|
| مقـالات
قبس:
«ليس الكتاب قابلاً للعذر إلا بقدر ما يعلّمنا شيئاً ما»
حكمة فرنسية
تفاجأ وأنت تقرأ كتاب «المثقف العربي والحلم» للأديب عبدالله الجفري بأنه لا يناقش الحلم إلا من زاوية كونه جزءاً من الواقع الذي يحياه الفرد العربي في كل مكان، فالكتاب كما يقدم له الدكتور سمير سرحان ويصفه «دعوة إلى التفكير، وهو مواجهة صريحة للواقع الثقافي العربي بجميع أبعاده يتوجه فيها الكاتب إلى القارىء فيطلب منه ان يفكر معه وان يفكر له ولنفسه، وقبل ذلك وبعده ان يفكر لأمته وأجيالها الصاعدة».
كنت أتطلع حين أهداني الأستاذ الكبير الكتاب إلى أن أتعرف على ملامح «الجفري» التي شكلتها تجارب عديدة ومواقف كثيرة كان يمثل فيها الوجه الجاد والحاسم لكينونة المثقف العربي، لكنني وجدت «الجفري» في كتابه يمد يده اليَّ كقارىء ويدعوني إلى أن أشاركه مهمة البحث عن اتجاه مغاير لواقع لا بد أن يشابه الحلم يوما بما نتأمل ونفكر، نصنع. قدم الكتاب دراسة جادة للواقع الثقافي ولكن بعيدا عن جمود المادة العلمية وقريبا من سلاسة الأسلوب الأدبي دون إغراق في الديباجة التي يعتادها من يناقش قضايا الثقافة والمثقفين، فقد كان أسلوب الكاتب الذي يحترم عقله حين يدعوه للتفكير والنقاش في كل فصل من الكتاب، كان الكاتب يعرض المشكلة ويقترح حلولا تدفعنا الى التفكير بأهمية التحرك ونبذ السلبية. فحين يتحدث عن «أزمة الكاتب والكتاب» يعرض على التلفزيون أن يهتم بالاعلان عن الكتاب وهي فكرة خطيرة لما للتلفزيون من أثر تسويقي كبير وهو حين يتحدث عن «الثقافة ما هي؟» يبدأ من مناقشة محاور ندوات عربية لينتهي بتحديد مقترحات لتربية وفتح آفاق جديدة للشباب وبخاصةٍ فيما يتعلق بضعف مستوى الثقافة العامة لدى الطلاب في الجامعة من البنين والبنات.ميزة الكتاب تجيء من طريقة عرض الأفكار وتسلسلها حتى أنك كقارىء تعرف تماما أنه بالرغم من وعورة الطريق في طرح مواضيع الثقافة والمثقفين إلا أن الطريق سينتهي بك إلى الوصول إلى جوهر الفكرة التي أراد الكاتب أن يشغل عقلك بها ويحظى باهتمامك واستيعابك للقضية المطروحة.المغري في كتاب «الجفري» هو الموازنة التي استطاع أن يصنعها بين تقديم المعلومة ومناقشتها في قالب تنويري جميل فلم يطغ أي من الجانبين على الآخر، ولئن كان البعض ينتقد الكتّاب في استهلاكهم للأفكار، فقد قدم «الجفري» في كتابه الدليل على أصالة الكاتب حين يقتحم سوق التأليف في الألفية الثالثة بكتاب يحوي كمّاً هائلاً من المعلومة والاستشهاد بأقوال ومواقف تستحق أن نقف طويلا لتأملها والاستفادة منها. وكأن الجفري بقامته الطويلة يقدم فكره لكل الأجيال حتى ذلك الجيل الذي اقتحم اهتماماته الحاسوب والإنترنت.شكراً أستاذي الفاضل عبدالله الجفري، كان الكتاب أجمل إهداء لعقلي.
|
|
|
|
|
