أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 20th April,2001 العدد:10431الطبعةالاولـي الجمعة 26 ,محرم 1422

مقـالات

قراءة في زيارة الأمير نايف إلى إيران
د. عبد العزيز السنبل*
تشكل الاتفاقية الأمنية الموقعة في طهران من قبل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، ونظيره الإيراني عبدالواحد موسوي لاري، حجر الزاوية في الشكل الذي ينبغي ان تكون عليه العلاقة بين المملكة وجمهورية إيران الإسلامية. فهي تؤسس لعهد جديد من الثقة المتبادلة بين البلدين.
وإدراكاً من المسؤولين في الدولتين ان هذه الثقة لا يمكن ان تبنى إلا من خلال القضاء علي كل المخاوف والهواجس الأمنية التي كثيراً ما قوضت كل توجه في هذا المنحى، فقد بادر البلدان الي جعل العلاقة بينهما في كافة المجالات مسبوقة بالمجال الذي يحقق لبقية المجالات عامل النجاح والاستمرارية. انه مجال الأمن الذي هو مجال الثقة والطمأنينة المتبادلة بين البلدين مما يمهد الطريق الى تناول مجالات التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات. والواقع ان تقديم الجانب الأمني على غيره من الجوانب إنما ينبع من نظرة عميقة ورؤية كبيرة لظروف المنطقة لطالما تحلى بها صاحب السمو الملكي الأمير نايف.
ولعل ذلك هو ما جعل سموه يصر على ان تعد الاتفاقية الأمنية بكل عناية ودقة. وعلى نحو يأخذ في الحسبان الحقائق الاجتماعية والجغرافية والتاريخية للبلدين وللمنطقة عموماً. فالكل يعرف انه عندما تقف المملكة العربية السعودية وإيران على تحقيق الأمن بينهما ومن خلالهما للمنطقة، فان جميع الأطراف سيحذون حذوهما. وبما ان البلدين يعرفان جيدا أكثر ملفات الأمن حساسية وأولوية، فإنهما قد ضمنا الوثيقة الأمنية كل هذه الملفات والأولويات، ولذا جاءت بنودها محتوية لأكثر الملفات الأمنية أولوية لا فقط على صعيد العلاقة الثنائية بين البلدين، بل على الصعيد الإقليمي والعالمي. فقد تناولت الوثيقة مسائل أساسية أمنيا كمجال مكافحة الإرهاب، وتهريب المخدرات وغسل الأموال ومراقبة ومتابعة الجريمة بالاضافة الى متابعة كل ما يجد في الأمور الأمنية، من خلال تكثيف اللقاءات والاتصالات الأمنية، ومن خلال فتح القنوات المشتركة بين البلدين.وعندما يتحقق الأمن وتبنى الثقة بين البلدين، فإنه يصبح من السهل انصرافهما الى ميادين التعاون الأخرى اقتصادية كانت أم تجارية ام ثقافية. ولقد كان سمو الأمير نايف واضحاً وصريحاً عندما اشار الى استعداد السعودية للتعاطي مع الجوانب الأخرى باعتبارها رديفة للموضوع الأمني ومحصلة له معبرا عن استعداد المملكة لبحث كل الأمور التي تطرح من طرف الاخوة الإيرانيين.
ولذا جاءت لقاءات سمو الأمير وزير الداخلية في طهران مكثفة ومتعددة مع المسؤولين الإيرانيين، كما كانت احاديثه شاملة لكل اوجه العلاقة بين المملكة وإيران، مع التركيز على مواقع الربط والقوة في هذه العلاقة. ولذا فقد ركز سموه على الروابط الدينية بين البلدين باعتبارهما يشتركان في عقيدة واحدة ويرفعان شعارا واحدا وهو المصلحة الإسلامية العليا مع التركيز على ان المملكة قد شرفها الله بتحمل مسؤولية الحرمين الشريفين والإشراف على سير اداء خامس اركان الإسلام ألا وهو الحج. وهو ما يقتضي اعانتها على اداء هذا الدور، وذلك من خلال تثقيف الحجاج تثقيفاً دينياً صحيحا متماشيا مع الكتاب والسنة، وما أُثر عن الخلفاء الراشدين والتابعين لهم، بحيث يلتزم الحاج بفريضة الحج في حدودها الشرعية دون زيادة او نقصان.
وركز سموه ايضاً على انه على المؤسسات الإعلامية والثقافية مسؤولية كبيرة في التعريف بالثقافة في كل بلد. فالثقافة والفكر لهما أثرهما الفاعل في جمع كلمة المسلمين وإزالة الكثير من التباين في وجهات النظر. والواقع ان التفحص العميق للاتفاقية الأمنية الموقعة بين المملكة وجمهورية إيران الإسلامية، تؤدي بالملاحظ الى ان يستخلص أهم الأهداف التي ترمي اليها.
إنها تؤسس لعهد جديد من الثقة والتفاهم بين دولتين جارتين تحملان هما مشتركاً وهو الرفع من مستوى مكانة المسلمين وصون حقوقهم اقليميا وعالمياً. وتوطيد الاستقرار والأمن في منطقة الخليج التي عرفت عقدين من عدم الاستقرار الناتج عن حربين متتاليتين مع إعادة بناء الثقة بين دول المنطقة، وهو ما سيساعدها علي حل مشاكلها في إطار ودي وسلمي ومن خلال الحوار، الأمر الذي يسمح بالتفرغ الى صرف الجهود في خدمة مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعوب، وهو ما يخدم رخاء المنطقة وشعوبها بعيدا عن شبح الخوف والتوجس الدائم من المجهول، ووصولا الى تحقيق التكامل والتبادل الاقتصادي بين دول المنطقة في كافة المجالات خاصة أمام تنامي مفعول العولمة والتكتلات الاقتصادية العالمية.
والواقع ان هذه الأهداف قد أشار اليها صاحب السمو الملكي الأمير نايف وزير الداخلية ببعد نظره المعهود في إطار أحاديثه مع المسؤولين الإيرانيين وهو بذلك إنما يكرس مرامي المرجعية السياسية للمملكة التي ظل خادم الحرمين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - يؤكدها، هو وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وكذلك صاحب السمو الملكي النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وذلك في إطار مرجعية سياسية عريقة وثابتة سار عليها الملوك السعوديون من عهد المغفور له الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وهي المرجعية المستندة الى أحكام الشرع الإسلامي وقيمه السمحة الداعية الى التكاتف والتعاضد بين المسلمين واحترام الجوار والقيام بحقوقه الجمة.وإذا كانت بعض العوارض الخارجة عن ارادة الدولتين قد حالت دون توطيد العلاقة بين المملكة وإيران، فان الظروف الآن قد نضجت لتحسين هذه العلاقة وتوظيفها من اجل خدمة المستقبل.
وقد عبر سمو وزير الداخلية بكل صراحة عن ذلك عندما قال: نحن نشعر وأعتقد أنكم تشاركوننا الشعور، انه مضى وقت كان يجب ان يوظف لخدمة أهل البلدين ولكن العبرة في الحاضر. وهكذا يتجلى لنا مدى ادراك البلدين لأهمية ما فات، لكن ذلك انما يحفزهما أكثر لخدمة الحاضر والمستقبل.
* نائب مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved