أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 22nd April,2001 العدد:10433الطبعةالاولـي الأحد 28 ,محرم 1422

العالم اليوم

أضواء
عندما لا يجد الإنسان مكاناً للنوم في وطنه..!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر
الذين يزورون غزة في هذه الأيام يعرفون ان غزة القطاع والمدينة لا يوجد فيهما فنادق سوى بضعة «اوتيلات» تعتبر في المفهوم الغزاوي العام «خمس نجوم» اما في التصنيف المعتاد فلا يمكن اعطاؤها نجمتين، وهناك في غزة بعض الفنادق التي لا يمكن اعتبارها فنادق من الدرجة الأولى الا ان زوار غزة يجدونها مؤدية للغرض .. غرض النوم فقط.
هذا بالنسبة لزوار غزة من غير الفلسطينيين اما الفلسطينيون وبالذات من أبناء الضفة الغربية الذين يصلون الى غزة التي تتقاسم مع رام الله وظيفة العاصمة المؤقتة للدولة الفلسطينية فهناك ثلاثة فنادق يمكن وصفها حسب التصنيف السياحي الدولي بأنها فنادق من الدرجة الثانية أو الثالثة على أحسن تقدير، ودائما تكون غرفها مشغولة بأعضاء حكومة السلطة الفلسطينية وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني او المجلس المركزي.
وهكذا فان فنادق غزة دائما مشغولة ولذا فالذي تفرض عليه الظروف البقاء في غزة فلا يمكن ان يجد مكانا للنوم فيها سوى ان يستضاف في منزل صديق له او ان يحل ضيفا في منزل زميل في العمل او على «كنبة» في دائرة حكومية او عند زميل في مخيم توقظه طلقات دبابات اسرائيلية او صواريخ أرض أرص .. أو قذائف لطائراة إسرائيلية.
قطاع غزة الآن مقسم الى ثلاثة أجزاء، الشمال ويمتد من بيت حانون الى وسط غزة، ومن وسط غزة حتى دير البلح ، والجزء الثالث يضم خانيونس ورفح. والتنقل بين هذه الأجزاء ضعب على سكان قطاع غزة الذين فرض عليهم التعايش مع الواقع المؤلم الذي فرضته عليهم قوات الاحتلال الاسرائيلي، فالمقيمون في المخيمات الفلسطينية في دير البلح وخانيونس ورفح لا يمكنهم الذهاب الى وسط القطاع للدراسة في الجامعة أو متابعة اعمالهم اليومية في اسواق غزة، وأهل الشمال لا يمكنهم التوجه الى جنوب القطاع فالجميع مفروض عليهم البقاء حيث هم .ولأن القطاع وغزة عموما لا يوجد فيهما سوى فنادق قليلة فان «المحصورين» كتب عليهم البقاء على الأرصفة ليناموا ويتناولوا طعامهم ان وجدوا نقودا لشراء الطعام او يفرضوا نفسهم ضيوفا على اخوانهم من أهل غزة الذين لا يضمنون بقاء منازلهم فكل قذيفة دبابة كفيلة بإزالة المنزل وتشريد العائلة.
هكذا هي غزة الآن، مدينة مقسمة الى ثلاثة اجزاء أهلها مهددون في كل لحظة بالعيش في العراء .. والقادمون اليها من الضفة الغربية ضيوف ثقلاء يزاحمون أهلها الذين لا يعرفون هل سيظلون في منازلهم ام سيفقدونها؟
والذين يعرفون غزة يدركون أن شريانها شارع صلاح الدين المكتظ بالسكان، أما خانيونس ورفح ودير البلح فأهلها أغلبهم من سكان المخيمات وهؤلاء الذين كتب عليهم الهجرة والتنقل بين المدن والمناطق الفلسطينية ليصبحوا لاجئين في بلادهم وفوق أرضهم، أصبحوا الآن محاصرين بل مسجونين في بلادهم في عصر حقوق الانسان .. وعصر العولمة الذي ينطلق فيه الانسان عبر فضائيات العالم.. والانسان الفلسطيني محصور في أكواخ الصفيح وجدران الطوب المهدد بالتدمير والهدم من قبل دبابات اسرائيل في اي لحظة مجسدة مأساة ألا يجد الانسان مكاناً للنوم فيه حتى في وطنه.
لمراسلة الكاتب
Jaser@AlJazirah.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved