| تحقيقات
* تحقيق/ فارس القحطاني وغازي القحطاني:
تسبب القرار الذي اتخذته الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض بعلم وموافقة من وزارة المعارف في إحداث معاناة كبيرة لعدد من الطلاب وأولياء أمورهم والمعلمين حيث قامت الإدارة في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات واستمرت عليها هذا العام بإصدار قرار ينص على أن يكون بعض المباني المدرسية مشتركة بين مدرستين )القديمة والمحدثة( وذلك عندما يتم إحداث مدرسة جديدة في الحي لحين استئجار مبنى للمدرسة المحدثة الذي يمتد إلى أكثر من سنة وأحياناً سنتين. ويكون الدوام المدرسي مختصراً بالنسبة للمدرستين حيث تبدأ الدراسة لطلاب المدرسة المحدثة بعد صلاة الظهر مباشرة وحتى قبل أذان المغرب.
ولا شك أن وضعاً مثل هذا يكون له أضرار وسلبيات على الطلاب وأولياء أمورهم والمعلمين ولمعرفة كل ذلك قامت «الجزيرة» بجولة على بعض المدارس التي يطبق فيها هذا النظام في مدينة الرياض حيث زرنا مدرسة أبو النعيم الابتدائية التي تشترك في المبنى مع مدرسة عقيل بن أبي طالب الابتدائية ومدرسة ثانوية القاسم بن سلام التي تشترك مع مدرسة متوسطة ابن رجب الحنبلي.
فكان هذا التحقيق:
بداية التقينا الأستاذ خالد محمدالشنيبر معلم التربية الإسلامية بمدرسة ثانوية القاسم بن سلام فقال: إن الطالب يأتي وهو غير مهيأ للدراسة حيث يحضر في الفترة المسائية وبعد الظهر بجسده فقط، وليس بذهنه وجسده معاً مشيراً إلى أن هذا يسبب معاناة للمعلمين في توصيل المعلومات إلى أذهان الطلاب وقد أخطرونا إلى درجة تبسيط المنهج والأسئلة الشهرية لهم ويضيف الأستاذ الشنيبر بأن الحالة النفسية للمعلمين غير مناسبة للتدريس خصوصاً بأن هذا النظام له أكثر من سنتين ولم يتم النظر إلى هذا الوضع حيث تضرر الأساتذة خصوصاً، وأنه يضيع علينا اليوم بأكمله وعند انتهاء الدراسة لا يجد المدرس الوقت لزيارة الأقارب أو قضاء بعض، أموره خصوصاً وأنه في فترة الصباح يوصل أطفاله إلى المدرسة وبعدها يوصل زوجته إلى عملها ولا يشعر الشخص بالوقت حتى يسمع اذان الظهر ومنها ينطلق إلى المدرسة ولا يخرج إلا وقت صلاح المغرب وهكذا يومياً وناهيك عن الاستئذان أوقات الدراسة من أجل احضار الأطفال والزوجة من المدرسة والعمل لتوصيلهم للبيت.
السهر مشكلة
واسترسل الشنيبر قائلاً بأن هذا النظام فتح بابا أمام الطلاب كنا نحاربه منذ مدة ألا وهو «السهر» حيث يجد الطالب متسعاً من الوقت للسهر خصوصاً أنه يدرس عقب صلاة الظهر مباشرة وطول اليوم نائم وبعض الطلاب يسهرون إلى صلاة الفجر وبهذا لا يستطيع تنظيم وقته بين الاستذكار وحل الواجبات والاستعداد للامتحانات. مشيراً إلى أن هذا النظام أوجد علاقات لم نكن نأمل في ظهورها حيث يصاحب الطلاب رفاق السوء الذين لا يدرسون أصلاً والتطبع بطباعهم والاحتكاك بهم مما يسبب انحرافاً في سلوك الطالب، ويعود السبب إلى هذه العلاقة بأن الطالب إذا خرج بعد الدراسة لا يجد أصدقاءه وأولاد جيرانه لأنهم نائمون ولا يبقى سوى من لا مستقبل له ولا هدف فيضطر إلى مصادقتهم والدخول إلى عالمهم المظلم.
نقلوهم إلى مدارس أخرى
* وعن معاناة أولياء الأمور قال الشنيبر إن أولياء أمور الطلاب المهتمين بأبنائهم اضطروا إلى نقل أبنائهم من المدرسة إلى مدارس صباحية حتى لو كانت أهلية وذلك لتجنب مثل هذه العلاقات، ولم يبق سوى الطلاب الذين يعتبر تحصيلهم ضعيفا أو أبناء الحي بسبب أنها المدرسة الوحيدة في هذا الحي.
ضياع اليوم في المشاوير
* والتقينا بأحد أولياء أمور الطلاب وهو المواطن مبارك سعد النزهان الذي شرح لنا معاناته كأي ولي أمر طالب حيث قال إنني أوصل أخواتي في الصباح إلى كلية البنات بالملز وعند الرجوع أحسب حساب توصيل إخواني إلى المدرسة بعد صلاة الظهر ولا أكاد أوصلهم إلى المدرسة إلا وأذهب إلى الملز لجلب أخواتي من الكلية إلى البيت وآخذ قسطا من الراحة حتى يوقظوني من أجل جلب اخواني من المدرسة ويضيع اليوم في «التوصيل والترجيع».
ويضيف النزهان بأن هذه المدرسة هي الوحيدة القريبة من المنزل ومع كل هذه المشاوير لا استطيع إدخاله مدرسة صباحية خارج الحي ولكن في السنة القادمة إن شاء الله سوف أدخله إلى مدرسة أهلية مهما كان سعرها حتى انتهي من هذه المشاوير المضنية.
وعن سلبيات هذا الوضع على الطلاب قال النزهان: إن الطالب يعاني من مشكلة انقطاعه عن التدريس المتواصل حيث لا يستطيع الدراسة إلا حصتين ثم يؤذن العصر وبعدها صلاة المغرب حيث يكون الوقت منقطعاً بين الحصص واستيعاب الطالب يكون ضعيفاً ولا يدرك أو يفهم الدرس جيداً إلى درجة أن إخواني طفح بهم الكيل من هذه الدراسة حيث تكون الدراسة في الصباح جيدة لأن صلاة الظهر تأتي في آخر اليوم الدراسي وفترة الصباح إلى الظهر طويلة يستطيع الطالب خلالها استيعاب الدرس بعكس الدراسة بعد الظهر يكون الوقت فيها متقطعاً بين صلاة العصر والمغرب.
سأنقله إلى أهلية
* كما تحدث أحد أولياء الأمور عيسى محمد آدم عن معاناته وقال: إن هذا النظام المعمول به في المدرسة سبب لي إرهاقاً ومشقة في احضار الأطفال إلى المدرسة وأخذهم منها خصوصاً أن هذه المدرسة بعيدة عن مكان إقامتي، مشيرا إلى أنه حاول ايجاد مدارس صباحية قريبة من البيت علماً بأن هناك ثلاث مدارس ابتدائية قريبة من البيت ونظامها صباحي ولكن رفضوا تسجيل الولد.
وأضاف أنه في حالة استمرار هذا الوضع فسينقل ابنه إلى مدرسة أهلية لكي يرتاح من هذه المشكلة.. مؤكداً أن ذلك سيتم خاصة وأن المدرسة لم تعد بأي شيء سواء باستئجار مبنى أو غيره ولا أعلم إلى متى يبقى الحال على ما هو عليه الآن.
أحرجنا في العمل
* كما التقينا مع أحد أولياء الأمور صلاح سالم حيث أكد أن هذا النظام سبب معاناة لأولياء الأمور قبل الطلاب وذلك لما سببه لنا من إحراج كبير في العمل بسبب كثرة الاستئذان خصوصاً عند بداية الدراسة ونهايتها، مشيراً إلى أنه حالياً يبحث عن أي مدرسة صباحية سواء قريبة أو بعيدة من المنزل من أجل الحرص على استيعاب الولد للدروس، وكما هو معروف أن الدراسة في الصباح أفضل بكثير منها بعد الظهر سواء على عقلية الطفل أو استعداده الجسدي للفهم.
وعن معاناة الطلاب قال إن الطفل لا يستطيع تنظيم وقته بين الدراسة وحل الواجبات من جهة، واللعب من جهة أخرى حيث نعاني من هذه المشكلة كثيراً في البيت بعد عودة الطلاب من المدارس حيث يتزامن وقت عودتهم مع بداية أفلام الكرتون التي لا تنتهي إلا وقت صلاة المغرب بعدها تجد الطالب في المرحلة الابتدائية يغط في نوم عميق وبهذا لا يستطيع حل واجباته بانتظام مثل أقرانه الذين يدرسون في الفترة الصباحية.
أجرة للتوصيل
* من جانبه قال المواطن خالد الشريف ولي أمر طالب إن هذا الوضع سبب لي احراجاً في العمل حيث يبدأ الدوام من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثانية ظهراً وهذا يتعارض مع نظام المدرسة التي تبدأ الدراسة فيها في الساعة الحادية عشرة صباحاً وتكمن المشكلة بأن مقر عملي بعيد عن المنزل لذلك يضطر الطالب إلى أخذ سيارة أجرة لتوصيله إلى المدرسة.
وأضاف أن هذا النظام أدى بالطلاب إلى السهر ليلاً حيث لا ينام الطالب إلا في ساعة متأخرة من الليل لأنه لا يبدأ الدراسة إلا ظهرا.
إنهاك وتعب
وتحدث علي بن حثول القحطاني ولي أمر طالب فقال: إن هذا النظام له سلبيات كثيرة من أهمها تدني مستوياتهم التحصيلية بسبب صعوبة الاستيعاب إلى جانب الارهاق للطلاب حيث يستيقظ الطلاب صباحاً ويبدءون بحل واجباتهم ثم يذهبون إلى المدرسة منهكين.
وأشار إلى إنه أثر على الطلاب سواء من حيث الانضباط في الحضور أو الاختبارات خاصة وأن المدرسة لم توضح لنا بعد موعد الاختبارات النهائية التي ستكون في أيام بداية الحر.
واستمر القحطاني قائلاً بأن المدرسة الحالية يوجد خلفها مباشرة مدرسة ولقد تم اغلاقها ولا نعرف السبب وبدلاً من فتح مدرستين قاموا بدمجهما معاً ووضع نظام الدراسة بعد الظهر علماً بأن المبنى الملاصق لها ينفع ليكون مدرسة كما كانت في السابق ويمكن حل المشكلة التي نعاني منها ويعاني منها الطلاب.
عدم التأقلم مع النظام
* كما التقينا بالطالب بدر محمد الحميداني وقد بانت على وجهه بعد الإنصراف من المدرسة علامات الارهاق حيث حدثنا عما يواجهه من صعوبات من هذا النظام )الدراسة بعد الظهر( فقال: بعد عودة إخواني من المدرسة بعد انقضاء يوم دراسي أذهب إلى المدرسة مشيراً إلى أنه عندما يشاهد الطلاب أثناء خروجهم من المدارس يشعر بنوع من الاحباط النفسي ولكنني اتحمل ذلك في سبيل مستقبلي الدراسي، كما أواجه عدة صعوبات مع النظام من حيث الاختبارات فلم استطع التأقلم مع الوضع ولولا التشجيع الذي لاقيته من عائلتي لانسحبت من الدراسة أو تحولت إلى مدرسة صباحية.
ويضيف الحميداني بأن أحد أهم المعوقات التي نواجهها هو عدم الاستيعاب للدرس بشكل كامل وهذا ما يشكل لنا عائقاً عند الاستذكار استعداداً للامتحانات الشهرية وما يترتب على ذلك من تحصيل الدرجات غير المرضية وهذا بدوره يؤثر سلباً على معدلات النجاح والتحصيل في نهاية العام الدراسي وتدنّي المعدل العام عند التخرج من الثانوية وتأثيره في الحصول علي أي فرصة سواء القبول بالجامعات أو الكليات العسكرية أو المهنية أو المعاهد الفنية أو غيرها.
إلغاء حصص الرياضة
* ويضيف الطالب الحميداني بأن ما يزيد من تردي الحالة النفسية لدينا حرماننا من حصص الرياضة واستغلالها لحساب مواد أخرى وذلك على حساب الترفيه بعد قضاء يوم دراسي حافل بالنشاط الذهني والاستيعاب الدراسي وقد تسبب ذلك في خمول الجسم وعدم وجود نشاط يدب في أجسادنا مع هذا النظام «الحديث».
لا يوجد وقت كاف
* كما التقينا بالطالب عايض القحطاني الذي حدثنا عن سلبيات هذا النظام وقال إنه لا يجد الوقت الكافي لاستذكار المواد التي أخذها في نفس اليوم أو مواد الغد استعداداً للإجابة على أسئلة المدرسين للحصول على درجات المشاركة وأضف إلى ذلك الواجبات المنزلية التي لا بد من اتمامها يومياً وكل هذا ولابد لنا من الذهاب للنوم في وقت مبكر تأهباً لاستقبال اليوم الدراسي الجديد وهكذا فلا أجد وقتاً للمذاكرة ولذلك فإني أركز على الواجبات على حساب المشاركة في الفصل.
وأشار القحطاني إلى أن هذا النظام أدى ألى سهر الطلاب طوال الليل إو إلى ساعات متأخرة منه والاستيقاظ في نهار اليوم التالي وهكذا يصبح النظام لدى الطلاب بعكس أقرانهم في المدارس الأخرى حيث ينقلب نهارهم إلى ليل وليلهم إلى نهار. وهذا بحد ذاته له سلبيات متعددة منها مصاحبة رفقاء السوء لقضاء وقت الفراغ معهم وخاصة رفاق السوء الذين لا يدرسون أو الذين رفضوا الدراسة وما يترتب عليه من انتشار السرقات وغيرها من المشاكل الأخرى والذهاب الى المقاهي والسهر بها إلى وقت متأخر من الليل واستغلال وقت الفراغ الطويل فيها.
معاناتي لها سنتان
* كما حدثنا الطالب رشيد محمد العتيبي وهو من الطلاب الذين اعتادوا هذا الوضع لمدة عامين دراسيين كاملين وقال لقد اعتدت هذا النظام مشيراً إلى أن من مساوئه صعوبة الاستيعاب الدراسي حيث يكون الاستيعاب ظهراً أصعب منه لأن الطالب في الصباح يكون في أفضل حالاته لاستقبال المعلومات وكذلك صفاء الذهن يكون في الصباح لذلك فإن الدراسة في الصباح أفضل بمراحل من الفترة المسائية. وبالمقابل فإن الدراسة في المساء ليس لها تلك الدرجة من الاستيعاب للمواد والاستعداد في حل الواجبات وحفظها والقيام باستذكار اليوم التالي.
كما تحدث الطالب على الشهراني وقال إن معاناتنا مع هذا النظام لا توصف ونتمنى من اليوم أن ندرس في الفترة الصباحية مثل بقية المدارس الأخرى وأشار إلى أنه يجد صعوبة في أداء الواجبات والمذاكرة بسبب ان الانصراف من المدرسة يكون في المساء وبالتالي فإنه يؤدي الواجبات في الصباح كما هو حال بقية الطلاب في المدرسة.
|
|
|
|
|