| مقـالات
أثناء احتفال النادي الأدبي في جدة بمرور 25 سنة على إنشائه أثير موضوع مشاركة المرأة في النوادي الأدبية، وهو موضوع على سهولته جعل منه مجتمعنا شيئاً كبيراً، لأنه لا توجد مشكلة في فتح قسم نسائي في الأندية الأدبية، تنقل منه وإليه عبر الهاتف والدوائر المغلقة النشاطات الثقافية، ولكن مجتمعنا تميز في حساسيته من توقع مشكلة قبل حدوثها ثم تضخيم ما يترتب عليها من سلبيات، مع أنه لا توجد مشكلة أصلاً، وتلك السلبيات ليست إلا من نسج الخيال.
كان تصوُّر المجتمع أن تعليم المرأة مشكلة، وأنه سيقضي على الفضيلة، وسيوقع المرأة في مهاوي الردى، ولكن عقلاء المسؤولين ضربوا عن ذلك صفحاً، وفتحوا تعليم المرأة بالضوابط الشرعية، ومراعاة القيم الاجتماعية والأخلاقية، فتعلمت المرأة في بلادنا تعليماً أصبح مضرب المثل في جمعه بين التعليم وحفظ كرامة المرأة وعفتها، ولو أخذ بوجهة نظر من يرى أن تبقى المرأة حبيسة الجهل لما كان لدينا اليوم الأم الواعية المثقفة، والطبيبة الماهرة، وأستاذة الجامعة البارزة بل والمتفقهة في دين الله الحافظة لكتابه الكريم.
ومازال منا من يرى أن حصول المرأة على بطاقة أحوال تثبت هويتها وتريحها من كثير من المشكلات التي تعانيها يمثل خطراً على المرأة مع أن بطاقة المرأة كبطاقة الرجل ستحفظها بنفسها، ولن يستخدمها إلا هي لحاجتها، تماماً كالرجل الذي يحفظ بطاقته في جيبه لا يظهرها إلا لحاجته، وتماماً كجواز الرجل والمرأة فهما في حوزتهما لا يستخدمها غير صاحبهما، ولكن حرمان المرأة من إثبات الهوية سبَّب لها كثيراً من المشكلات عند طلب إثبات الهوية في بنوك النساء وفي غيرها.
ومثال للأندية الناجحة مركز الأمير سلمان الاجتماعي في الرياض فقد فتح من أول يوم قسماً للنساء وآخر للرجال، وهو مثال للنادي الناجح الذي جمع النشاطات الثقافية دون اختلاط أو اعتداء على الفضيلة، وأصبح مكان تثقيف وترفيه للرجال وللنساء وأثبت أن الأمور عندما تؤسس على أسس صحيحة لا يخالطها شيء مما يكون في خيال من يتوجَّس شراً بالفضيلة، فيمنع كل شيء خشية أن يحدث ما يحدث، مع أن هذا المنع لن يحول دون ما يخشاه.
إيجاد قسم نسائي في النوادي الأدبية كما هو في مركز الأمير سلمان الاجتماعي يسهم في تثقيف المرأة، وفي مشاركتها الثقافية في نشاطات الأندية وفق نهج أخلاقي بعيداً عن التحسس والتوهم، ويتيح للمرأة في الوقت نفسه أن يصل إنتاجها الأدبي والثقافي للجمهور عبر الدوائر المغلقة كما هو حاصل في جامعاتنا وكلياتنا كلها، فهل نسدد ونقارب ونبتعد عن المنع المطلق أو الفسح المطلق دون رعاية الضوابط الدينية والأدبية أو التوهم من حدوث ما سيحدث بناء على فرضيات.
إن مسك العَصَا من الوسط ومعالجة الأمور بتعقل هي ما يحفظ للمجتمع كرامته للرجال وللنساء على السواء، أما التشدد فقد يؤدي لا سمح الله بعد عقود من السنين إلى انفلات الأمور وعدم امكانية التحكم بها، فسددوا وقاربوا وابتعدوا عن الاندفاع أو الانقباض فكلاهما ليس سبيل السلامة.
للتواصل: ص.ب. 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|
|
|
|
|