| الاخيــرة
في شهر صفر هذا العام تدخل النوادي الأدبية )الستة الأولى( عامها السابع والعشرين من بداية تأسيسها عام 1395ه وهي نوادي كل من )مكة المكرمة، المدينة المنورة، الرياض، جدة، الطائف، جازان(. لم يكن ميلاد هذه الاندية إيذاناً بولادة الأدب في هذه المدن الرئيسة أو غيرها.. فالأدب لا تعرف له بداية في قديم الزمان أو حديثه. فهو يولد مع الانسان كفطرة أو كموهبة وملكة شعرية أو قدرة كتابية تغذيها المعرفة وتصقلها القراءة، والاطلاع الواسع، والحس المرهف.
إذن هذه الاندية لم تولد لتلد الأدب.. وإنما ولدت لتسقيه رحيق الحياة، ولتزيد في تمدد أغصانه، وتفتح أزهاره وتكاثر جني أثماره..
هذه النوادي الرائدة التي قد تجاوز عمرها )26 عاماً( فإنها - بانضمام أشقائها اللاحقة بها - قد فرضت وجودها الايجابي على الساحة الأدبية الثقافية، ليس في المدن التي تقوم فيها فحسب ولكن بشمولية تأثيرها في جميع مناطق المملكة وأقاليمها.
واذا كان الناديان الشقيقان في كل من )المدينة وجدة( قد احتفل الأول منهما في العام الماضي، واحتفل الثاني في الاسبوع الماضي )1( فلهما من زملائهما أصدق مشاعر الود وأجمل التهاني القلبية.. ولاشك أن الاندية الأربعة الأخرى سوف تعمل الشيء نفسه في الأيام القادمة - بإذن الله-.
واذا كنت قد حظيت بحضور احتفال نادي المدينة الادبي منذ شهور، فإنه قد آسفني كثيراً عدم تمكني من حضور حفل نادي جدة الأدبي لظرف صحي مفاجىء مما منعني من قدرة الوقوف أو المشي إلا بمساعدة - والحمد لله على كل حال -.
كان حلمي أن أشارك الزملاء الأعزاء في نادي جدة الأدبي الثقافي في أفراحهم وبهجتهم بهذه المناسبة، وأن ألبي - شاكراً - دعوة أخي وزميلي الاستاذ عبد الفتاح أبو مدين الذي أكن له من المحبة والتقدير ما هو أهل له وقمين به، وقد اتصل بي الأستاذ أبو مدين - هاتفيا - حين علم بتوعكي، وأسبغ علي من كريم أخلاقه ما أخجل تواضعي - جزاه الله خيراً -.
*******
لقد كان الفضل في تأسيس هذه الأندية الأدبية السابقة منها واللاحقة - لله جل وعلا - ثم لرجل الثقافة والحصافة والفكر - سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - وذلك حين جمع )40( أديبا من جميع انحاء المملكة وعقد اجتماعا معهم في قاعة وزارة البترول بشهر صفر 1395ه. وكان الاجتماع اصلا ، لمناقشة )إحياء سوق عكاظ(. ولم يكن أكثرنا موافقا على هذه الفكرة حيث أبدينا بعض الملاحظات والمآخذ الكفيلة بإماتة هذا المشروع قبل ولادته.. وكلها ملاحظات ومآخذ هامة.
وألقى الاستاذ عزيز ضياء - رحمه الله - حجراً في اليم انداحت دوائره بما تحقق من بديل للفكرة العكاظية.. حيث اقترح انشاء مجموعة اندية في امهات المدن الرئيسة تكون ملتقى ومكاناً للأدباء والمثقفين.
فما كان من الامير فيصل بن فهد - يرحمه الله - الا أن أعلن موافقته على الفور .. وتم قيام الستة الأندية الأولى خلال )دقيقتين(..! في تلك الجلسة المباركة.
ورعى الأمير فيصل هذه النوادي رعاية كريمة حتى وافاه أجله المحتوم فخلفه على رعايتها شقيقه وعضده الأشد سمو الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب، ونائبه سمو الأمير نواف بن فيصل بن فهد - بارك الله فيهما -.
* * *
قلت في أول هذا المقال ان الاندية الأدبية لم تَلِد الأدبَ .. وانما وُلِدَتْ هي لتسقيه رحيق الحياة.. وهكذا كان.
فقبل وجود هذه النوادي لم تكن هناك لقاءات تذكر ولا اجتماعات بين الأدباء والمثقفين وكانت المطبوعات قلة قليلة مقارنة بما اصبحت عليه بعد وجود النوادي، وبخاصة نتاج الشباب الذي احتضنته الأندية وشجعت على نشره شعراً ونثراً وعلى توزيعه وايصاله الى القراء.
واصبحت النشاطات المنبرية و)الورش الأسبوعية( والاعمال الثقافية المختلفة تملأ جوانح الحركة الأدبية بما يغني ويُقْني. ولو أن النظرة الضيقة من بعض الادباء نحو الاندية والقائمين عليها كانت أوسع أفقا لكانت النتائج أكثر وأوفر.
لاشك ان الاندية الأدبية كان لها دور كبير في خدمة الحركة الادبية الثقافية في البلاد.. وقد خدمت هذا المجال اكثر مما خدمته الجامعات، وبعض الوزارات، والمؤسسات العلمية والثقافية ذات الامكانات المادية والبشرية الهائلة. وهذا لا يعني انها أدت رسالتها التي تطمح اليها تأدية كاملة.. ولكنها حاولت ونجحت في الكثير مما قامت به.
وبعد:
فبارك الله لزميلنا نادي جدة الادبي في احتفاله البسيط البهيج.. ودامت له ولجميع أنديتنا عوامل التوفيق والسداد والنجاح.
)1( أرسلت هذا المقال الى )الجزيرة( يوم 21 محرم. ويوم )الثلاثاء( موعد نشره، لم اجده منشوراً فاتصلت برئاسة تحرير الجريدة استفسر في عدم نشره!. قالوا معذرة، لقد فقد، نرجو إعادة ارساله لنشره في موعده الثابت ومكانه.
|
|
|
|
|