| العالم اليوم
* دمشق عبدالكريم العفنان :
ترى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ان «السلام الاسرائيلي» يريد تحويل الشعب الفلسطيني إلي مجرد عبيد، ويقول الأمين العام للحركة رمضان عبدالله في مقابلة أجرتها معه «الجزيرة» إن اسرائيل التي قامت بالسيف لا سبيل إلى زوالها إلا بالسيف وهو يسقط بذلك كل احتمالات التسوية التي يعتبرها عبثاً، مثمناً في ذات الوقت دور الانتفاضة باعتبارها الوسيلة الأمثل، إلى جانب الكفاح المسلح، لبلوغ الأهداف الفلسطينية.
فإلى الحوار:
* يعتقد الإسرائيليون ان فلسطين أرض إسرائيلية، وبسبب اعتقادهم هذا يلجؤون إلى كل أشكال التهجير والتدمير وقتل الأطفال، وقد صعد الإسرائيليون من عنصريتهم وقصفوا قبل أيام خانيونس ورفح وبيت حانون ودمروا عشرات المنازل. ووصف القصف والتدمير لمخيم خانيونس بأنه ثأر قديم من المخيم الذي صمد، وكان آخر المناطق التي سقطت عام 1967م، في ظل هذه القضية ماهي إمكانية الوصول إلى سلام مع الإسرائيليين؟
ليس هناك أي إمكانية لتحقيق أي نوع من السلام مع إسرائيل سوى «السلام الإسرائيلي» الذي يريد تحويل الشعب الفلسطيني إلى عبيد مهمتهم حفظ الأمن الإسرائيلي. وإذا كانوا يعتقدون أن فلسطين أرضهم، فهذا الاعتقاد ليس له سند في التاريخ إلا الخرافات والأساطير، واليهودي الذي عاش مضطهداً ومنبوذاً ومعزولاً في «غيتو» لمدة آلاف السنين في أنحاء العالم يعاني من عقدة نفسية ويشعر بعدم الأمان تجاه كل البشر. وهذا الشعور جعله يتوحد مع آلة القتل والحرب والدمار، ولا يستطيع ان يعيش بغيرها. السيف هو الذي أقام إسرائيل وبدونه لايمكن أن تزول. والانتفاضة اليوم اسقطت كل الأوهام التي أطلقها البعض طيلة عقد مضى حول السلام وإمكانية التعايش مع اليهود. اللغة الوحيدة للتخاطب بيننا وبينهم اليوم هي لغة القوة.
* التطور الخطير الذي حدث مؤخراً هو احتلال الإسرائيليين لأجزاء من مناطق السلطة في بيت حانون بقطاع غزة، ولم ينسحبوا إلا بعد الاحتجاج الأمريكي على ذلك، هل يمكن أن يعيد شارون احتلال مناطق السلطة؟
ماحدث يعبر عن سياسة شارون بالضبط، وهي اجتياح بعض المناطق في الضفة وغزة للتدمير والقتل ثم الانسحاب. ومعروف ان قطاع غزة مثلا كان كابوساً بالنسبة للإسرائيليين لدرجة ان رابين كان يقول «أتمنى ان أصبح وأرى أن قطاع غزة قد غرق في البحر» لذلك لا أعتقد ان الإسرائيليين يريدون العودة إلى المناطق التي خرجوا منها ولاسيما المناطق ذات الكثافة السكانية. ثم إنهم لم ينفضوا أيديهم من التسوية حتى هذه اللحظة برغم كل مايحدث.
* لكن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني يقولان إن اتفاق أوسلو قد مات؟
نعم اتفاق أوسلو قد مات أو أصبح في حكم الميت، لكن التسوية بالنسبة للطرفين لم تمت ومازال لديهما رهان على تحسن أوضاعهما رغم كل مايحدث.
* هل هذا هو مصدر تردد السلطة برأيكم، التي تقف في موقف من يتلقى الضربات حتى هذه اللحظة، وإلى أين سيفضي هذا التردد في النهاية، للعودة إلى طاولة المفاوضات والتنسيق الأمني الذي تجري محاولات لإعادته، أم إلى الانخراط مع الشعب المقاوم الصامد؟
السلطة منذ بداية الانتفاضة مشروعها واضح، وهو تحسين شروط التسوية، وليس الانقلاب عليها أو إسقاطها. والسلطة تدرك أن الإسرائيليين لم يأخذوا قراراً نهائياً بالتخلي عن مشروع التسوية وإسقاط السلطة، لأن الإسرائيليين ليس لديهم أي تصور ماذا يكون البديل؟ وهم يخشون البديل مهما كان. عندما يفكرون فيما بعد السلطة مثلا يصابون بذعر وخوف من المجهول. وبرغم ذلك، فإن تردد السلطة ليس له أي مبرر، خاصة أن سقف شارون أصبح معروفا وكشف كل أوراقه، فلماذا يعودون لطاولة المفاوضات؟ من أجل دولة (مسخوطة) على 42% من مساحة الضفة، وتكون في حماية اسرائيل ووظيفتها حفظ الأمن الإسرائيلي؟ أي رهان على المفاوضات هو عبث ومضيعة للوقت، والحل الوحيد هو الانتفاضة والمقاومة وبغير ذلك لن ننال شيئاً من حقوقنا.
* تحدثتم عن بديل السلطة، هل يمكن ان تكون حماس والجهاد الإسلامي هي البديل الذي تخشاه اسرائيل؟
نحن نتكلم عن البدائل في الخيارات. هناك خيار التسوية الذي أفرز السلطة، ومازالت السلطة تتمسك به كخيار استراتيجي، وهناك خيار المقاومة والجهاد الذي تمارسه حركة الجهاد وحركة حماس وانخرطت فيه مجدداً حركة فتح وبقية القوى. وهذا يؤكد ان سقوط التسوية يمكن ان يعطي الفرصة للجهاد والمقاومة كخيار يتمسك به كل الشعب بما في ذلك السلطة.
* هل أنتم مع تغليب الطابع الشعبي للانتفاضة أم تغليب الطابع المسلح؟ وهل قوة الانتفاضة في حقها أم في المقاومة العسكرية، في إنسانيتها أم في شدتها، في انتفاضتها العادلة أم في انتقامها؟
أولاً جهادنا كله عادل مهما كانت وسائله وأدواته. ونحن نرى ان الانتفاضة يجب ان تسير جنباً إلى جنب مع المقاومة المسلحة وليس هناك أي تعارض أو تناقض بينهما. نحن نواجه عدواً شرساً ومسلحاً بكل أنواع أسلحة الدمار، فلا يعقل أن نقف مكتوفي الأيدي أمام جرائم العدو ضد شعبنا. لابد من الرد على النار بالنار والدم بالدم، هذا قانون في حياة الأمم التي تتعرض لغزو أو عدوان أجنبي كالعدوان الصهيوني.
* العدو يتهم السلطة الفلسطينية بالمسؤولية عن أي عمل عسكري ضد الإسرائيليين فهل هناك تنسيق بينكم وبين السلطة الفلسطينية في المجال العسكري؟
العدو يكذب، ويحاول تخويف السلطة، ويحرض عليها لدى الأمريكيين والأوروبيين، لكن الحقيقة ان موقف السلطة كما أشرتم سابقا انها مازالت في موقف الدفاع تتلقى الضربات إلى جنب شعبنا دون أي رد مؤلم للاسرائيليين. وليس بيننا وبين السلطة أي تنسيق، بل للأسف فإن السلطة مازالت تصادر أسلحة مجاهدينا... وحدث هذا بعد اغتيال الأخ الشهيد إياد حردان القائد العسكري في «سرايا القدس» الجناح العسكري للحركة، على يد اسرائيليين في جنين... السلطة اعتقلت ثلاثة من المجاهدين تزعم أنهم كانوا في طريقهم لتنفيذ عملية للانتقام للشهيد إياد حردان فصادرت سلاحهم ثم أفرجت عنهم بعد أيام، لكن بقي السلاح مصادراً.
وهناك قصص كثيرة لدينا توحي بعودة التنسيق الأمني على الأقل بين بعض أجهزة السلطة والعدو الصهيوني، وهذا ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني، ولايخدم جهاده وانتفاضته.
* تقولون إن هناك تنسيقاً أمنياً بين إسرائيل وبعض الجهات في السلطة من هي؟
نحن نقصد بالتحديد جهاز المخابرات العامة الذي يتزعمه أمين الهندي.
* لكن الهندي له تصريحات إيجابية مؤخراً حول حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والرد على الجرائم الإسرائيلية؟
ليته كان صادقاً ونحن لنا الأفعال وليس الكلام. أفعاله غير ذلك.
* ماهو التوجه الذي تفهمونه في حركة الجهاد الإسلامي في لم شمل الأطراف الفلسطينية؟ وهل سيبقى لم الشمل هذا رهين ردة الفعل على التشدد الإسرائيلي؟ وهل من اتصال بينكم وبين أبوعمار في إطار المصالحة مع سوريا؟
جمع الشمل بالنسبة لنا له طريق واحد هو طريق المقاومة للعدوان الإسرائيلي الذي يتعرض له شعبنا ووطننا. التسوية والمفاوضات وأوسلو هي التي شتتت شمل الشعب الفلسطيني وقواه. وعلاقتنا بالسلطة لاتحددها المصالحة بينها وبين سوريا. سوريا لها علاقاتها الخاصة، ونحن لنا قرارنا المستقل، لكننا نرحب بأي تقارب بين أية أطراف عربية يتم على قاعدة التزام ثوابت القضية الفلسطينية ويخدم جهاد شعبنا وانتفاضة شعبنا الباسلة.
* في النكبة 1948 بقي الفلسطينيون ينتظرون العرب لمساندتهم في حرب المذابح دون جدوى، واليوم هل تعتقد أنكم ستنتظرون الدول العربية دون جدوى؟
لا أحد ينتظر أحداً اليوم، هناك عدوان واقع على الأمة كلها. وفلسطين هي نقطة المركز لهذا العدوان الصهيوني الغربي. والشعب الفلسطيني بإمكاناته المتواضعة يدافع عن نفسه وعن قضيته، وهو في الحقيقة رأس حربة للدفاع عن الأمة كلها. فالقدس على الأقل هي رمز العرب والمسلمين فهل سيتركها العرب فريسة للتهويد هي وبقية أرض فلسطين؟
* ماذا عن دور الدول الإسلامية؟
كما قلت نحن نفهم أن هناك عدواناً تتعرض له الأمة كلها. ونحن كمسلمين يجب أن تحكمنا الشريعة الإسلامية في تحديد مواقفنا وواجباتنا في الحياة. الموقف الإسلامي من احتلال عدو أجنبي لأي بقعة من أرض الإسلام والمسلمين، إن الجهاد يكون فرض عين على أهل البلد المحتل، فإذا لم تتحقق الكفاية لدحر العدوان وتحرير الأرض بجهاد وإمكانات أهل البلد، ينسحب الحكم على من يلونهم من ديار الإسلام، وإذا لم تتحقق الكفاية أيضاً يمتد الحكم ليشمل من يلونهم، وهكذا بالتتابع حتى تتحقق الكفاية لدفع العدوان ولو اقتضى الأمر حشد كل المسلمين في العالم. للأسف لا شيء من هذا يحدث اليوم.
* هناك انطباع ان حركة الجهاد موالية لإيران وتتلقى دعما من إيران ماقولك؟
مامعنى ان تكون حركة الجهاد موالية لإيران، وفي أي شيء؟ للأسف نحن ضحية حملة تشويه مغرضة من جهات لاتتقي الله في شعبنا ومجاهدينا. قصة إيران أصبحت مكشوفة اليوم. نحن مجاهدون في فلسطين. وعندما تعلن إيران دعمها وتأييدها لنا ولجهادنا ففي الحقيقة إيران هي الموالية لنا والموالية لقضية فلسطين فلماذا يتخلى العرب عن قضيتهم المركزية ويعتبون على المجاهدين المحتاجين لدعم الجميع؟ والدعم الإيراني لنا دعم محدود جداً لا يساوي شيئاً أمام أعباء الجهاد والانتفاضة. ثم إننا لسنا وحدنا الذين نحصل على دعم من إيران، هناك حركات فلسطينية وإسلامية أخرى تحصل على دعم من إيران، ولها مكاتب في طهران فلماذا لا تثار ضدها الشبهات؟ نتمنى على شعبنا وإخواننا في كل مكان أن يستشعروا واجبهم الديني والقومي تجاه إخوانهم وشعبهم في فلسطين وان يمدوا يد العون للمجاهدين ويعززوا صمود شعبنا في وطنه.
|
|
|
|
|