| العالم اليوم
* بيروت رويترز:
^^^^^^^^^^^
في الوقت الذي تخيم فيه سحب المواجهة العسكرية على الشرق الأوسط يواجه الرئيس السوري الشاب بشار الأسد اختبارا دقيقا في معالجة أزمة قد تؤثر على مصالح سوريا ومركزها في المنطقة.
^^^^^^^^^^^
ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون من خلال ضرب موقع رادار متقدم للقوات السورية في لبنان تحذيرا لا يبشر بخير بأنه مستعد للمخاطرة بخوض حرب مع سوريا لوقف هجمات حزب الله على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وقال دبلوماسيون أوروبيون: ان إسرائيل أرسلت تحذيرات صريحة إلى الأسد من خلال وسطاء أوروبيين وأمريكيين منذ تولي شارون السلطة من أنها لن تقبل مزيدا من هجمات حزب الله وستجعل سوريا «تدفع الثمن» لأي هجوم جديد.
لكن الدبلوماسيين الأوروبيين أضافوا ان الأسد لم يبد منذ توليه السلطة عقب وفاة والده الرئيس الراحل حافظ الأسد في يوليو تموز العام الماضي قلقا من خطر ان تؤدي عمليات حزب الله إلى تصعيد للموقف.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية بإحدى دول أوروبا الغربية «إما انه لا يدرك الوضع جيدا واما انه يصدق فعلا ما يقوله في أحاديثه الشخصية من ان إسرائيل نمر من ورق».
لكن هل يقدم الأسد الآن على الحد من نشاط حزب الله الذي مازال يحارب إسرائيل عدو بلاده.. يعتقد المحللون: انه ليس من مصلحة سوريا العمل على الحد من نشاط الجماعة التي تعتبرها دمشق رصيدا مهما في حربها غير المباشرة مع إسرائيل لاستعادة مرتفعات الجولان السورية المحتلة من إسرائيل.
كما يشكون في أن تدخل سوريا يوما في مواجهة مع حزب الله الذي وضع مقاوموه في مايو ايار الماضي نهاية للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بعد ان دام 22عاما.
ويقول المحللون: ان حزب الله يتمتع الآن بمكانة في شتى أنحاء العالم العربي لا تستطيع حتى دمشق تجاهلها بعد ان أنزل تلك الهزيمة العسكرية بإسرائيل.
ويضيفون ان تصاعد واتساع نطاق المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين في الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة يزيدان من صعوبة السيطرة على حزب الله ان شاءت سوريا ان تلجأ إلى هذا الخيار.
وكان حزب الله صعد هجماته في منطقة مزارع شبعا اللبنانية الحدودية منذ تفجر الانتفاضة الفلسطينية وأسر ثلاثة جنود إسرائيليين وقتل ثلاثة آخرين كان آخرهم يوم السبت الماضى.
ونفذت إسرائيل يوم الاثنين الماضي تهديدها من خلال تدمير محطة رادار سورية في لبنان في هجوم قتل فيه ثلاثة جنود سوريين وأصيب ستة آخرون وكان أخطر هجوم إسرائيلي على مواقع سورية في لبنان منذ الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.
غير انه من المتوقع ان يقف بشار بجوار حلفائه في لبنان.
كما ان الرئيس بشار ما زال ملتزما بالركيزة الأساسية لسياسة والده وهي استعادة كل شبر من مرتفعات الجولان.
ويقولون: انه لا يلحظ تغير يذكر في رد الفعل إزاء الأحداث أو في لغة التصريحات الصادرة من دمشق والأسلوب الدبلوماسي الذي يتسم بالحذر والحزم في آن واحد. ويتفق رد فعل سوريا حتى الآن مع ما هو متوقع منها.
وكانت التصريحات السورية في البداية شديدة اللهجة. وهو ما يرى المحللون ان الهدف منه هو حشد الدعم العربي ثم تعقب ذللك موجة من النشاط الدبلوماسي وربما وساطة أوروبية.
كما عبأت دمشق حلفاءها في لبنان ووضعت قواتها هناك في حالة تأهب قصوى.
وقال المحللون: ان الواضح هو ان محور تركيز سياسة بشار هو تعزيز قبضته داخليا. ويضيفون ان الأقل وضوحا هو مقدار ما يتمتع به بشار )35 عاما( من سلطة في سوريا التي شهدت في عهده بعض الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي سرعان ما توارت وراء عودة هيمنة الحرس القديم.
ويضربون على ذلك مثلا بكلمته في مؤتمر القمة العربي في القاهرة في نوفمبر تشرين الثاني التي اتسمت بالانتقاد المعتاد لإسرائيل ثم كلمته في القمة العربية في عمان الشهر الماضي حيث اصبحت لهجته أكثر تشددا ووصف الإسرائيليين بأنهم «أكثر عنصرية من النازيين».
وقال فيليب روبنز وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية سان انطوني بجامعة اكسفورد ان قلة خبرة الأسد واعتماده على مستشاري والده المتشددين يتبديان في معالجته للموقف من اسرائيل.
وأضاف لرويترز «يدهشني مدى استعداده لتصعيد اللهجة المعادية لإسرائيل دون محاولة التصدي لاحتمال خروج الأمور من نطاق السيطرة».
وتابع «ربما يذكرنا ذلك بحداثة خبرته لكن ترى أي نصيحة يلقى من مجموعة صغيرة من المسؤولين السوريين المحنكين الذين لم يكن تقديرهم سليما دائما في الماضي».
إلا ان بعض المحللين يعتقدون ان الغارة الجوية الإسرائيلية جاءت في وقتها بالنسبة لسوريا.
فقد ازاحت الجدال الذي دار في لبنان في الأسابيع الأخيرة حول الوجود السوري إلى خلفية الصورة ووضعت في مقدمتها التضامن العربي مع دمشق.
ومازال الدعم السوري حيويا بالنسبة لحزب الله وقد كانت سوريا لسنوات كثيرة طريقا لإمداد الجماعة بالأسلحة من إيران.
والعلاقة بين الجانبين متشابكة. فقد أخذ حزب الله زمام المبادرة في الدفاع عن الوجود العسكري السوري في لبنان بعد حملة المسيحيين والدروز الأخيرة للمطالبة بخروج قواتها من لبنان.
لكن كل ذلك لا يعني ان تسمح دمشق لنفسها بأن تستدرج إلى مواجهة. ويقول المحللون: ان سوريا ستنتظر ان تهدئ الدبلوماسية الوضع.وقال دبلوماسي: «المسألة هي ما إذا كانت سوريا ستأخذ التهديدات الإسرائيلية بالانتقام بجدية أكبر بعد ان أظهر شارون الذي قاد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 لضرب المقاومة الفلسطينية انه جاد في تنفيذها».
|
|
|
|
|