أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th April,2001 العدد:10430الطبعةالاولـي الخميس 25 ,محرم 1422

العالم اليوم

الجزيرة تنشر مآسي الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي
سقط عياد وهو يحمل بطاقته الخضراء
استشهد برصاصة في الرأس بعد 19 عاماً من إصابة مماثلة في زنازين الاحتلال
* رام الله نائل نخلة:
^^^^^^^^^^^
) لم يقتلوه في عام 82، حينما وجه ضابط المخابرات الاسرائيلي ضربة قاصمة على رأس أخي، ولكنهم قتلوه بعد 19 عاما برصاصة 500 ملم فتت رأسه( هذا ما قاله جاسر عياد شقيق الشهيد تيسير عياد من مدينة بيتونيا الذي وجد بجانب إحدى الطرق الالتفافية من الجهة الجنوبية للمدينة حيث يقع اكبر معسكر للجيش الاسرائيلي هناك والمعروف باسم )معسكر عوفر( الذي حول مياه المواطنين القاطنين على مقربة منه الى جحيم بفعل القذائف والطلقات النارية التي تتعرض لها منازلهم يوميا.
^^^^^^^^^^^
ولكن جنود الاحتلال كان لهم رأي آخر عندما وضعوا حداً لحياته اثناء توجهه لمنطقة اعتاد الذهاب لانتظار والده عندما يكون عائدا مع اغنامه.
وتم العثور على جثة الشهيد عياد بعد منتصف الليل في مكان بعيد عن منطقة الاشتباكات التي دارت بين قوات الامن الفلسطيني والقوات الاسرائيلية المرابطة في المعسكر المذكور.
ويقول الاهالي هناك اننا تعودنا على صوت الرصاص الذي يكاد يكون شبه ليلي تدور اشتباكات مسلحة قريبة من المكان يكون مصدرها معسكر عوفر القريب من منازلنا ولكن يبدو ان طلقات الرشاش ال500 التي سمعها السكان في تلك الليلة كانت تسير باتجاه هدف جديد وهذه المرة اختارت رأس الشاب تيسير ليلقى حتفه على الفور.
جاسر شقيق الشهيد الذي قال البعض عنه انه يعاني من مشاكل عقلية يؤكد انه غير ذلك تماماً، انه ذكي جدا، ولم يكن في يوم من الايام مختلا. بل اليهود هم الذين ارادوا جعله مجنوناً وهكذا دائما يفعلون بكل الشباب الذين يرفضون لابتزازهم او التعاون معهم.
اهل الشهيد يتذكرون اليوم تيسير، تيسير الشاب الوسيم، الذي كان يهتم بمنظره كثيرا ويلبس افضل الثياب وتكون رائحته تفوح بانواع مختلفة من العطور حيث كان يثير حذق اصحابه ويسألونه من أين يأتي بهذه الملابس، يتذكرون ذلك اليوم في شهر ايلول من عام 82 بينما كان شارون يقصف بيروت بالمدافع والدبابات التي لم يفصلها عن قلب عاصمة دولة عربية سوى امتار.
كل ذلك كان يثير الحماس والوطنية في نفس تيسير حيث كان وقتها طالباً في كلية الهندسة بجامعة بيرزيت التي كانت ومازالت قلعة فشل الاحتلال من النيل منها، ويسعى الى تنظيم مظاهرات ودعوة المحلات الى الاضراب والقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على مركز الشرطة الاسرائيلية في وسط مدينة رام الله احتجاجاً ورفضا للعدوان الاسرائيلي على بيروت والمقاومة الفلسطينية هناك، ويقول أحد اشقائه لقد كان شعلة من النشاط، تجده يحرض أصدقاءه وابناء حارته على اليهود، لقد كان شجاعا جدا، ولم يكن يخشى من الجيش بعكس كل ابناء جيله.
ويتحدث جاسر شقيق الشهيد عن ذكريات الاعتقال الذي تعرض له شقيقهم كنا متأكدين انه سيعتقل بسبب نشاطه واندفاعه، لم يكن احد منا قادراً على السيطرة على مشاعره واحاسيسه، وبالفعل قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي اقتحمت بيتنا في منتصف الليل وعندما دخلت المنزل تماماً كما تخوض معركة مع عدو في جبهة قتال مفتوحة، لقد دمروا كل الاثاث، اخرجونا من المنزل بما فيهم الاطفال والنساء.
ويتابع )اصيب أخي برصاصة في فخذه اثناء محاولته الفرار من الجيش، لكنه لم يستطع فقد كانت جميع المنطقة محاصرة، لقد انهالوا عليه بالضرب بالرغم من اصابته امام اعيننا، لقد كان يصرخ من شدة الألم خاصة ان مكان الاصابة صعب جداً(.
ومكث شهيدنا في المسلخ الاسرائيلي اكثر من شهرين تعرض خلالها الى ابشع انواع التعذيب، لم يكتف ضباط المخابرات )الشاباك( بالاصابة التي كان يعاني منها لقلة العناية ورفض المخابرات تقديم العلاج له، بل كانوا يضربونه على الجرح إمعاناً في الوحشية والتعذيب.
ويواصل شقيقه الحديث الذي بدا على وجهه الارهاق والتعب بعد ليلة لم ينم فيها لقد كانت الضربة القاتلة، وجهها ضابط المخابرات وعن قصد نحو رأس أخي بأداة حادة في يده حيث اثار صموده في التحقيق غضب المخابرات ويبدو انهم قرروا التخلص منه الى الابد عندما تعمدوا توجيه الضربات على الرأس بصورة مباشرة لتكون النتيجة انه يخرج من السجن بعد قضاء ثلاث سنوات ونصف متنقلا بين السجون وهو يعاني من مشاكل نفسية اخبرنا الاطباء ان سببها الرئيسي الضربات على الرأس حيث افقدته القدرة على التركيز واضعفت ذاكرته وتسببت له بانطوائية وانعزال عن العالم الخارجي.
انهم وحوش قذرة لا ترحم، ينظرون الى الشعب الفلسطيني على انه لا يستحق الحياة، فبعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والقهر والسجن الذي تعرض لها تيسير لاحقه الاسرائيليون وهو خارج السجن، طاردوه الى افضل مكان كان يحب تيسير ان يجلس فيه، لا احد يعرف ماذا كان يعفل هناك او فيما هو غارق في التفكير، شارد الذهن لساعات طويلة.
يجلس يومياً على تلة مجاورة للمعسكر الاسرائيلي، يسرح بناظريه الى شجر الزيتون واللوز وكروم العنب، يطل من هناك على مشارف القدس التي حلم بزيارتها منذ عشرين سنة بعد ان منعته المخابرات الاسرائيلية من دخولها واعطي هوية خضراء مكتوباً عليها يمنع حامل هذه البطاقة من الدخول الى اسرائيل وحتى لم يسمح له الخروج من رام الله.
وانني متأكد يقول احد اقاربه ان الجيش الاسرائيلي يعرفونه تماما فهو معتاد على المرور من هناك بشكل يومي، ولكنهم ارادوا قتله.
مازالت صورة شهادات التقدير مكانها، تتأرجح في صالون العائلة الذي فتح ليستقبل المعزين تبحث عن صاحبها، تيسير الذي كان يوما من الايام متفوقا، يحصل على درجات الامتياز وشهادات التقدير وعبارات الاطراء من مدرسيه واساتذته على ذكائه وتفوقه في المدرسة والجامعة التي لم يبق على تخرجه منها قبيل اعتقاله عام 82 سوى فصلين دراسيين ليكون اول مهندس للعائلة ولكن لم يحدث هذا.
فالاحتلال الذي سرق حلم الهندسة من عيون والدي تيسير عندما اعتقلوه عام 82 وسحبوه على الارض امام اعينهم وهو مصاب وينزف دما.. هونفسه الاحتلال بعد عشرين سنة غيب تيسير الشهيد مع وقف التنفيذ.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved