| مقـالات
* قلب المدينة يظل دائماً موقع الحياة والنبض والوجدان! مهما اتسعت المدينة وانتشرت وابتعدت كثيراً من جهاتها الأربع عن مساحتها القديمة التي تأسست بها!
قلب المدينة هو أصلها الجغرافي والتاريخي، وهو منبع ثراها، وكنز غناها، ودار آثارها!
أمانات البلديات في مدننا مهتمة بأمانة القلوب، وهي مدركة لأهميتها وقيمتها، وتعمل قدر وسعها للحفاظ على القيمة التاريخية لوسط المدينة مع تطويرها عمرانيا على نسق يحفظ للماضي شكله وللحديث بهجته!
بلدية مدينة بريدة ، واحدة من هذه المدن التي أولت قلب بريدة اهتمامها فتدخلت مساطر المهندسين الوطنيين لترميمه وإصلاح عطبه وزرع شرايين جديدة فيه لتضخ به دماء الحياة النقية!
مشروع الأسواق غرب (الجردة) والأسواق الحديثة التي أقيمت غرب جامع خادم الحرمين الشريفين، ومثلها الأسواق شمال سوق الخضار المركزي كلها مشاريع استثمارية ناجحة لبست المستقبل بثوب الماضي الجميل!
قلب (بريدة) بحاجة إلى تحديث لا يطمس الماضي بل يبعثه حيا ويبقيه في واقع المكان وذاكرة الأجيال ورؤى المستقبل!
(المجلس) وهو معبر شعبي قديم يصل ما بين (الجردة) شرقا و(قبة رشيد) غربا، والأحياء القديمة المجاورة له من جانبيه، هو من أقدم أسواق (بريدة) حبذا لو تم عمران هذه المنطقة بأسلوب حديث معجون بفكر تراثي يحفظ الماضي ويكسب الحاضر، ويعبر إلى المستقبل، الأحياء الخربة والمتهدمة حول هذه المنطقة حبذا لو تم تطبيقها مساحيا على مخطط هندسي يحفظ صورة حيازاتها ومُلاكها وأسواقها، ثم يتم هدمها وتحويلها إلى ساحات لوقوف السيارات، ريثما يتم اتخاذ قرارات بشأنها من جهة أصحابها، فإما أن يدخلوا بحيازاتهم في شركة استثمارية تنفذ مشاريع عمرانية حديثة أو قد تنزع ملكيتها لمصالح عامة، وحتى يتم ذلك فإن إزالة أنقاضها الخربة فرصة للاستفادة العامة من موقعها المجاور للأسواق الحديثة التي يزدحم فيها الناس!
وليتنا نفكر أن نُحول منطقة الأسواق الواقعة مابين (الجردة) شرق، والشارع الواقع عن (قبة رشيد) غربا وشمالاً (جامع خادم الحرمين) وجنوبا سوق الخضار المركزي، لنجعل هذه المنطقة مُقفلة لا تدخلها السيارات وخاصة بالمشاة المتسوقين، ثم يمكن أن نتوسع بها فيما بعد لنضم المنطقة الواقعة شمال الجامع، وفي منع دخول السيارات لهذه المنطقة فوائد كثيرة، خصوصا إذا تم تنفيذ مواقف مناسبة مجاورة لها من عدة جهات، من هذه الفوائد:
إراحة المتسوقين الذين تزعجهم السيارات،
توفير السلامة للأطفال وكبار السن من مخاطر السيارات،
بعث الشكل التراثي لهذه المنطقة قبل معرفتها بالسيارات،
توفير مساحات ومواقع للاستراحة داخل هذه المنطقة، تخدم التسوق وتبعث الراحة والجمال مع إتاحة الفرصة لخدمة التوصيل للمتسوقين ببدائل يستغنى فيها عن السيارة التي لا يسمح بدخولها إلا في ساعات محددة لخدمات أصحاب المحلات!
هذه أفكار عامة صالحة للتطبيق في كل مدينة من مدننا الكبيرة التي تجاوز عمرانها الواسع قلبها القديم، وتعيّن العودة إلى هذا القلب لإصلاح عطبه، وتسليك شرايينه، والدخول إلى حجراته لضبط عضلاته، ووزن دقاته! وأطباؤه الجراحون هم أولئك المهندسون الوطنيون المؤهلون المخلصون والمتحمسون الذين يتوفرون اليوم بكثرة في كل دوائر بلديات مدننا، يؤدون دوراً مهماً لنهضة وتحديث مدنهم التي تتطلع إلى أدوارهم بأمل ورجاء!
أهمية البحوث الاجتماعية للتنمية
* كل منطقة من مناطق بلادنا لها شيء من التميز في مشاكلها الاجتماعية والصحية، ونحن اليوم نعيش عصر الاحصاء وتحليل المعلومات وقراءتها لخير المجتمع وتقدمه! ولابد أن تنهض مهمات الاحصاء والتحليل والتفسير لكثير من مشاكل المجتمع من واقع الاحصاء للحالات التي تُسجلها سجلات المحاكم والشرطة والمستشفيات وهيئات الأمر بالمعروف وسواها من الدور الصحية والاجتماعية الأخرى ذات العلاقة بأحوال الناس الاجتماعية والصحية والنفسية! مازلنا نفتقد وجود وحدة بحوث اجتماعية داخل هذه الدوائر يتولى قيادها أستاذ متخصص في علم الاجتماع تنهض وحدته بقراءة مجتمع المنطقة على ضوء إحصاء وتحليل الحالات الاجتماعية المسجلة بدائرته، وعلى ضوء ملابساتها ونتائجها وظروف زيادتها ونقصها وتماثلها وتشابهها نخرج بفهم عميق للمجتمع الذي يتغير ويتأثر ويصح ويمرض ويسعد ويشقى، ولا سبيل إلى فهمه ووضع الأدوية لعلاجه إلا بعد تشخيصه تشخيصاً علميا لا يقوم على التخمين والحدس وإنما يقوم على الاحصاء والتحليل والاستنباط وقراءة الظواهر عن طريق مجهر يُحدد الصحة والمرض!
تسمع كثيراً عن ظاهرة الإعسار، والطلاق والإجهاض، والأمراض المستعصية، والمعدية، والوافدة، وأمراض الفصام والاكتئاب والمخدرات والمعاكسات، والملوثات والسميات! ولكنك لا تجد قراءة علمية دقيقة صادرة من وحدة بحث اجتماعي متخصصة قائمة في الدائرة المعنية ذات العلاقة، تشرح لك هذه الظواهر متعرضة لزيادتها ونقصها وأسباب ذلك، وتوعية المجتمع وتحذيره، ووضع الحلول النافعة لمحاصرتها والحد منها، أو لتنميتها إن كانت ظاهرة إيجابية!
النمو الكثيف للسكان وللمعلومات والتواصل المتصاعد مع العالم، وتعدد احتياجات المجتمع المعاصر، وتداخل وشائجه وعلاقاته وظروف احتياجاته، كلها مبررات قوية لتأسيس وحدات للبحوث الاجتماعية داخل دوائر الأجهزة ذات العلاقة بأحوال الناس الاجتماعية والصحية، فهذه البحوث وسيلة مهمة لفهم المجتمع ودراسته، وهي عون للجهات المسؤولة عن التخطيط، وعون للباحثين الاجتماعيين داخل الجامعة وخارجها، وعون لوسائل الإعلام في مسعاها لوضع الحلول لمشاكل المجتمع، وعون لأفراد المجتمع لتتبع ظواهر الحياة والسلوك داخل مجتمعهم لدعم الإيجابي منها ومحاصرة السلبي للقضاء عليه!
بريدة ص، ب 10278
ASBT2 HOTmil، Com
|
|
|
|
|