| مقـالات
إن للنفس البشرية ميلا فطريا لحب الخير والمعروف منذ قديم الزمن وحتى يومنا هذا، لا ينكره أحد، بل إن كافة العلماء والعقلاء يعترفون بذلك ويقرونه.
وقد كان للأديان السماوية والمعتقدات الاجتماعية دور كبير في تنمية هذا الجانب أو إهماله.
ومن ذلك ما ورد من آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد على فرضية الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، وإذا لم تفي الزكاة الواجبة بالاحتياجات القائمة، يجيء دور الصدقات وأعمال البر التطوعية لسد الحاجة، وكفاية المؤونة، وتخفيف الآلام وحفظ الكرامة، وحماية المجتمع من شتى الانحرافات والجرائم والآفات.
ولذا، وردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على أعمال البرالمختلفة، قال تعالى:)ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة» البقرة/177.
وقال صلى الله عليه وسلم:«أطعموا الجائع، وعودوا المريض وفكوا العاني» رواه البخاري.
وقد وّسع رسول الله عليه الصلاة والسلام مفهوم البر والخير المادي الى مفهوم معنوي أشمل لكل ما يملكه الانسان من طاقات وقدرات وامكانات جسمية، أو عقلية أو معنوية، كما في صحيح البخاري رحمه الله أن فقراء الصحابة جاؤوا الى النبي عليه السلام فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور )الأغنياء( بالأجور، يصومون كما نصوم ويصلون كما نصلي ويتصدقون بفضول أموالهم وليس عندنا أموال نتصدق منها. قال رسول الله: أوليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به، انه بكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة».
وقد فتح الله عزوجل أبوابا كثيرة لعمل البر والخير لما لها من أثر ايجابي فعال على الفرد والمجتمع ومن ذلك الصدقة بفوائدها الشاملة للفرد المتصدق وصاحب الحاجة والمجتمع.
فهناك فوائد ايمانية عديدة للصدقة، يعود أثرها على الفرد المتصدق، حيث تعالج الصدقة في نفس المتصدق رذائل الشح والأثرة الانسانية وتعوده على البذل والعطاء. كما أن المتصدق يجد بعد اخراج صدقاته الراحة والطمأنينة والسعادة والمغفرة والسعة في الرزق وطول العمر. ثم ان العمل الخيري دليل على ايمان الفرد وصدق توجهه لله عزوجل.
وهناك فوائد أخرى تعود على صاحب الحاجة كاحساسه بمشاركة اخوانه له في الضراء، والحفاظ على كرامة صاحب الحاجة وصيانة ماء وجهه من المذلة والمسألة.
كما أن المجتمع يستفيد خيرا كثيرا نتيجة اعطاء الصدقات للمحتاجين والفقراء والمساكين ومن في حالهم، فمن خلال الصدقات والزكوات يمكن معالجة مشكلات الفقر والبطالة في المجتمعات الاسلامية. واضافة الى ذلك يمكن ومن خلال الصدقات انشاء المشروعات الخيرية التي ترفع من مستوى الفقراء والمحتاجين كما أن تأمين حاجات الفقير والمحروم وصاحب الحاجة يجنِّب المجتمع الجرائم والفساد.
يقول سليمان العلي في كتابه «تنمية الموارد البشرية والمالية في المنظمات الخيرية» مؤكدا على ما سبق ان العمل الخيري يحمي الفرد والمجتمع من الآفات والجرائم والانحرافات ويؤمن كذلك للمجتمع الضروريات التي تحفظ كرامته وتعينه على نوائب الدهر.
ومن هنا، ندرك أهمية العمل الخيري في حماية المجتمع من انتقام المحرومين، والمحتاجين وتربية الأفراد على البذل والعطاء ومشاركة الآخرين وتنمية العلاقات الأخوية التي تقوي دعائم المجتمع الاسلامي.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|