| وَرّاق الجزيرة
هذه مخطوطة من تأليف جارالله المحب أبي الفضل محمد بن عبدالعزيز بن عمر الهاشمي المكي الشافعي المتوفى عام 954ه، وقد ذكر في بدايتها فضل مكة وجدة والطائف ثم رتب الأودية على حروف المعجم فبلغت تسعا وثلاثين قرية، ويبدو أن المخطوطة ناقصة من آخرها صفحة واحدة كما سيتضح بيانه، ونسخة المؤلف كتبها بخطه وعلى الصفحة الأولى تاريخ 947ه وتملك غير واضح وآخر باسم محضار بن عبدالله بن محمد السقاف، والمخطوطة اليوم موجودة في معهد المخطوطات العربية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وتوجد نسخة مصورة عنها في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى وتقع في )50( صفحة.
وقد أمدني - مشكوراً - الأستاذ عبدالعزيز الرومي بنسخة من هذه المخطوطة، ولأهميتها ولما ورد فيها من أخبار وآثار وأسماء لكتب مخطوطة نستعرضها على النحو التالي:
قال مؤلفها في مقدمته )فهذا تأليف لطيف جعلته بيانا لذكر الأودية التي أنعم الله بها على العابد والطائف وأظهر لهم منها المنافع واللطائف وقد سميته حُسنُ القِرى في أودية أُم القُرى ويصح أن يسمى اسما ثانيا هو )منبع الخير والبركة في أودية أم القرى مكة( ثم بدأ بذكر مكة المشرفة وأبعادها وأطوالها وحدودها نقلا عن «شفاء الغرام بأخبار بلد الله الحرام» للحجة الحافظ تقي الدين الفاسي وعن الأزرقي، وذكر ان في مكة عينا جارية معروفة عند الناس بعين «بازان» وذكر مخاليف مكة ومنها وادي الطائف ووادي لية ووادي مر ويقال له مر الظهران ووادي الهدة ووادي نخلة.
وذكر ان ابن خرداذبة قد ذكر في كتابه «المسالك والممالك» من مخاليف مكة ما لم يذكره غيره ثم فصل في ذكر مخاليف مكة وعدد منها الطائف ونجران وقرن المنازل وعكاظ وليمة وبرقة وبيشة وتبالة والسراة ثم أورد الخلاف حول نجران وهل هي من الحجاز أم لا؟!! وذكر ان ممن قال بأنها ليست من الحجاز الخوهدي وأبو اسحاق في المهذب، وذكر في أحداث 943ه أن الشريف نجم الدين أبو نمي قد توجه الى بلاد جازان وأرغم فيها أهل البغي والعدوان فأخذها من جميع جهاتها، ثم تناول شمال الحجاز وقال ان تبوك وفلسطين من الحجاز وقال عن حد الحجاز أنه مما يلي جبل طي الى طريق العراق!! ثم علل تسميته الحجاز لأنه حجز بين تهامة ونجد نقلا عن ابن الكلبي والأصمعي وغيرهما، ثم فصل في حرم مكة وسبب تحريمه وتحديده وعلاماته وحدوده.
ثم انتقل الى جدة ساحل مكة وقال ان مكة رباط وجدة جهاد، وذكر أن فيها مسجدين ينسبان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقال لأحدهما مسجد الأبنوس لساريتين فيه من خشب الأبنوس، وذكر ان هذا المسجد هو الذي تقام فيه صلاة الجمعة ويعرف بالجامع العتيق وذكر ان الجمعة تقام أيضا في المسجد المتجدد آخر القرن التاسع جهة البحر من الشام ويعرف بالخواجا علي الشيروازي العجمي، وذكر ان الجمعة تقام في مسجد ثالث أيضا على باب الفرضة وهو المسجد الذي يصلي فيه نائب جدة، وقال عن سبب تسميتها بجدة انه رأى جده الحافظ نجم الدين عمر بن فهد المكي ذكر في مسودة بلدانياته أن أم البشر حواء نزلتها ودفنت بها فهي جدة جميع من في العالم، وذكر أن فيها أربعة أبواب: باب الدوقة وباب مكة وباب الفرضة مما يلي البحر وباب المدينة وكان على هذا الباب حجر أخضر فيه طلسم إذا سرق في البلاد سارق وجد اسم السارق مكتوبا على الحجر!! وذكر ان قاضي القضاة في الحرمين الشريفين نجم الدين محمد بن يعقوب المالكي ألّف كتابا لطيفا سماه «تنسم الزهر المانوس عن ثغر جدة المحروس» وفي تفصيل عمارة جدة وحدودها وأعلامها ذكر أنه بسط الكلام وأطاله حول هذا الموضوع في كتابه «الفرايد البهيات في فوايد البلدانيات» فليراجعه طالبه في أصله!!.
ثم ذكر الطائف وشيئا من فضله وأحال الى مخطوطة «بهجة المهج في فضل بعض الطائف ووج» للميورقي، ثم بسط القول في سبب تسمية الطائف بالطائف ونقل كثيرا عن البكري والسهيلي وابن الكلبي، وذكر أن السبب نقلا عن الفاسي ان جبريل عليه السلام طاف به حول الكعبة موردا قول بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى )فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون( وذكر أنه تناول كثيرا من فضل الطائف في كتابه المخطوط «تحفة اللطائف بفضل الحبر ابن عباس ووج والطائف».
ثم شرع في ذكر الأودية الموجودة في وادي مر الظهران وغيرها من أعمال مكة المشرفة بعلوها وأسفلها مرتبة على حروف المعجم ليسهل حفظها على من استعجم، فذكر الأصفر وأنه في أسفل وادي مر ثم أرض حسان وسط وادي مر وأشار الى انه رأى في أسفلها أثر بناء مسجد متقادم يقال انه من زمن الهواشم، ثم أرض خالد بن المجموم والخضرا وذكر أنها ربما تنسب الى أمير مكة من قبل الأمويين خالد بن عبدالله القسري وفيها عين جارية مع عدة برك وبيوت عالية ثم أرض فراس وهي بين أرض حسان والجديد ويقال أنها قرية الشيخ وهو ولي الله عبدالكبير بن حميد الأنصاري الخضرمي نزيل مكة المشرفة وذكر أن فيها مزارع للحب والبطيخ وهي منزلة الحاج الشامي ذهابا وإيابا ويتكسب عليهم أهل البلد بالمأكولات وذكرأنه سمع من أكابر بعض الحاج من يسميه بوادي فاطمة وقال )لا أعرف هذه التسمية(.
ثم ذكر البحرين وهو بين واسط بني حميد والجديد ثم البردان وهو أعلى وادي نخلة الشامية ويسكنه عرب من هذيل ولهم فيه حصن قديم وأمامه بركة كبيرة مبنية من الجص ثم البرابر وهي قرية لطيفة مقابلة الحميمة والبحرين وواسط وفيها نخيل ومزارع وماؤها أُجاج، وأورد قول الناظم فيها:
إذا كنت في وادي البرابر تشكَّر
ولا تنس فيه التمر والزرع أخضر
ثم البرقة وفيها نخيل ومزارع خضرة نضرة وفيها يسكن أمير مكة شكر بن أبي الفتوح الحسن بن جعفر الحسيني، ثم التنضب وهو قريتان في وادي مر، وقد ذكر أنها لورثة محمد بن علي بن أبي طالب الشهير بالحنفية، ويسكنها عرب من هذيل، ثم الجديد وهي قرية تحت أرض فراس فيها مزارع ونخيل غالبها لصاحب مكة عين الأعيان السيد الشريف أبو نمي محمد بن بركات، وأورد فيها قول محمد بن عبدالعزيز الفيومي الشافعي:
أقول لخلي بوادي الجديد
تمتع بذا الرونق الباهرِ
فكل جديدٍ له لذة
كما قيل في المثل السائرِ |
الجموم: إحدى قرى مكة المشهورة ويقال لها بطن مر، وذكر أن المشهور عند الناس أن الجموم هو وادي مر ويطلق ذلك على جميع الأودية التي في نواحيها وأولها الصفراوات وآخرها جدة وذكر أن وزير صاحب مكة يزيد بن شكر الحسني بنى مسجدا عظيما في منتصف القرن التاسع الهجري ويجتمع عنده سوق كبير يباع فيه جميع الأقوات وذكر أنه رأى مسجد الجموم وقد كتب عليه البيتان التاليان:
نزلنا بالجموم نهار قيظٍ
ومنثور الربيع طوى بساطه
قطعنا يومنا في طيب عيشٍ
براس المعان في ظل الحماطة!! |
وذكر أنه كتب تحت هذه البيتين العديد من أبيات المعارضة وأوردها.
ثم ذكر الجميزة وهي من أعمال هدة بني جابر ثم الجديدة ثم الحميمة وهي بين البرابر ومروعة وأورد قول محمد بن ابراهيم:
إذا ما نجعت وادي مرٍ
لربيعٍ وردت ماء الحميمة |
ثم أطال الكلام حول خفيف بني شديد وقال: يسكنه الأشراف ذوو راجح من بني حسن الظراف ولهم فيه قوة ومنعة وحمية بل يجيرون على من يدخل اليهم وفي الغالب أمير مكة يراعيهم ويمضي الجوار على من يدخل عليهم ثم ذكر الريان وان هواءه طيب ولأجل ذلك فإن أمير مكة يرسل خيله للاقامة فيه وهو وقف على ذرية السيد أحمد بن عجلان ومن بعدهم العتقاء من عبيدة وهو باق فيهم الى اليوم، ثم ذكر سروعة وأنها بين الريان والحميمة وماؤها أُجاج لقرية من ساحل جدة وقال ان قول الفاسي في أن سروعة أقدم قوى وادي مر قول لا يوافق عليه لأن وادي نخلة الشامية كان في أيام الجاهلية، ثم أورد القصير وهو أسفل وادي مر وفيه نخيل للاشراف من بني الحسن ثم ذكر نخلة الشامية ويقال لها المضيق الأعرج وبستان ابن عامر وهو أول وادٍ خضر نضر في ضواحي مكة من جهة الشرق ويسكنه عرب من هذيل ثم ذكر الهرمزية ولم يكمل ويبدو أنها سقطت الورقة الأخيرة من المخطوطة.
|
|
|
|
|