| مقـالات
بالتأكيد الحلاقة مهنة خدمية لا غنى عنها، ولها دورها وعملها الأساسي، ولو لم نفكر بها كثيراً، ولكن أياً منا لابد أن يتجه بين الفينة والأخرى إلى هذا الذي تنحني في صالونه كل الرقاب إن جاز لنا التعبير، وبالتأكيد فإن هناك شروطاً وضوابط لهذه المهنة ولمن يمارسها ويعمل بها، وقد أولت الجهات المختصة لدينا، وفي العديد من البلدان ذلك أهمية خاصة ومتزايدة لأهمية وخطورة قضية الحلاقة.
قد يسألني أحدهم، ومن أين لها هذه الأهمية لدرجة ان تسميها قضية؟ وأعود لأؤكد انها بالفعل قضية، وإن لم تكن قضية فإنها تتحول شيئاً فشيئاً لذلك، خصوصاً في وقتنا الحاضر وفي المستقبل.
ذهبت يوماً أقصد الحلاق، وقادتني قدماي بالخطأ لحلاق مجاور للذي اعتدت الذهاب إليه، وهالني ما رأيت من سوء بالمكان، وعدم نظافة بكل الأركان، ومناشف لا توحي لك بأي شيء من الطهارة، ورأيته يستخدم الموس نفسها لكل الناس، ناهيك عن المقص والأدوات الأخرى، تذكرت نصيحة صديقي الطبيب بالحلاقة الآمنة، والتي لا أعرف كيف أصل إليها، تذكرت كيف قال لي: ان صوالين الحلاقة قد تكون مصدراً خصباً لالتهاب الكبد الخطير وللسل، وحتى الايدز لا سمح الله وخصوصاً في وقتنا الراهن، تذكرت السل، وأنا أرى الحلاق يسعل دون ان يغطي فمه وأنفه بمنديل أو قناع أو ما شابه، تذكرت أيام زمان، وكيف كان والدي رحمه الله يخاف من الحلاق، ومما قد يجلبه له من قمل وبراغيث وحشرات، كانت كلها أهون مما نسمع به الآن، فالايدز، بالتأكيد يقض المضاجع..!!
تذكرت اللوائح والضوابط، وفكرت انه لابد من المتابعة، ولابد من التأكيد عليها، ولابد من وضع لوائح جديدة تتناسب مع المستجدات والأحداث الطارئة التي لا يمكن حصرها أو التنبؤ بها.
وخطرت لي فكرة عساها في إطار المقبول، وهي ان يحمل كل منا حقيبة خاصة لأدوات الحلاقة الخاصة به، ويأخذها معه إلى الحلاق، وبهذه يمكن ان يتجنب الكثير من المخاطر بإذن الله وهي فكرة لأصحاب العقول الاستثمارية كي يصنعوا هذه الحقيبة، والتي قد تتجاوز مبيعاتها الملايين؟؟ من يدري؟!.
طبعاً وسط ذكرياتي نسيت حلاقة رأسي أو تناسيتها لأخرج من عند ذاك الحلاق إلى حلاقي الذي اعتدت عليه، وقد رأيت عنده ما يسرني بالمقارنة مع الأول، طبعاً الناس مقامات، ولكن هناك حدوداً يجب الالتزام بها، ويبدو ان ليس كل الأقوام تجيد الحلاقة وفنها وشروطها وحنكتها، الطب وفحوصه وشهاداته، يجب ان تدخل بآلية ما لمتابعة هؤلاء الحلاقين الذين تغص بهم الشوارع، فصحة المواطن والضيوف في المقام الأول، والقضية تجرنا لحالات مماثلة نشهدها في كل شارع وزاوية ومكان من بلادنا، فهناك المطاعم وأمثالها، وهي عندنا أكثر من أي مكان في الأرض، فهل البلديات تتابعها؟ وهل النظافة تطبق فيها؟ وهل العمال مناسبون؟ وهل شروط الطهي والطبخ والتعقيم وأنواع الطعام كلها ضمن الطلب؟ أم ان التجارة أنست أصحاب المحلات واجباتهم؟ وحب الثروة والمال أعماهم؟.
لا يا سادة لا يجوز التهاون في هذه القضية الخطيرة، والآن يصح لنا ان نسميها قضية، فشعر رأسك سيطول، وستحلقه اليوم أو غداً، وستعيد الكرة بعد شهر، وهكذا دواليك، وأرجو ألا نتمنى يوماً ان نصبح صلعاناً ومعذرة من هؤلاء والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|