| مقـالات
كل الاعلانات التي «دشنت» موت المسائية وولادة «الأسرة» لم تنجح في ان تجعلني أكون أي مشاعر لا مع أو ضد..
خطوة اعلامية كمئات الخطوات التي نسمع أو نقدم عليها نحن الإعلاميين
إصدار مجلة، صحيفة، ملحق - تغييب مجلة، صحيفة، ملحق ..
لكنني وأنا اتصفح العدد الأخير من المسائية، الخميس 25/2/1422ه سرى في عروقي حزن شفيف..
فالمسائية جزء من تاريخ عائلتي الصغيرة..
وفي مكتبة منزلي أعداد مميزة كثيرة لصحيفة المسائية قبل عشر سنوات من الآن اعتبرها الفترة الأفضل في تاريخ الصحيفة..
وسرت مشاعر الكآبة أكثر وأكثر حين تابعت حوار أ. خالد المالك وولادة الفكرة ومسيرها وقرار وأدها وهي حية ترزق!
وككل الأشياء حين تغيب..
تظهر مميزاتها فقط من مبدأ «أذكروا محاسن موتاكم» فإن المسائية كائن مختلف.. أحبه المسائيون وإن تفرقوا عنه ولاذوا بالصمت، حين غيبت المسائية تلك التي كانت صحيفة «متمردة» منطلقة من «رسنها» جامحة تستهوي أولئك الذين يؤوون في قلوبهم جذوة الشعر والإبداع وجنونه والهاربون من الطرح التقليدي .. كان بإمكانها ان تكون صحيفة تمارس فيها كل الطقوس الإبداعية التي تفرُّ من وضح النهار إلى خفية المساء وهدأته وجنوح أحلامه.. كان..
أحببت المسائية حين كانت مثاراً للحلم العذب في أصابعي وكنت انتظرها في مرحلة دراستي الجامعية كانتظاري لغيمة مطر تفرمن السماء وتعود إليه.. بيضاء حالمة.. بلا رعد ولا برق.
كل ما فيها هجس جميل عطر قد يأتي وقد لا يأتي..
تعلقت بالمساء..
حين سرت الكتابات الجميلة فيها..
وأجدني اليوم حزينة على مشاعري تلك..
فقد كانت ترويسة «المسائية» في البقالات والمكتبات تمنحني جواز سفر مفتوح للعودة لعذوبة الانتظار وكلمات الحلم الجميلة.. لكنني لا أنفي أنني افتقدت متابعتها منذ سنوات حتى إنني ومنذ عامين تقريباً لم انجح في ترويض نفسي على قراءتها.
وهي بذلك كانت تعيش على اجهزة التنفس الاصطناعي والمحاولات المستميتة من فريقها لإبقائها على قيد الحياة في ظل نأي الناس عنها وانشغالهم بالفضاء والإنترنت، فلم يعد في الزمن متسع لأحلام وكلمات المساء فضلاً عن أن الخبر كان ورقة خاسرة في يد «المسائية» فالوزارات والجهات الحكومية تغلق دوائرها بعد الثالثة عصراً ولم يكن لدى المسائيين فرصة في الفوز بخبر جديد تتميز فيه عن صحف الصباح وكنا نجد المسائية تملأ البقالات في الثانية أو الثالثة ظهراً، وذلك لكي تجد متسعاً من الوقت لتطير إلى مدن ومناطق المملكة وبذلك ازداد العبء عليها في امكانية الملاحقة والمتابعة الاخبارية..
و«المسائية» ليست وحدها التي تغيب، فتجارب كثيرة كانت بمثابة الأحلام الجميلة، لكنها تفقد زهوها وتتتابع عليها الظروف فتوقعها في دائرة المواجهة مع خيارين لا ثالث لهما، إما البقاء وتحمُّل التبعات المعنوية والمادية للتجربة التي فشلت، أو الحكم على الحلم أو التجربة بالنهاية وهو قرار بالرغم من صعوبته إلا أنه بمثابة جرح لا يلبث ان يندمل وتذهب آثاره مع نجاح جديد يتحقق ويجعل الحلم القديم بمثابة ذكرى دافئة ومزارًا للمشاعر الحميمة والانتظار الجميل المفعم بالعذوبة وجمال البدايات، فوداعاً أيتها المسائية..
ووداعاً لورقة عذبة لن تغيب عن حياة أسرتي الصغيرة..
ومرحباً بالآتية «الأسرة» مرحباً بالتي تحتاجها الأسرة الكبيرة.. يحتاجها الوطن كله.. أما لماذا فهو حديث بعد غد بإذن الله.
|
|
|
|
|