|
| محليــات
بين فترة وأخرى أحرص على زيارة مجلس سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبد العزيز- حفظه الله من كل سوء- لأداء واجب السلام على سموه الكريم ولتهنئته في مناسبات ومواسم الخير والسرور، وفي هذا المجلس- الذي يفتتح بتلاوة آيات من الذكر الحكيم مع شرحها وتفسيرها- يجتمع الناس فيه من جميع الفئات وشتى الطبقات على تنوعها وتفاوتها، فترى فيه الغني والفقير والصغير والكبير والمواطن والمقيم والغريب والمنقطع والمدني والقروي كلهم واثقون بالله تبارك وتعالى ثم في سموه الكريم؛ فهذا يشكو لسموه مسؤولاً، وذاك عاجز أو مريض يأمل في سموه بعد الله رعايته وعلاجه ورفع معاناته، وآخر ضعيف وصاحب حاجة ضاقت به الحيل وانقطعت به السبل وسدت في وجهه الأبواب يلتمس تفريج كربته وقضاء حاجته بما يحفظ له ولأبنائه حياة كريمة تغنيهم عن السؤال، وسموه الكريم للجميع مستجيب، يصغي إليهم ويتفهم مشكلاتهم ويعايش قضاياهم ويلبي حاجاتهم في تواضع جم ووجه طلق بشوش وصدر رحب وقلب حانٍ بلا كلل أو ملل، لا يفوته موطن من مواطن الاحسان ولا يدّخر شيئاً كان فِعله بالامكان. تتدفق تلك الجموع الغفيرة من الناس إلى مجلسه العامر وهم يحملون جبالاً من الهموم ومتاعب ومصاعب الحياة ويخرجون منه وقد أطمأنت نفوسهم وطابت خواطرهم وانفرجت سرائرهم.
جاءه في مجلسه - يحفظه الله - شيخ كفيف البصر يشكي ويبكي بسبب نازلة حلت بأحد أبنائه، وفي لفتة كريمة هدأ سموه الكريم من روعه وبشره بانفراج محنته وانتهاء معاناته واستجاب لطلبه دون تردد، فقام هذا الشيخ المسن من كرسيه بعد ما فرغ من حديثه مع سمو ولي العهد متجهاً مع مرافقه إلى مكانه في المجلس وهو يدعو الله جلت قدرته للأمير عبدالله بصوت مسموع تشعر بالصدق فيه في مشهد مؤثر للغاية خنقتني العبرة فيه كثيراً. وهذا شاب صغير لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره تقريباً جلس بمفرده يحدث الأمير عبدالله عن أمر يخصه وسموه الكريم ينصت إليه باهتمام ومحققاً له رغبته على الفور ومن ثم قبله على خديه في لفتة أبوية حانية ودعا له بالصلاح.
إنها مشاهد مؤثرة وصور معبرة ومواقف إنسانية رائعة بمعنى الكلمة ويسير من كثير شهد بها القاصي والداني لا يستوفي حقها مقال أو حتى كتاب، مكتفياً بالقول إن من يحضر مجلس سمو ولي العهد- حفظه الله - يدرك غاية الإدراك أن هذا المجلس رحمة من الله للعباد سخره لهم تبارك وتعالى لتقضى فيه مصالحهم وتحل فيه مشاكلهم. اسألوا الأمراء والوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية والمسؤولين، اسألوهم كم من توجيهات كريمة من سموه الكريم لما فيه خير وصلاح المواطن وصلتهم؟وكم من خطابات وتوصيات منه- حفظه الله - لمنفعة الخلق بلغتهم؟
اسألوهم كم من مواطن ومقيم عولج من مرضه على نفقة سموه؟ وكم من صاحب حق ومظلوم انتصر له سموه وأعاد إليه حقه المسلوب منه؟
ومما لا شك فيه إن مجلس سمو ولي العهد ومجلس سمو النائب الثاني حفظهما الله وقبلهما مجلس ولي أمر المسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - أمد الله تعالى في عمره- ما هي إلا أنموذج فقط لمجالس أخرى مماثلة في بلادنا الغالية فرضها عليها إيمانها والتزامها بدينها الإسلامي الحنيف عقيدة ومنهاجاً ودستوراً نهديها بملء السمع والبصر ونقدمها بشواهدها وحقائقها وصورها إلى دعاة الحرية والعدالة والديموقراطية وإلى المنظمات المتباكية على حقوق الإنسان وكرامته وأيضا إلى تلك الأصوات المأجورة والمشبوهة التي غاضها كثيراً بلا أدنى حياء أو خجل ما تنعم فيه بلادنا- ولله الحمد والمنة- من حفظ للحقوق وإقامة الحدود وسهولة الاتصال والتواصل بين الحاكم والمحكوم. يحدثني أخ مصري مقيم في المملكة- ذهب إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مجلسه المفتوح في إمارة منطقة الرياض ليعرض على سموه مشكلة معقدة عانى منها كثيراً بعد أن تردد في ذلك- يقول لي أخذتني الدهشة وتملكني العجب واستعظمت كثيراً ما رأيت؛ فالأمير الذي ذاع صيته وله هيبته ومنزلته وقدره يجلس وسط الناس باختلاف أجناسهم ولغاتهم، ينظر في طلباتهم ويسمع منهم على كثرتهم ويحل مشكلاتهم.
إنها مجالس مشرعة الأبواب بداخلها قلوب مرحبة وصدور مفتوحة وأذان صاغية لا تكل من فعل الخير ولاتمل تنتظر فقط زوارها ومرتاديها أياً كان جنسهم أو لونهم. إنها واقع معاش وملموس وليست مجرد كلام يقال أو أحاديث تروى وسنة حميدة سنها المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز- رحمه الله رحمة واسعة - من النادر جداً أن تجد لها شبيه أو مثيل في أي دولة أو قارة أو أن تكون على أقل تقدير بنفس تلك الخصوصية المتميزة فلك اللهم كل الحمد والشكر.
طالب دراسات عليا في قسم العلوم الإدارية بأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية
|
|
|
|
|
