أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 18th April,2001 العدد:10429الطبعةالاولـي الاربعاء 24 ,محرم 1422

محليــات

مستعجل
أنت تجمع الفلوس لغيرك، ، !
عبدالرحمن السماري
هناك من يسعى وراء جمع الأموال بطريقة بشعة،
حياته كلها أرقام وفلوس ومضاربات وشراء وبيع حتى ولو كان رأس ماله بسيطا، ، لكنه يحول كل دقيقة في حياته للبيع والشراء، ، وينسى كل شيء غيره، ،
يضيع بيته وأولاده، ، ويضيع نفسه ويهمل صحته، ويهمل كل شيء ما عدا «الدراهم»،
تجده يتجول من مكتب عقار الى آخر، ، ومن شاشة أسهم الى أخرى، ، وإذا ما سمع عن أي مشروع تجاري «طار» وكان هناك حتى ولو بالحضور بل ربما جلس يوما أو أياماً في محاولة لكسب المزيد من المعلومات أو إجراء بعض الصفقات الصغيرة، ، ومع ذلك، فحياته كلها فلوس في فلوس وبس، ،
مثل هذا الشخص، ، لا يهدأ ولا يهنأ ولا يرتاح، ،
هو في قلق دائم ومستمر، ، وهو في هم وضجر،
ضغطه مرتفع للغاية، ، والدنيا حوله مسودة وكئيبة، ،
إذا سمع بصفقة أو مبلغ كبير من المال، ، أو عن أي تجارة، ، زاد قلقه، ، وزاد همه، ، وزاد خوفه، ، وزاد التهاب القولون، ، و «وَلَّعَتْ» حموضة المعدة، ، ويبست «شْدُوقِهْ»،
في البيت، ، وهو أفضل مكان يستريح فيه الإنسان من عناء اليوم، ، هو في هم وقلق، ، ولا يريد أحدا أن يحدثه أو يسأله أو يناقشه أو يطلبه داخل بيته، ، لأنه مقطب الحاجبين «ضايق الصدر»، ،
حتى الابتسامة لا يشاهدونها على وجهه، ،
هو «منحشر» خائف من ضياع «الدراهم» أو من ضياع صفقة حقيقية أو وهمية، ،
يأكل وهو «مْبُوبِزْ» وما بين كل لقمة وأخرى كأس ماء يدفع اللقيمات التي يبتلعها بسرعة حتى بدون مضغ، ، فهو «يَزْرِطْ»، ، وأحيانا يأكل وهو واقف أو يمشي، ، وأحيانا يدخل وإذا وُضع الأكل، ، ضرب هاتفه الجوال ثم غادر وترك الأكل وقد يعود عصرا وقد لا يعود إلا في آخر الليل، ،
وقد ينسى وجبة أو وجبتين، والبركة في الفلوس، ،
مثل هذا الشخص المسكين، ، الذي حرم من كل شيء، ، وأبرزها، ، العبادات، ، يصاب بالكثير من الأمراض وهو لا يدري، ، فقد يصاب بالسكر والضغط وأمراض القلب وهو يجحد ذلك، ، وقد يتفاقم هذا المرض أو ذاك ويفتك به وهو سادر في صفقاته، ، وفي «كم نقول؟!» وفي ، ، من يشتري أرضاً «تبي من يحررها؟»،
بل إن أحدهم، ، أخذ أكثر من عشرة مواعيد لدى الطبيب، ، وفي كل مرة يترك الموعد، ، لأنه «مشغول» حتى أغلق ملفه لعدم المراجعة، ، مع أنه يعاني من حالة مرضية ظاهرة، ، ومع ذلك، كانت الفلوس أهم من صحته،
يجمع، ويجمع، ، ويجمع، ، و «يركِّض» هنا وهنا و «يكسِّف بنفيْسِته» ولكن لمن، ، وإلى متى؟!
نحن لا نقول، ، لا تتجهوا للتجارة، ، ولا تجمعوا المال، ،
نحن لا نقول، ، حاربوا المال، ، بل نقول، ، لتكن التجارة بعقل، ، وليكن جمع المال هو الآخر بعقل، ، ولا تنسى الحقوق الأخرى عليك، ،
لا تنسى العبادات، ، ولا تنسى أن لبدنك عليك حقاً، ، وأن لأولادك وزوجتك ومن حولك عليك حقاً، ، وأهم من زوجتك وأولادك، ، إن كان والديك أو أحدهما على قيد الحياة، ، فكيف تفوت على نفسك دخول الجنة كما هو نص حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم،
بل إن بعضهم من شدة لهفته وحبه للفلوس، ينسى حق الله فيها، ، فلا زكاة ولا صدقة ولا تبرع ولا اهتمام بهذا الجانب المهم الخطير،
نسأل الله العافية، ،
إن تلك الأموال التي في رصيدك وحساباتك أو في «تِجُوريِّك» هي ليست لك، ، بل أنت خادم ومراقب لها، ، وليس لك منها سوى ما قدمته من صدقات وزكوات وتبرعات لوجه الله، فهذا ما سيبقى لك من مالك،
أما الباقي، فهو للورثة، ، وقد يقول أحدهم - رحمه الله - وقد لا يقول، ، ، فأنت تعمل، ، وتحترق، ، وتهلك نفسك، و«تركّض» و«تِدْبِكْ» وتحرم نفسك، ، العبادة والأجر، ، وتحرم نفسك الراحة والهدوء والطمأنينة، ، لتجمعها لغيرك، ،

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved