| محليــات
تتجه سياسة التوظيف العامة إلى التركيز على ضرورة إتاحة الفرص للمواطن، وهي سياسة حكيمة يفرضها الدعم الرسمي لاحتياج الأفراد إلى وجود فرص معاش مطمئنة داخل وطنهم، بما يؤهلهم لتحقيق التوازن بين الحاجة الخاصة، والحاجة الوطنية.
ولا يكفي التّوجه إلى تأكيد أنَّ المواطن هو فرع في شجرة إن لم تُسق الشجرة كلَّها فإنَّ الفروع بأوراقها ومن ثمَّ بثمارها ستجف.. وتعجف..
ولأمر «السعودة» شجون وشؤون.. ربما تتداخل فيها أمور تتعلق «بالخبرات» وحاجة بعض المؤسسات إلى نوعية محددة منها.. ذات اختصاصات بعينها قد تتوافر في المواطن الذي يتقدم للعمل.. وقد لا تتوافر...
من هنا اتجهت أيضاً التوجيهات إلى دراسة «الحاجة» أمام العرض والطلب.. وفي بداية الأمر واجهت كثيراً من صعوبة التنفيذ كافة المؤسسات التي لا يوجد العدد الكافي من المواطنين للاضطلاع بمهام احتياجاتها وتغطية مجالات اختصاصها..
لكنَّ التوجه الآني في الوقت الراهن بعد أن ازداد عدد الحاصلين على المؤهلات المختصة على اختلاف مجالاتها إلى ضرورة حماية هذه الأعداد من التشتت والضياع بين ما أُقر من ضرورة تمكينهم من فرص العمل في مجالهم، وبين سياسة التنفيذ التي تحكمها معايير داخلية للمؤسسات المختلفة..
من هنا كان لزاماً أن يكون أمر هذه الفرص أمراً مفروضاً يتحقق آلياً دون إعاقة أو عرقلة.. ذلك لأنَّ كثيراً ما تكون هناك معايير ورقية غير أنها غير مأخوذ بها عند التنفيذ والمثال على ذلك عند النظر في أمر استبدال «السكرتير» غير السعودي بآخر سعودي في كثير من المؤسسات قد واجه في البدء صعوبة القيم الاجتماعية التي تجعل «السعودي» يتردَّد في قبول هذه الوظيفة من جهة، ويجعل المسؤول فيها يتردد في الاستبدال والإحلال من جهة أخرى، فالأول يتردَّد لأنَّه لم يتعود أن يكون مرؤوساً يُطالب حتى بطلب خدمة الضيافة لرئيسه، بينما الثاني يتردَّد لأنَّه لا يثق في قدرات الثاني المتعلقة بتفاصيل عمل السكرتير مثلاً
وهناك ما يوجِب أن يتم الاستبدال بشكل مرحلي، وذلك بزجِّ المواطن مع صاحب الخبرة غير السعودي لفترة كي يتدرب ومن ثمَّ تلقائياً يتمُّ الاستبدال في جو من المفترض أن يحقق أيضاً لغير المواطن فرصة التقدير والتكريم فلا يُترك بشكل مفاجئ، وإنَّما يُمنح فرصة يهيىء معها أمره، ويتخلص من كافة ارتباطات وظيفته أو إقامته التي قد تمتد إلى سنوات من العمر يتحقَّق له فيها شعور المواطَنة فيصاب باحساس مؤلم حين يفاجأ بخطاب إنهاء أو عدم رغبة في التجديد دون أن يكون قد أُحيط بهذا الأمر...
ثمَّة مثالب تظل في أمر إتاحة الفرص للمواطنين تتعلق بجهات الأعمال التي لاتنفذها لحاجات في نفوس بعضهم ممن بيدهم أمر الفرص.. وعلى وجه الخصوص في مجالات الأعمال التي تقوم على مبدأ التنافس في التخصص، أو الخبرات.
إنَّ قرار الدولة الحكيم بضرورة إعطاء المواطن حق العمل ماهو إلا محاولة جادة للحفاظ على العناصر البشرية ذات المردود الإيجابي للوطن، فالحفاظ عليها أكثر جنياً وربحاً من خلق البديل.. ذلك لأنَّ التسرب آفة وطنية وعلى وجه الخصوص لذوي الاختصاص العلمي.. ذلك لأنَّ المواطن الذي يتحقَّق له الأمان الوظيفي يتحقَّق له التوافق بين ذاته الفردية، وذاته الوطنية، وهي النظرة الثاقبة التي يؤكدها القرار الرسمي بإقرار «السعودة» والالزام بها..
ويحتاج الأمر إلى مراقبة دقيقة لتنفيذها ..، كما يحتاج الأمر إلى مراجعة دورية لمعايير وضوابط عدم تنفيذها.. حمايةً للمواطن المحتاج إلى وظيفة، من مغبَّة الأمور الشخصية، والصبغة الفردية، التي قد يمارسها بعض من بيدهم تنفيذ أو عدم تنفيذ هذه الفرص للمواطنين.
فهناك حالات عديدة ومواقف تتكرر يفقد فيها ليس صاحب الاختصاص..، بل المتميز في اختصاصه فرصة العمل في مجال تميُزه، فقط لأنَّ من بيده أمر منحه هذه الفرصة لا يريد، دون وجود ما يقنع إلا إخضاع الإرادة وعدمها للمعايير الشخصية..
ومثل هذا الأمر لايدعو إلى التفاؤل..، بل يؤكد ضرورة النظر في أمر من يتقلَّد مقعد المسؤولية، حيث يُفترض فيه أن تتحقق معايير التجرد، والعدل، والمنطق، والحق، وعدم التحيز، وإعطاء كلِّ ذي حق حقه..، بل عقوبة من يعطِّل مصالح الآخرين لغايات في نفسه..
هناك ثقة مطلقة في أنَّ تنفيذ فرص العمل للمواطن هي من أول اهتمامات أصحاب القرار، ولذلك فإنهم سوف يتابعون كافة مجريات هذا التنفيذ، وإزاحة أية عراقيل في سبيله، كي يتحقق للجميع فرص التوافق الذاتي والوطني.. وتُثمر أشجار العطاء في شجرة الوطن الكبرى.
|
|
|
|
|