| شرفات
تراوحت الآراء حول قضية المرأة العربية المبدعة بين الواقع والطموح وهي عنوان ندوة ادبية اقيمت مؤخراً بالقاهرة وحضرها عدد وافر من الاديبات والكاتبات المبدعات العربيات وخرجت هذه الآراء عن المعنى المراد تبيانه ودلالة العنوان وأبعاده وتراوحت فيما بين النفي والاثبات حول مصطلح الادب النسائي هذا المصطلح الذي دار الجدل حوله طويلاً.
قدمت الندوة الاديبة عائشة ابو النور مؤكدة على ان ابداع المرأة العربية يعود لمنتصف القرن التاسع عشر وبدايات القرن ال20 كانت الموضوعات والقضايا تصب في شروط الزواج السعيد والحب العفيف ثم تطورت الكتابات لتأخذ مجالات اخرى حتى صارت الآن تتناول أدق من تفاصيل الحياة وقالت ان عنوان الندوة يحمل العديد من الدلالات والمعاني التي نود استكشافها معاً.
تفاعل مع الواقع
وفي كلمتها قالت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش لايزال الشك حول جدارة هذه القضية فإن ماتنتجه المرأة في كافة الميادين هو باختصار فن وادب ناضجتان تتفاوت مستوياته بنفس درجة تفاوت مستوى كتابات الرجال مع اعتبار ان المرأة لم تدخل مجال الابداع إلا منتصف القرن الماضي وتكافأت الفرص الى حد محدود، والابداع جاء من بنات الطبقة الوسطى التي انفتحت امامها ميادين التعليم وكانت اول صحيفة نسائية عام 1892م واسستها هند نوفل باسم الفنار، كما اصدرت زبين فواز وهي لبنانية هاجرت الى مصر كتابها الدر المنثور في طبقات ربات الخدور وذلك في منتصف القرن 19 وتوالت اجيال المبدعات من كافة الدول العربية هدى بركات وحنان الشيخ من لبنان واحلام مستغانمي من الجزائر ولطيفة الآيات ورضوى عاشور من مصر وهؤلاء كتبن روايات اسماها الناقد الراحل على الراعي روايات كاملة الاوصاف.
واضافت فريدة النقاش بأن النساء تفاعلن مع قضايا الابداع والتعرف على القيود التي تحد من هذا الابداع وكشف المسكوت عنه، وتجلت قدرة النساء على نسج عالم كلى اكثر مما يشعر به الرجل الذي لايعرف عنها شيئا وقمن بلملمة الذاكرة الثقافية التي هشمتها الثقافة السائدة.
حدود
وعلى عكس ماتوحي به كلمة فريدة النقاش قالت الشاعرة عليه الجعار ارى ان هناك حدودا يجب ان يضعها الجميع امامه ولايتخطاها وإلا اصبح الابداع اشبه بعملية فوضى.
واضافت الجعار انني اقرأ قصائد لأديبات او يدعين الادب اخجل منها وهذا امر مرفوض.
وانتقلت الاديبة منى رجب الى قضية الادب النسائي رافضة التفرقة مابين الادب النسائي والرجالي وقالت انني كأديبة اطرح قضايا عامة في عملي مثل الرجل لأن الكاتب ماهو إلا نتاج لظروفه المحيطة به التي كلما تفاعل معها وشعر بها كان جهاز الاستقبال لها عاليا وشفافا وكان اكثر صدقاً في كتاباته فأنا شخصيا لي مجموعة من احاسيس ومشاعر ادخلها لاعماقي ولابد ان اكون قد احسستها قبل ان اتناولها في كتابات ولكل كاتب خصوصية وعالمه واسلوبه في التعرض للقضايا.
واكدت الاديبة سلوى بكر انها ضد تسمية الادب النسائي وضد التفريق والتضييق فأي نتاج ادبي هو ابداع والادب الذي تكتبه النساء له خصوصية ويكون اكثر حساسية وله موقف من الاحداث ومسؤولية تجاه مجتمعه وقد اضافت المرأة عموماً للادب حيث ظهرت اديبات وكاتبات لهن شأن كبير.
وقالت سلوى بكر لندع الورود تتفتح ولايوجد هناك شروط محددة للكتابة.
فيما رأت الاديبة عفاف السيد ان هناك فارقاً بين الادب النسائي والادب الرجالي فالمرأة قد ترصد عالماً قد لايستطيع ان يصل اليه الرجل وقد لاتستطيع المرأة ان تنجح في تناول مشاعر خاصة بالرجل ومن هنا كان الفارق.
رؤية اجتماعية
وقدمت الاديبة سهام بيومي ورقة تمثل شهادتها عن ادب المرأة قالت فيها:
يشير عنوان ادب المرأة بمتراد فاته الى انواع من الكتابات التي تقوم بها النساء، ويتشعب حولهم مجموعة من المفاهيم والاطروحات التي تتشابك لتشكل في النهاية ستاراً يحجب المرأة عن قضايا الابداع الحقيقية او حجاباً تكمن خلفه الخصوصية النسوية التي هي موضع التناول بعيداً عن قضايا وهموم الابداع نفسه ليصبح موضع تناول اعلامي يحسم معه التقييم الادبي وتساهم فيه شخصيات ومؤسسات ترى ان مهمتها ترسيخ هذا المفهوم طالما ان التي تكتب هي في النهاية امرأة، وادب المرأة، او مصطلح الادب النسائي يستند الى رؤية اجتماعية خاصة بوضع المرأة في المجتمع بافتراض ان هناك دوراً موكولاً اليه سلفاً في جانب يقع عليه القهر الاجتماعي في مواجهة مجتمع صاغه الرجل برؤيته وفقاً لمصالحه التي تربى عليها وتحت هذا المفهوم تندرج مواقع وادوار مختلفة للمرأة في المجتمع فهناك ربة البيت متفرغة لشؤون اسرتها وامرأة عاملة او متعطلة او ممارسة لعمل عام فما الذي يجمع كل هذا الشتات في فندق واحد وعندما نقول ان المرأة مقهورة فأي امرأة منهن والمرأة ايضاً قد تمارس القهر او أنها جزء من آليات هذا القهر وقد تعيد انتاجه مثلها في ذلك مثل الرجل المقهور واذا انسحب هذا المفهوم على الادب غير انه يتضمن اعترافاً ان الادب السائد هو ادب رجالي ولابد من طرح ادب نسائي في مواجهة اية نوعية خاصة من الادب بمواصفات خاصة وتوقعات مسبقة لايتعدى فيها الفعل بل رد الفعل ايضا فإذا عبرت امرأة عن همومها فهي مكسورة الجناح واذا اعلنت تمردها اثارت الدهشة مثل رؤية طفل صغير يقلد الكبار واذا اباحت بمكنون نفسها اثارت الفضول والترقب، وهنا اشير الى ان تناول المرأة بمعزل عن الدور والسياق الاجتماعي يؤدي الى تناول كتاباتها بمعزل عن العملية الابداعية ومسارها وتطورها كما ان البعض يتعلل بأن هناك مشاعر وموضوعات خاصة بالمرأة لايمكن ان يشعر بها الرجل مما يستلزم وجود الادب النسائي وهذا في تقديري امر خاطئ فالمشاعر والموضوعات ليست منفصلة عن الواقع المتعدد الا بعاد في الزمان والمكان وجوهر الابداع يكمن في ذلك الشعور الخاص الذي ينطلق منه الكاتب او الكاتبة بشكل عام وفي النهاية فإن حصر المبدعات من الكاتبات في هذه الزوية الضيقة المسماه بأدب المرأة هو خسارة كبيرة للأدب.
الطريق الصحيح
وحول المرأة العربية وهل سلكت الطريق الصحيح بابداعها نحو التحرر؟ تحدثت الشاعر ظبيه خميس من الامارات قائلة لا اعتقد هذا وللاسف نجد التيار السائد هو تيار الانبهار بالغرب والدوران في فلك النماذج الغربية المستوردة وهذا لاينطبق على المرأة وحدها وانما على الرجل ايضا فكلاهما يظن انه تحرر ولكن في الوقع لا اعترف بذلك فالتحرر الحادث مجرد قشرة خارجية اذا نزعتها وجدت الجوهر يحمل رواسب متخلفة.
واضافت خميس ان المعوقات التي تقف في سبيل تحرر المرأة تكمن في نظرة الغالبية من الرجال الى المرأة بأنها درجة ثانية او مثل قطعة الاثاث ومهما بدا على السطح من تحرر الرجل العربي إلا أن في اعماقه لايزال يحمل مفاهيم الرجل الشرقي القديم العربي يتعامل مع المرأة كمخلوق أدنى.
واختتمت الندوة كما بدأت بعدم الاتفاق حول مفهوم محدد للادب النسائي او حتى الاتفاق على وجوده او عدم وجوده والقت الشاعرة الفلسطينية سميرة ابو غزالة قصيدة تحيي فيها الانتفاضة الفلسطينية والدماء الذكية التي تسيل على ارض فلسطين والمذابح البشعة التي تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلي.
عثمان انور
|
|
|
|
|