| مقـالات
ترددت في الكتابة حول هذا الموضوع لعدة اسباب قد يكون من اهمها، انني سبق ان كتبت حوله قبل فترة من الزمان ولم يجز رقابياً، كما أنني من ناحية أخرى لا ادعي أنني أملك الحلول النهائية والملائمة له، لأنه يتداخل مع الكثير من المواضيع التي لم تتخذ صيغتها النهائية في هذا المكان، ولكن في النهاية أحسست أن لا بد من عرضه وتحت مظلة إنسانية لعل هذا يفضي إلى بعض الحلول التي من الممكن أن تطوقه أو لربما تمنحه بعض الشرعية.
ولكن الذي أعاد لي فكرة الكتابة عن هذا الموضوع هو رسالة مطوية وصلت لي عبر البريد الإلكتروني حول هذا الموضوع، والتي يشير فيها شاب إلى تفاصيل حكايته التي ملخصها )أن أباه قد عاش في هذا الوطن ما يربو على الثلاثة والأربعين عاما، وقد ولد هو أيضاً هنا، وعاش على تراب هذا الوطن، وتعلّم هنا وتشبعت دماؤه بالماء والهواء السعودي، والذي يلمس عمق هذا الانتماء عبر مواقفه اتجاه هذا الوطن ابتداء بالانتماء السياسي انتهاء بالانتماء الكروي عندما يلعب الفريق السعودي مع أي فريق عالمي على حد قوله..!! ويضيف أن الانتماء ليس بضعة أوراق وأرقام في السجلات المدنية، بل الانتماء قضية كبرى تتشكل وتفاصيل الذاكرة وخفق الأرواح التي تتردد في جنباته فلا يعرف له سوى هذا المكان موئلا ومحلا..!!!(.
والرسالة طويلة وقّعها المرسل تحت اسم )المنسيون في الأرض( وقضية الأوراق الثبوتية هي قضية متشابكة وقديمة، لا يمكن أن يفتح الباب فيها على مصراعيه، لاسيما في ظل الضغوط الكبيرة على البنية التحتية للوطن ولاسيما في مجال التعليم والصحة والذي بالكاد يستوعب المواطنين في ظل التنامي المتزايد في التعداد السكاني يوماً إثر الآخر.
ولن نستطيع أن ننسى حينما كان هذا المكان منطقة طاردة للسكان قبل الطفرة النفطية، لم يكن أحد يفكر في العمل هنا، ولكن بعد أن تحولت إلى منطقة جذب عارمة ظهرت هذه القضية وتبلورت وبدأت في أخذ أشكال لا بد معها من الوصول إلى حلول قاطعة وحاسمة، لاسيما أن بوابة الحج تدفق كل عام الآلاف من المتخلفين عن العودة إلى أوطانهم، وجميع هذا يعرف الجميع بأنه من الممكن أن يقود إلى اضطرابات على المستوى الأمني والاقتصادي تباعا.
ولكن من الممكن مقاربة هذا الموضوع من خلال تصور آخر لاسيما اتجاه أولئك أصحاب الحاجات الخاصة والذين ولدوا هنا ونشأوا على تراب هذه الأرض وانخرطوا في المجتمع عبر قنوات التعليم وبالتالي كوّنوا فاعلية اقتصادية لا بأس بها من الممكن أن تخدم الوطن على مستوى معين، لذا أرى أنه من الممكن استيعابهم واحتواؤهم تحت خيمة المواطنية، وعدم تركهم في شكل مبهم وغامض ومصائر شبه مجهولة، والتي من الممكن أن يولّد القلق والتوتر وحالة العدمية بداخلها الكثير من الحس العبثي اللامبالي الذي يقود بدوره إلى تكوين خلايا وتجمعات مليئة بالنقمة والغضب، وهذا بالضبط الشرارة الأولى لظهور الجريمة المنظمة في المجتمع والتي تنتج على الغالب من الهوامش والأطراف والمنفيين والذين لا يملكون شيئا يخشون المغامرة به أو روابط اجتماعية يسعون للمحافظة عليها..!!
وفي النهاية أرى أن هذا الموضوع يستحق مقاربة أخرى، ونظرة متأنية، لاسيما اتجاه أولئك الذين ولدوا ونشأوا في هذا الوطن ولم يعرفوا وطنا سواه.
E-mail:omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|