أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 22nd April,2001 العدد:10433الطبعةالاولـي الأحد 28 ,محرم 1422

مقـالات

المملكة وفلسطين.. علاقة التاريخ والمصير!
إبراهيم بن عبد الله السماري
قضية فلسطين هي قضية هذا العصر ومحور كثير من مشكلاته وقضاياه السياسية، بدأت صغيرة ثم كبرت في ظل انعدام التخطيط الواعي لمواجهة تداعياتها.
كانت بداية الحل الأمثل مع بداية تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز حيث عمل جاهدا على اعطاء هذه القضية ما تستحقه من اهتمام ودعم، واستطاع ان يضعها في المكان الحقيقي لها لتكون قضية المسلمين جميعا بعد ان عانت من النظرة القومية الضيقة التي تعاني من صداع الخلافات حول الزعامة والاختلاف في القناعات والطموحات والاستغلال البشع لهذه القضية من اجل تحقيق مكاسب شخصية وسياسية ذات افق محدود.
عملت المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز والى اليوم من اجل التعريف بهذه القضية وأبعادها وآثارها، والدفاع عن حقوق الشعب المضطهد الذي ذاق صنوفا من الظلم والاحتلال لإرغامه على تغيير دينه وهويته، عملت المملكة في مختلف الاصعدة اجتماعية وسياسية واقتصادية وعسكرية، ودعمت هذه القضية بالقول وبالتخطيط وبالبذل وبكل ما أوتيت من قوة وقدرة وانطلقت من رحابها الطاهرة الدعوة الى التضامن الاسلامي الجدير بحل هذه القضية وقمع المعتدي مما جعل مسؤوليتها أعظم نحو توحيد كلمة المسلمين لدعم قضيتهم الأولى قضية فلسطين، يضاف الى ذلك الامن والرخاء اللذان تنعم بهما المملكة العربية السعودية وما أفاء الله به من خيرات على أهلها مما له أثر كبير في مضاعفة الجهود السعودية لدعم القضية الفلسطينية.
وبرغم ذلك كله لم تسلم المملكة العربية السعودية وقياداتها من التشكيك في أهدافها من وراء دعم هذه القضية، ولم تسلم من تزوير الحقائق بشأن جهودها التي لا يستطيع ان يحجبها غربال.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويحتاج الى وقفة متأملة للبحث عن الجواب الصحيح هو: لماذا المملكة مستهدفة بالحملات الظالمة والمشككة في حين انها أكبر الداعمين وأسرعهم لنجدة اخوانها عند الأزمات؟
والجواب ان ذلك عائد الى عدة عوامل من أهمها طبيعة المملكة العربية السعودية والعوامل المؤثرة في سياستها في مختلف المجالات، وعلى رأس هذه العوامل الدافع الديني الذي يفرض ان يكون كل ما تقدمه المملكة هو من الواجب المنزه عن المنة والزهو.
فالمملكة العربية السعودية منذ الدولة السعودية الأولى الى اليوم وهي تفتخر بأنها قامت على أساس ديني خالص، وانها التزمت بهذا الأساس في كل مجالات الحياة تطبيقا وممارسة.
وترتب على هذا الأساس أساس آخر هو احترام ورعاية مبدأ الاخوة الايمانية، وما يحمله هذا المبدأ من معان سامية، وما يمليه من واجبات على أطرافه كل بحسبه.
ولأن الأسئلة تلد اسئلة أخرى فقد يسأل سائل: لماذا لا ترد المملكة على حملات التشكيك في جهودها؟ والجواب ان جهودها من الوضوح بحيث لا تؤثر فيها زوابع التشكيك، ثم ان المؤكد ان لدى المملكة من الحقائق والأرقام والبراهين ما يكفي للرد، ولكن المملكة بتوجيه كريم من قيادتها الحكيمة لا تذكرها حتى لا تحرج أحدا، وحتى لا يلحق عملها منّ ولا أذى.
واليوم والقضية الفلسطينية تشهد انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الغاصب المحتل لم تتأخر المملكة العربية السعودية عن تأييد هذه الانتفاضة ودعمها بكل ألوان الدعم مادية ومعنوية ودبلوماسية وغيرها في مختلف المجالات.
ولاريب ان من صور هذا الدعم تنظيم دارة الملك عبد العزيز ندوة «المملكة العربية السعودية وفلسطين.. علاقة التاريخ والمصير» للتعريف بهذه القضية وتنوير الرأي العام بحقائقها وما قدمته المملكة لأجلها ومنطلق ذلك كله من باعث عقدي ديني مستمد من الخصوصية الدينية لهذه البلاد حيث تحتضن أطهر مقدسات المسلمين وقبلة صلواتهم، وحيث أسست الدولة السعودية على أساس ديني ضاعف مسؤوليتها تجاه اخوانها المسلمين في كل بقاع الأرض.
ومن هنا تميزت جهود المملكة العربية السعودية لدعم القضية الفلسطينية بالتنوع والشمول في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتخطيطية الخ.. فقد حرصت المملكة على اشراك المسلمين جميعا في مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية، كما بذلت جهودا ضخمة لإسماع العالم كله صوت هذه القضية من خلال المحافل الدولية والعلاقات الدبلوماسية والمناسبات المختلفة، مما حشد لها تأييدا إسلاميا ودوليا كبيرا.
وفي المجال التنظيمي دعمت المملكة العربية السعودية بشتى الوسائل وفي مختلف الميادين اتفاق الفلسطينيين على قيادة موحدة باسمهم جميعا، وبذلت جهودا خارقة لرأب الصدع وللقضاء على الخلافات والانقسامات وللعمل من أجل توحيد الصف العربي بما يخدم القضية المشتركة، ودعمت دول المواجهة ماديا ومعنويا.
وجهود المملكة العربية السعودية لدعم قضية فلسطين ليست محل شك لتؤكد بالمؤكدات والبراهين إلا أن تأثير وسائل الاعلام في مجتمعاتنا المعاصرة يجعل التأكيد والبرهان ضرورة لإزالة اللبس ولجلاء الحقائق من الزيف والادعاءات.
وعندما تتاح للموتورين والمرضى بالعقد النفسية والانهزامية الفرصة في بعض وسائل الاعلام للنيل من المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة وللتشكيك في دعمها وجهودها من اجل قضية المسلمين الأولى قضية فلسطين حينذاك يصبح بيان الحقائق واظهار الأدلة القواطع من الضرورات الملحة.
ومن المؤكد ان ندوة «المملكة العربية السعودية وفلسطين.. علاقة التاريخ والمصير» ببحوثها العلمية الرصينة وبما تعرضه من وثائق لا تقبل التشكيك، وبما تتضمنه من شهادات صريحة واضحة، وبمن يشارك فيها من العلماء والمختصين من مختلف الجنسيات والتوجهات الفكرية في مستوى التطلعات وبحجم الحدث الذي يشغل مساحة كبيرة من الساحات السياسية المحلية والاقليمية والدولية، وستكون - باذن الله - قادرة على تبصير المجتمع المحلي والخارجي بأهمية هذه القضية وبحقوق أصحابها كما ستكون اضافة قيمة للبيان الوافي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ومبادرة دارة الملك عبد العزيز الى عقد ندوة «المملكة العربية السعودية وفلسطين.. علاقة التاريخ والمصير» في هذا الوقت بالذات وقت الانتفاضة ضد الاحتلال، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أصناف الظلم والتعذيب هي من أوجه الدعم المحمود والواجب لعدة أسباب من أهمها:
1-ان هذه الندوة هي في المقام الأول عملية احياء لواجب المفكرين والمثقفين من أجل دعم القضية الفلسطينية وابراز الجهود السعودية المباركة في هذا المجال.
2-ان الاحتلال الصهيوني قائم على دعاوى تاريخية كاذبة مثل دعوى اقامة هيكل سليمان المزعوم والحق التاريخي في الوطن المسلوب، وانما يتم تفنيد هذه المزاعم ودحضها بالدراسات التاريخية الجادة الموثقة علميا، وهذا من صلب اختصاص دارة الملك عبد العزيز المؤتمنة على تاريخ المملكة العربية السعودية في علاقاته العربية والاسلامية والعالمية، وهي - باذن الله - قادرة على اثرائه وتوثيقه عبر هذه الندوة العلمية المتخصصة وعن طريق جهودها المتنوعة الأخرى.
3-ان هذه الندوة مؤهلة لأن تكون البداية الحقيقية لجهود بحثية توثيقية رائدة تجمع الوثائق المتناثرة في الارشيفات الحكومية والأهلية عن قضية فلسطين لتصبح في متناول الباحثين والدارسين والراغبين في الوصول الى الحقيقة. والندوة مؤهلة كذلك لأن تسهم في ابراز الحقائق المتعلقة بهذه القضية وتاريخها وتداعياتها بأسلوب علمي رصين، حري ان تكون ثمرته الوصول الى تصورات مفيدة وخطط عمل نافعة.
والمؤمل ان تتبع هذه الندوة جهود أخرى سواء أكانت في شكل ندوات مماثلة أو بحوث علمية موثقة ونحو ذلك، من دارة الملك عبد العزيز أو من غيرها من الجهات العلمية والبحثية في بلادنا الحبيبة للتعريف بهذه القضية المهمة التي ارتبطت بتاريخ المملكة العربية السعودية ارتباطا وثيقا منذ تأسيسها الى اليوم.
عودا على بدء يقال: ان دعم المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية انما ينطلق من قناعة دينية تفرضها روابط الأخوة الاسلامية، ومن قناعة تاريخية يفرضها المصير المشترك في مواجهة عدو لن تقف أطماعه عند حد معين.
وفي ضوء هذه الحقيقة المقررة يمكن التأكيد على ان اختيار عنوان ندوة «المملكة العربية السعودية وفلسطين.. علاقة التاريخ والمصير» التي تعقد في رحاب دارة الملك عبد العزيز انما هو اختيار موفق لأنه تأكيد على أسس السياسة السعودية في معالجة قضية فلسطين، وتأكيد على استمرار المنهج في هذه المعالجة.
هذا وبالله التوفيق..
ALSMARIIBRAHIM@HOTMAIL.COM

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved