| العالم اليوم
* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
شن عدد من قيادات النقابات المهنية في مصر هجوما حادا على تجربة التيار الإسلامي في العمل النقابي متهمين إياه بتسييس العمل النقابي وإتاحة الفرصة للحكومة للانقضاض عليه.
جاء ذلك ردا على تقديم المهندس محمد السمان أحد قيادات جماعة الاخوان البارزة بنقابة المهندسين لتجربة التيار الإسلامي في العمل النقابي في ندوة بنفس العنوان نظمها المركز الدولي للدراسات الذي يترأسه المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسس حزب الوسط.
واتهم الدكتور نبيل العطار أمين صندوق نقابة أطباء الأسنان وأمين مساعد صندوق اتحاد الأطباء العرب التيار الاسلامي بأنه قتل العمل النقابي في مصر مؤكدا ان اكبر اخطاء تجربة التيار الاسلامي بالنقابات المهنية هو العمل على تسييس النقابات وقال انه كان ممكنا الاكتفاء بالدور الاجتماعي والخدمي للنقابات.
أضاف العطار انه رغم ما اتسم به عمل قيادات التيار بالنقابات من نزاهة إلا ان ذلك لم يمنع وجود شبهة فساد وعدم شفافية وأخطاء ممن أحاطوا بهؤلاء القيادات.
أشار العطار إلى إن التيار الإسلامي هو التنظيم الوحيد الموجود في النقابات المهنية في ظل الأحزاب جميعها بما فيها الحزب الحاكم.
ورغم ما ذكره العطار عن ايجابيات لتجربة التيار الاسلامي في النقابات المهنية مثل زيادة نشاط النقابات الفرعية إلا انه طالب التيار الإسلامي برفع يده عن النقابات المهنية وتركها لدورها الخدمي والاجتماعي.
ودعا الدكتور شهاب عبدالحميد أمين صندوق نقابة الأطباء البيطريين الى التقاء جميع التيارات على ارضية واحدة مشتركة مشيراً إلى ان التيار الإسلامي استأثر بالنقابات المهنية ومنع الأفكار الأخرى من التواجد.
وأضاف عبدالحميد أن أعضاء التيار الإسلامي جاءوا للنقابات المهنية بفكر وصفه اناس آخرون من تنظيم جماعة الأخوان وليس من مجموعات نقابية مشيراً الى ان تجربة الإسلاميين لم تدم طويلاً في نقابة البيطريين وفشلت فشلا ذريعا بسبب المركزية في الأداءوالفكر المفروض من خارج النقابة مثلما حدث في بقية النقابات.
واشار صابر عمار عضو مجلس نقابة المحامين السابق الى ان نقابة المحامين كانت تشهد نشاطا نقابيا متميزا قبل دخول الاسلاميين اليها وان الاسلاميين اتخذوا منها حقل تجارب للدخول في النقابات الأخرى.
واضاف عمار ان النقابات تحولت إلى بديل للحزب الذي تبحث عنه جماعة الأخوان المسلمين ولا تسمح لها الحكومة به وأن شعار الاسلام هو الحل عندما تم رفعه سياسيا لم يكن يحمل أي مضمون أورؤية لحل المشاكل الخاصة بالنقابات المهنية مثل مشكلة البطالة.
وقال عمار انه كان ممكنا تحقيق كل ما يحلم به المحامون في ظل وجود الأخوان إلا أنهم الأخوان فوتوا الفرصة وانشغلوا بالخلافات الشخصية وبعض التصرفات التي كان تنقصها الشفافية المطلوبة.
اشار عمار الى ان الأخوان يجب ان يبحثوا عن الالتقاء مع بقية القوى والتيارات على أرضية مشتركة بين الجميع وليس على الأرضية الخاصة بالأخوان مؤكداً ان رفع الأخوان شعار. تعالوا الى كلمة سواء في انتخابات المحامين الأخيرة كان يهدف لاختيار تابعين وليس اختيار أنداد في نقابة واحدة.
وتوقع محمد علوان المحامي الوفدي وعضو مجلس نقابة المحامين سابقا ان لا يدوم بقاء مجلس نقابة المحامين الحالي طويلا وقال ان الحكومة لن تترك هذا المجلس طويلاً وان اعضاء المجلس غالبيته من قائمة جماعة الأخوان سوف يعطون الحكومة السلاح الذي تحارب به المجلس.
أشار علوان الى نقابة المحامين قبل دخول الأخوان اليها كانت تقوم بنشاطات نقابية بارزة وتقدم الإعانات للمعتقلين من الإسلاميين موضحا أن لجنة الشريعة الإسلامية ثم انشاؤها قبل دخول الأخوان للنقابة بسنوات وان عددا من ممثلي الاسلاميين دخلوا مجالس نقابة المحامين في السبعينات مثل عادل عيد.
أما الدكتور عبدالفتاح شوقي أمين عام نقابة الأطباء السابق فقد أشار الى ان تجربة الأخوان نقابة الأطباء ساهمت في انتشار التيار الاسلامي في بقية النقابات المهنية.
واكد ان نقابة الأطباء تحرص باستمرار على ان تكون متوازنة وانه لم يسبق لأحد أن طعن بالتزوير في أي انتخابات فيها.
واشار الى ان تردد الحكومة في اجراء الانتخابات ببقية النقابات المهنية بعد اجرائها بنقابة المحامين يرجع لخوفها من نجاح الأخوان في هذه النقابات.
واشار الدكتور صلاح عبدالكريم وكيل نقابة المهندسين الى ان العمل النقابي في الثمانينات والتسعينات كان تطوراً طبيعياً للصحوة الإسلاميية في المجتمع بشكل عام وفي الجامعات بشكل خاص.
وقال ان تحقيق ازدهار العمل النقابي لن يتم إلا في جو من السماحة السياسية مؤكدا ان هذا الأمر تحقق في فترة الأربعينات وأوائل الثمانينات من القرن المنصرم.
وانتقد الدكتور عبدالستار المليجي أمين عام نقابة العلميين الهجوم على عمل جماعة الأخوان بالنقابات المهنية مذكرا بأن الأخوان حصلوا على الأغلبية في النقابات المهنية عن طريق الصناديق الانتخابية.
اشار المليجي الى انه لايمكن تجاهل التأثير الديني في الشخصية المصرية وقال انه حتى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي كان بينه وبين الأخوان خلاف كبير، كان أي عبدالناصر منطلقه إسلامي لأن الاسلام هو مفتاح شخصية المواطن المصري بشكل عام.
وقال المليجي ان التيار الإسلامي بفوزه في النقابات المهنية يعبرعن اتجاهات الشارع المصري، معترفا بأن أكبر أخطاء عمل التيار الإسلامي في النقابات المهنية أن التيار أهمل التاريخ النقابي وعملوا كأنهم يبدأون من الصفر رغم وجود قيادات وطنية لها تاريخ نقابي بارز كان يمكن الاستعانة بها في تقوية التجربة.
وأرجع المليجي ما وصفه بسقطة التيار هذه الى حداثة عهد اعضاء التيار الإسلامي بالنقابات المهنية.
من جانبه اعترف المهندس محمد السمان أمين عام نقابة المهندسين بالقاهرة بأن التيار الإسلامي وجد نفسه بشكل مفاجىء يقود عجلة النقابات المهنية وان هذا التيار استدعى خبراته السابقة من التجربة الطلابية ولم يكن امامه سوى الأولويات التي وضعها التنظيم للتحرك في الشارع والتي تعتمد على القيم الإسلامية مثل التكافل الاجتماعي وحسن التعامل.
وقال السمان ان هذا الأمر كان يبدو من حسن حظ اعضاء التيار النقابيين لأنهم باعتمادهم هذه القيم في عملهم وضعوا نموذجاً جديدا للخدمات النقابية لم يكن معهودا من قبل.وأوضح السمان ان العمل الإسلامي في النقابات المهنية مر بعدة مراحل أولها كانت منذ عام 1984 حتى 1990 وهذه المرحلة اتسمت بمحاولة اثبات الذات بعد جانب التيار الإسلامي مما جعل أهم ملامحها تتمثل في إقصاء الآخر وتقييم الآخرين حسب ما يسمى بالوزن الانتخابي.
وقال السمان لقد كنا كتيار اسلامي ننظر للنقابات على انها جزر تفتح احداها وتنطلق للأخرى دون النظر لوجود كوادر حقيقية أو قدرة على تحمل كل هذه الأعباء أو رسالة يتم تقديمها للنقابيين الى جانب المركزية الشديدة في الاجراء في النقابات العامة حتى اصبحت النقابات الفرعية كأنها مجرد منافذ بيع للسلع الاستهلاكية.
وأضاف السمان ان المرحلة التالية والتي بدأت منذ عام 1991م يمكن وصفها بمرحلة الانتقائية وأن هذه المرحلة شهدت معارضة من التيار داخل النقابات للحكومة حيث خصصت أجندة النقابيين الإسلاميين لأولويات تنظيم الجماعة أكثر من الأولويات المهنية مما أدى لتجاهل القضايا النقابية المهنية، الى جانب الاهتمام بتمثيل الأخوان في كل مؤتمر سياسي والحرص على حضور أكبر عدد من جمهور الأخوان حيث كانت هذه المؤتمرات والكلام للسمان بديلا عن مؤتمرات يعجز التنظيم عن عقدها لعدم وجود شرعية له.
وقال السمان ان هذا الأمر أدى للانفصال بيننا وبين جمهور المهنة وأدى الاستغراق في المعارضة الزاعقة إلى نسيان الشق التفاوضي في السياسة والاكتفاء بشق المعارضة والنضال.
وأشار الى ان نقابة المهندسين بعد عام 91 بدأت تغير في أدائها النقابي بإعطاء فرصة كبيرة للنقابات الفرعية وعمل لجان خاصة بسياسات المهنة.
اعترف السمان بأن تجربة الأخوان في نقابة المحامين في الفترة السابقة للمجلس الحالي غلبت عليها النزاعات الشخصية بين قيادات اخوانية مثل مختار فرح وسيف الإسلام البنا، وقال السمان أنا لا استطيع ان ادافع عن تجربة الأخوان الأولى في نقابة المحامين وان هذه التجربة لا تحسب على التيار الإسلامي مطالبا المجلس الحالي لنقابة المحامين باستيعاب التجربة والاستفادة منها في عمله.كما اعترف السمان بأن الأخوان استغلوا النقابات كمنبر سياسي معارض للحكومة في بعض الموضوعات التي لا يستطيع تنظيم الجماعة التعبير عنها مشيرا الى ان العمل السياسي ليس جديدا على النقابات وان الحكومة كانت تفعل نفس الشيء قبل دخول الأخوان للنقابات.
وأرجع استغلال الأخوان للنقابات كمنابر سياسية الى رفض الحكومة اعطاءهم حزبا سياسيا وضعف الاحزاب السياسية القائمة مشيرا الى ان الميزانيات المالية الخاصة بنقابة المهندسين تم اعتمادها من الجهاز المركزي للمحاسبات ولم يتم تقديم اي نقابي فيها لنيابة الاموال العامة.
وخلص السمان الى ان التيار الإسلامي اتعب من بعده في النقابات المهنية لأنه أضاف ابعادا جديدة للعمل النقابي وقدم نقلات نوعية فيه.
|
|
|
|
|