| عزيزتـي الجزيرة
اكثر من خمسين عاماً والجرح ينزف وما زال الجسم على قيد الحياة الا انه ذبل ونحل، ومرض ومزقت اوصاله، فادخل جميع مصحات العالم طلباً للشفاء فلم يتوصل الى هذه اللحظة الى وصفة شافية لهذا الجرح، ولا نعلم هل الخلل في الطبيب المعالج ام في هذا الجسم الجريح..؟
فالمتتبع لقضية فلسطين منذ سنة 1948م والامور تجري بعكس اتجاه النهر، فقوة العدو وسيطرته وتمكنه في تصاعد، والقضية في هبوط مستمر والسبب والعلم عند الله ان الادوات المستخدمة هي نفسها ا لتي ادت ا لى التمزق الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً في قضية ما من ناحية المدة الزمنية وطريق تعامل قوى العالم معها.
اذاً هذا سؤال منطقي يلقيه احد الاطفال الذين مزقت الحجارة اكفهم، ونسوا طفولتهم وشبوا على ملحمة «فدائيون حتى النصر» الى متى..؟ واين نجد الحل..؟
ولكن قبل الاجابة هل وصلنا الى درجة القناعة التامة الى ان الطريق الذي نسلكه في حل القضية خاطئ ام لا..؟ فلهذا اهمية كبيرة جداً، فمهما اوجدنا من حلول وصاحب المشكلة ليس لديه قناعة بهذا فستذهب حلولنا ادراج الرياح، كما ذهبت وعود السلام ادراج الاعاصير والخداع، هذا اولاً.
ثانياً: هل لدينا الرغبة الصادقة في الوصول الى الحل النهائي مهما كلف الامر؟-اعتقد انها موجودة ان شاء الله - فان الاجابة عن هذه الاسئلة ستسير في الطريق المؤدي الى ساحة الحل باذن الله تعالى، لان الطريق الذي سلكناه طيلة الخمسين عاماً اوصلنا الى ما نحن فيه فصار حالنا مع يهود مثل من يسير خلف رجل لا يريد ان يلتفت اليه مع صلف وتكبر، فاليهود قد صموا آذانهم وعيونهم وقلوبهم وابوابهم ونحن ما زلنا نقف خلف الاسوار نتمنى ان..
قد جُرِّب مع اليهود جميع الحلول وكلها وصلت الى ساحة الفشل، وتأمل الحال هذه الايام مع هذا الحمل الوديع الذي يذرف الدمع حزناً، عندما قذف به موج الحقد الدفين بعدما اعتلى كرسي الحكم، لينفث سمه علينا نحن الذين نملك قنابل الحجارة والزجاجات الفارغة، وذهب الى حامي حمى الديموقراطية يقول هذه يدي ويطلب المزيد ويقول لن افتح عيني وقلبي، واوقف القذائف الحارقة والهجوم بالصواريخ حتى يقف هؤلاء الاطفال عن اللعب بالحجارة.
اي مفارقة..؟!
من المعلوم ان كثيراً من الدول تنفق الاموال الطائلة في اجراء الدراسات الاستراتيجية لمعرفة عدوها، لوضع الخطط وفق هذه الدراسة.
فحري بنا قبل ان نقف على مشارف الطريق المؤدي الى الحل ان نتعرف على ماهية ونوعية وطريقة تفكير ومطامع عدونا حسبما جاء من عند الخالق سبحانه، لنعرف من نحارب ومن نتعامل معه.
* نوعيتهم قال تعالى: )ويسعون في الارض فساداً والله لا يحب المفسدين( )المائدة/64(.
* اما سلوكهم في العهود: )او كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم، بل اكثرهم لا يؤمنون( )البقرة/100(.
* علاقاتهم مع بعضهم: )لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة او من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون( )الحشر/14(.
* شجاعتهم المزيفة: )لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون( )الحشر/13(.
* مبادئهم وحبهم للبقاء: )ولتجدنَّهم أحرص الناس على حياة ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يُعَمَّر الف سنة وماهو بمزحزحه من العذاب ان يُعَمَّر والله بصير بما يعملون( )البقرة/96(.
* ماذا يريدون بالفعل: )ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير( )البقرة/120(.
هذه بعض من طباعهم، فهم شرذمة نفخ الشيطان صورهم عند ذواتهم، وسول لهم، فصدقوا وانطلت حيلته عليهم حيث اوهمهم بأنهم شعب الله المختار وان لون الدم الذي يجري في عروقهم مختلف عن بقية دماء )الامميين( )نحن ابناء الله واحباؤه( )وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هوداً او نصارى، تلك امانيهم، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين( )البقرة/111(، وقد اصابهم الهوس والغرور والتعالي فاباحوا لانفسهم انتهاك جميع الاعراف والمواثيق واقتحموا كل الاسوار الا مع بني جنسهم اما ما عداهم فلهم الحق في استعبادهم بما في ذلك النصارى، وتأمل حال بابا الفاتيكان ذلك العجوز الطاعن في السن كيف قسم الهبات وصكوك الغفران على يهود في تلك الزيارة.
هؤلاء القوم لديهم قاعدة تقول بأن الغاية تبرر الوسيلة، فلديهم وهم منذ )2000( سنة بأنهم اسياد العالم، هكذا صدقوا اراجيف وزيف الشيطان، لذلك يجب ان يصلوا الى هذا الهدف، ولا يهم الطريق الذي سيسلكونه بالقتل لا يهم، بالمال فليكن، بالجنس يبذل، يقول د. اوسكار ليفي وهو احد منظريهم: نحن اليهود لسنا الا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاديه، فلا تستغرب اذا لم يسمحوا بترك مساحة قليلة من الارض بعدما انقطعت الانفاس خلفهم من اللهاث، مع انهم يحيطون بها من جميع الجهات، ورغم ذلك نجدهم كل يوم في مسرحية جديدة من الاعتداء حتى على الرموز التي مدت يدها طلباً للسلام الذي جعلته خياراً استراتيجياً، ناهيك عن الاعتداء على الاولاد الاشقياء وامهاتهم اللاتي لم يحسنّ تأديبهم لانهم يلعبون بالحجارة وسط الشارع فيعيقون سير الدبابات والمجنزرات التي تؤدي مهمتها في حماية الذئاب من ان تعتدي عليها الخراف الصغيرة.
العدو قد عرف من هو، فقد عراهم خالقهم من خلال النصوص القرآنية الثابتة والقطعية الدلالة، والمطابقة لواقعهم، ولكن مع الالم لم نتأمل هذه الحقائق التي ذكرها القرآن الكريم وهي حقائق بالغة الدقة والوصف، مع اعطاء الحلول ذات النتائج المضمونة والاكيدة، مع العلم ان جميع الحلول قد جربت الا هذا الحل، والقضية لن تحل الا عبر هذا الطريق فبدونه لن تنتصر القضية فهو الخيار الاستراتيجي، وهو خيار الاسلام الصحيح، فالقضية ليست القضية الفلسطينية، بل القضية الاسلامية، لان القدس والمسجد الاقصى اسلاميان، بل هو القبلة الاولى، فالامة الاسلامية مسؤولة عن هذه القضية ولك ان تتأمل براعة اليهود في التعتيم على هذه الزاوية وابعادها عن هذه القضية وهي قضية الصراع العربي الاسرائيلي، ابعدوا الاسلام وابقوا هويتهم، فماذا لو كان الاسم قضية الصراع الاسلامي الاسرائيلي؟ او الصراع الاسلامي اليهودي؟ فلماذا لا تكون القضية بهذا الشكل، ولماذا لا يكون الاسلام هو الخيار الاستراتيجي؟ وليس شعاراً يرفع لزوم المرحلة وحسب الحاجة، كما رفعه بعضهم وانكشف زيفه، فالمتاجرة الرخيصة تنكشف مع الايام.. فسبحان من يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور.
فيا امتي لا خيار لك الا بالاسلام ولا عزة لك الا بتطبيق الاسلام، والقضية الفلسطينية، لم ولن تنتصر حتى يكون الاسلام هو الشعار بمعناه الصحيح، فالامل لم يغب بعد.. واليأس لم يطل برأسه بعد فالامة ولودة.. والنصر يمر بطريق الصبر.. لكن نحن بحاجة الى فترة هدوء لالتقاط الانفاس، وتقييم الواقع للانطلاق للمستقبل.
)ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز(.
عبدالله العيادة ـ بريدة
|
|
|
|
|