| مقـالات
هذه الموجة العنيفة من التنافس الاستهلاكي بماذا توحي به إلينا؟ إنني أفاجأ عندما أرى الصحف التي تصلني يومياً تتساقط من بينها أوراق ملونة يسمونها «البرشورات» وهو ما لم اعتد عليه فيما سبق. بل ان الفواتير التي تمطرنا بها شركات الخدمات «الكهرباء والهاتف إلخ» أخذت تقتطع أجزاء منها للإعلان التجاري الذي يحاول ان يدخل بين الرجل وزوجته مقتحماً كافة العوائق وكأنما اأصبحت البلاد حقل تجارب لاصناف الدعاية.
وأغرب تلك المظاهر انهم يدعونك ليس لاستبدال سيارتك القديمة بأخرى جديدة انما حتى الملابس اخذ هناك من يغريك باستبدالها لك بأخرى جديدة طبعاً لتدفع المزيد من فرق السعر بين قديم وجديد وهي وسائل لم تكن تخطر لنا على بال وأنا انتظر الاعلان الذي سوف يشجع على تغيير السكن الذي تملكه بآخر احدث منه وربما سوف تسمع من يغريك باستبدال الوظيفة وربما الزوجة ايضا «!!»، وهكذا .. فان حقل الاغراءات الاستهلاكية اصبح يتسع الى كل شيء طالما انت على استعداد للدفع وكأنما وسائل الاعلام المعتادة «صحافة اذاعة فضائيات» لم تعد تكفي لحشد المستهلك الذي يستطيع الدفع والشراء . هذا في الوقت الذي كما هو معلوم اصبحت الفرص ضعيفة في اكثر الحقول لتنمية الدخل الفردي .. فصاحب الوظيفة وحتى المتقاعد اصبح محسوداً لأنه يتقاضى مرتباً معلوماً كل شهر بينما المتسبب او المتسكع يجد صعوبات كبيرة حتى يظفر بهامش ربحي محدد في اي مجال من مجالات البيع والشراء وهي مرحلة نخشى من استفحالها حتى لا يفاجئنا بما هو أشد منها هولاً وانهاكاً.
وكنت اعرف بأن اي اعلان لا بد وان يمر عبر الغرف التجارية حتى تجيزه قبل نشره فهل الغرف التجارية على اطلاع عن هذه الأساليب المبتكرة من الاعلانات الاستهلاكية التي تهطل علينا من كل مكان؟ ام انها تكتفي بخاتم التصديق لتتقاضى المقرر؟ .. انني اتصور بأن الوكالات التجارية في العالم اجمع قد حزمت أمرها على مهاجمة المستهلك بكافة الوسائل اذ لم يعد يكفي الرقصات والابتسامات التي تتفنن في إجادتها موديلات الاعلان بذلك الإغراء الذي يشد المراهقين من الجنسين انما الابتكارات ما زالت حبلى بالجديد والمثير الذي من المؤكد لن أتصوره مطلقا ولا حتى قارئ غير مكابر ففي جعبة الذين يرسمون خطط اصطياد البسطاء الكثير من الأفاعيل التي تتسم بالذكاء المدمروليس بالذكاء البناء وحبذا لو وجهوا هذه القدرات الخارقة لما فيه مصلحة السواد الأعظم من الناس مثل ابتكار وسيلة لمنع انتشار الجريمة والفساد الإداري والأخلاقي وهذه السموم التي تتسرب بعدة طرق لتدمر مستقبل وحياة الشبيبة الغافلة عما يراد بها من سوء المصير.
كم نتمنى ان نرى الاتجاه نحو ما فيه صلاح الانسان وتقويم طريقه لا ما فيه هلاكه، وهذا الاتجاه نحو زيادة مصروفات ذوي الدخل المحدود سوف يدفعهم الى اتباع طرق غير سليمة لتوفير هذه المبالغ التي تجعل الأفراد يتسابقون اليها.
ان استنزاف الثروات هو المحصلة النهائية لمثل هذه الأساليب وسوف يكون المستفيد هو المنتج الغربي لصنع تلك البضائع على حساب الاقتصاد الوطني فمتى تعي الحكومات العربية قاطبة هذا الأسلوب العولمي لضخ التوفير المحدود للشعوب والبسطاء من الناس فتعمل على الحد منه وإيقافه؟ نرجو ان يحدث ذلك ولكن ليس بعد حين وبعد فوات الأوان!
للمراسلة ص ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|