| الثقافية
)3( زواج المتعة..
لا أدري لماذا يسمون الزواج العُرفي زواج المتعة، هل يقصدون أن الزواج الرئيسي أو الشرعي أقل متعة )مثلاً(، مع أن بعض المذاهب شرّعت الزواجين، فكرت في هذا الموضوع بعد أن وضعت لهذه الزاوية عنواناً فرعياً مبدئياً هو: «تزاوج أقل عرفية»، وكنت أقصد هذا التزاوج بيني وبين الكتابة، إذ ليس هناك في حياتي أشد تزاوجاً مابين حريتي الشخصية والكتابة، كنت أقول دائماً أن هذا التزاوج الحلال يسبب لي الكثير من المتاعب والكثير من المتعة أيضاً، وهذا الزواج أو التزاوج أجد دائماً أنه بحاجة إلى رعايتي وإلا فإنه سوف يتحول إلى زواج متعة مؤقت، لكن متطلبات الوظيفة والمسؤوليات الأخرى تجعلني أُهمل هذا الزواج الذي تربى في حضني، ثم أبدأ في الخوف من حدوث الطلاق وبالتالي فقداني طريق بدأت تتضح معالمه منذ )20( عاماً والخوف أيضاً من دخول طريق آخر لا أعرف هويته، وقد حدث هذا بالفعل في بداية حياتي الصحيفة والأدبية حين رميت خلف ظهري كل مايمت لعالم الأدب والصحافة بصلة، وركضت وراء زواج واحد هو حريتي الشخصية فتحولت من كاتب وصحفي مبتدئ يدّعي الثقافة، إلى شاب أعطى مراهقته ونزقه فرصة، وأصبح بلا مكان محدد في هذا العالم، أنام عند صديق ليلة ثم أهرب إلى صديق آخر ومكان آخر، نسهر الليل وننام النهار، وفي مواسم الصيف نسافر إلى بلاد الله الواسعة بالقليل من المال والكثير من )الحب(!! وشجن الروح، لم يكن )الريال( يمثل لنا مالاً علينا التفكير فيه من أجل المستقبل، كان )ورقة( نحصل بها على وقود الحياة من أجل أن نواصل مشوار شجن الروح، لكني - وسط هذه السياحة المتواصلة مع الأصدقاء - وكنت في المرحلة الثانوية من الدراسة، أفكر أو أهجس قليلاً - قبل النوم غالباً - بالحكايات التي سمعتها صغيراً من الجدات، وبعض القصص المؤثرة التي قرأتها في بعض الصحف والمجلات وكنت أحتفظ بها، كما كنت أحتفظ بالقصة الأولى التي كتبتها وأرسلتها للاستاذ حمد القاضي رئيس القسم الثقافي بجريدة الجزيرة في ذلك الوقت وكان قد كتب عنها ملاحظات مشجعة من نوع موهبة بحاجة )للصقل( وربما يقصد للممارسة والقراءة الدائمة، وكانت هذه القصة، أو قصة المرحلة المتوسطة البداية الفعلية للتواصل مع عالم الصحافة لكنها ما لبثت أن انقطعت لأسباب كثيرة أولها الولع بحياة الأصدقاء والحرية والسفر، إذ كنت أرى في الجلوس للكتابة قيداً في ذلك الوقت.
كانت تلك هواجس قبل النوم وسط عاصفة من الحياة الجديدة التي كانت تهب علينا من كل الجهات، وكانت تنذر ببداية الطفرة الاقتصادية التي حطت أوزارها نهاية الثمانينات الميلادية تقريباً، كل شيء في تلك الفترة تخلخلت أركانه وبدأ غبار الركض في كل الأنحاء يُغطي على كل شيء. وأنا من جهتي كنت غسلت الروح من رغبات التسكع وعدم الاستقرار في المكان والركض مع الأصدقاء بكل تلك الأحلام العظيمة بعد خمس سنوات من تجربة لاتُنسى كان أبرز خطوطها السفر إلى مدن الوطن وإلى القاهرة ودبي والكويت والبصرة ولندن حتى عام 1403ه بداية الاستقرار على المستوى الشخصي والحركة على المستوى الاجتماعي على أثر حركة الطفرة الاقتصادية التي أجّجت المشاريع التجارية والعقارية وكان من آثارها توسع المدن وسطوع ضوء البنوك، وهذا ماجعل الكثير من أفراد المجتمع يمشون إلى اتجاهات متعددة في وقت واحد رغبة في الكسب السريع واغتنام مايمكن اغتنامه من تلك الفوضى المنظمة.
منذ عام 1398ه وحتى عام 1403ه، كانت حياة مراهقة لكنها عامرة وغنية ومؤلمة ومرحة وعذبة وساحرة سوف يكون لأحداثها الهامة حروف قادمة في هذه الزاوية، ليست سيرة ذاتية لكن كتابة أخرى تحاول قراءة بعض تلك الفصول التي كانت على اثر واقع اجتماعي مختلف قليلاً عن واقعنا هذا اليوم.
فاصلة: )ملاحظة(
في الأسبوع الماضي تحدثنا عن قضايا كثيرة تستحق الكتابة وذكرنا الحب والعمل والفقر والغنى والكرم.. ثم البخل والغيرة، التي قلنا إنهما صفتان بارزتان في الإنسان في كل مجتمع، ولانريد التأكيد ان الكتابة كانت بشكل عام، كما أننا لانريد الاعتذار من البخلاء والغيورين، إلا إذا اعتذر الجاحظ عن كتابه الطريف والأديب في آن واحد «البخلاء» كما أن هناك فرقاً بين الرجل البخيل والرجل الاقتصادي، أليس كذلك، ولكن المهم هو )معدن( هذا الرجل.
الاسبوع القادم بقية كتابة أخرى.. عن زواج المتعة والزواج )الحلال(!! وآمل اننا لانقصد في هذا الموضوع أحداً بعينه!!.
|
|
|
|
|