الفضائيات؟
- مواجهة البرامج الفضائية الأجنبية التي تتنافى مع التقاليد والتعاليم الإسلامية تتم عن طريقين، أولهما: التربية الإسلامية السليمة في البيت والمدرسة والجامعة، وتحصين الشباب المسلم ضد الخلاعة والاستهتار، وثانيهما: قيام وسائل الإعلام بتقديم برامج جادة ومشوقة، تملأ فراغ الشباب الثقافي والمعرفي والديني، وتوجههم للعمل الجاد، والمنافسة العالمية علميا، واقتصاديا، ورياضيا دون تعصب، أو شعور بالعجز أو التعالي،
* مع التطور الكبير الذي تشهده وسائل الاتصال الحديثة، وتصاعد التحديات التي يواجهها الدعاة عبر وسائل الإعلام للنيل من الإسلام، أصبح من الضروري تأهيل الدعاة لهذه المواجهة، في نظركم ما الصفات اللازمة لدعاة اليوم لمواجهة هذه المتغيرات؟ وكيف يمكننا إعداد الداعية القادر على التعامل مع الوسائل الحديثة بأسلوب مقنع وبعيدا عن التشدد؟
- يعيش العالم الآن مرحلة القرية الإعلامية، فلم تعد هناك حدود فاصلة بين الدول من الناحية الإعلامية، في ظل انتشار الأقمار الصناعية التي تنقل الأحداث بالصوت والصورة إلى أي مكان في العالم، وكذلك انتشار شبكات المعلومات العالمية، وما تقدمه من مواد مفيدة أحيانا، وسامة أحيانا أخرى، ولهذا كله تأثيرات على شرائح المجتمع المختلفة، وأخطرها شريحة الشباب التي يزداد تأثرها بكل غريب وشاذ، وتتهاوى بين الانقياد والمواجهة، والتأثير والتأثر، والتعالي والانبهار، والشعور بالقوة والشعور بالعجز، والتفاؤل والتشاؤم،
ولهذا فإن داعية اليوم لا ينبغي أن يكون هونفسه داعية الأمس، لا بد أن يتسلح بعلوم إضافية، وثقافات متعددة، وإلمام واسع بما يدور حوله، ومتابعة دقيقة لما يصدر من فتاوى علماء المسلمين في المشكلات الجديدة، وبعض الدعاة الذين يعملون في الخارج، أو على قنوات تلفزيونية موجهة بلغات أجنبية، ينبغي ان يتسلحوا بلغة إضافية أو أكثر، وينبغي أن يعرفوا مداخل الإقناع، أو التأثير لنشر الدعوة الإسلامية في المجتمعات غير الإسلامية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسود بين بعض المجمتعات حديثة العهد بالإسلام، كذلك القدرةعلى التبسيط والإيجاز والوصول الى الهدف من أقصر طريق، والتصدي للبدع والخزعبلات، ومحاولات تشويه الإسلام من جانب غير المسلمين،
كما ينبغي على الداعية ان يعرف إمكانات الوسيلة التي يستخدمها، ومزاياها، وعيوبها، فالصحافة غير الإذاعة، وهذه تختلف في بعض التفاصيل الفنية عن التلفزيون والإنترنت داخل حلبة السباق، وسوف يزداد انتشاره في المستقبل القريب، كل هذه الوسائل تحتاج الى تدريب للتعامل معه، والاستفادة من إمكاناتها للوصول الى الجمهور المستهدف المشتت في أكثر من مكان، والمتابع بغير انتظام، والذي تتنازعه اتجاهات شتى، واهتمامات مختلفة، ومصالح متصارعة،
* ترى الى أي مدى تفسرون ضعف بعض البرامج الدينية في القنوات الفضائية، هل للمعدين أو المقدمين أو الضيوف أو التقنية المستخدمة، وما السبل الكفيلة بالنهوض بمستوى تلك البرامج؟
- ترجع هذه الأسباب الى عوامل عدة:
أولها المعد: فوظيفة الإعداد في كثير من قنوات التلفزيون يقوم بها هواة غير مؤهلين علميا لهذا العمل، وبعضهم يعتمد اعتمادا كليا على الضيف، الذي يطلب منه تحديد نقاط حديثه بنفسه، وصياغة الأسئلة التي توجه إليه، والمادة الإعلامية المصاحبة للبرنامج، وغير ذلك من أمور لا تخص الضيف، أو مقدم البرنامج،
ثاني هذه الأسباب يرجع الى الإخراج، فالبعض يتصور خطأ أن البرنامج الديني من أسهل البرامج إخراجا، والواقع يقول غير ذلك، فهو السهل الممتنع الذي يصعب فهم متطلباته لدى المخرجين غير المؤهلين، أو المتراخين في أداء العمل والارتقاء به، والابداع المستمر الذي يضمن للبرنامج الجاذبية والتشويق،
ثالث هذه الأسباب مقدم البرنامج الضعيف، الذي يعتمد اعتمادا شبه كامل على الضيف، دون ان يكون ندا له، يشاركه الحوار، ويمهد له الحديث بشكل انسيابي، تتدفق فيه الأفكار بشكل طبيعي غير مفتعل، ولا يقاطع المتحدث طالما ان الحديث يسير في دائرته الطبيعية، ويقاطعه بأدب وبشكل غير ملحوظ إذا حاد عن الطريق، وربما يصوب له أيضا وبأدب شديد خطأ غير مقصود، وقد يطرح عليه رأيا مخالفا ليرد عليه فتزداد حجته وضوحا وقوة، ولن يحدث ذلك إلا إذا كان مقدم البرنامج على ثقافة دينية عالية، وفهم كبير لواقع المجتمع الذي يتعامل معه،
آخر هذه الأسباب هو الضيف نفسه، إذا لم يكن ذا شخصية مؤثرة بطبيعتها، وإذا لم يفهم طبيعة الوسيلة التي يتحدث من خلالها، والجمهور الذي يتحدث إليه، وكافة العوامل الخارجية المؤثرة على البرنامج وقت إذاعته، كذلك إذا لم يعد نفسه إعدادا جيدا للحديث ذهنيا وعلميا، واختيار الضيف لابد أن يتم بعناية من خلال القائمين على هذه البرامج، فلابد أن يكون متمتعا بدرجة عالية من القبول الاجتماعي، والقدرة على التأثير بغض النظر عن وظيفته أو درجته العلمية، فالعبرة في النهاية بقدرته على الاتصال، والإقناع، وكسب ثقة واحترام المشاهدين والمستمعين،

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved